خرج الوضع العام في مؤسسة الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة الوطنية عن السيطرة من جديد؛ بعدما اعتقد المتتبعون بأن مؤشرات الانفراج تلوح في الأفق ، عندما شرعت الإدارة في عقد سلسلة لقاءات دورية مع النقابات الثلاث الممثلة لمختلف فئات المهنيين العاملين، وهي النقابة الوطنية للصحافة المغربية، الفيدرالية الديمقراطية للشغل، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل. أسباب التوتر الجديد لخصها عزوز شخمان عضو المجلس الفدرالي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية في اتصال لـ>التجديد< في عدة محاور أهمها؛ إصرار الإدارة على فرض قراراتها بشكل أحادي، ومحاولاتها توريط النقابات في تبني مجموعة من الإجراءات لا تستجيب حتى إلى الحد الأدنى من مطالب وحقوق العاملين الإعلاميين؛ سواء في ملف الترقيات أو ملف امتحان الكفاءة المهنية أو ملف نظام التعويضات، والساعات الإضافية والليلية، فضلا عن تجاهلها التام للملف المطلبي الأساسي المتمثل في مراجعة وإصلاح القانون الأساسي الانتقالي الحالي الذي يقول عنه شخمان بأنه أعد بشكل متسرع وغير محكم يطغى فيه الجانب الإداري على الجانب المهني؛ يعتبر فيه الصحفي الإعلامي الطرف الأضعف في حلقة الفئات التي شملتها الهيكلة الجديدة التي أعطت الأولوية لتراكم المسؤوليات الإدارية التي أفرزت جيشا من المسؤولين تجاوز عددهم 150 ما بين مدير مركزي ومدير ورئيس قطاع ورئيس مصلحة، في الوقت الذي تعتمد فيه مؤسسات مماثلة على مفاهيم ومقاييس كونية معمول بها في كل الدول من بوركينافاسو إلى أمريكا التي تعطي الأولوية والأهمية للإعلامي المهني الذي يعتبر قطب وعصب المؤسسة الإعلامية، والمسوق الأساسي لمنتوجها، وبالتالي تكون العناية بحقوقه المادية والمعنوية وتوفير مناخ ووسائل العمل الكاملة والملائمة له من واجبات هؤلاء المسؤولين، بينما العكس هو الذي يلمس حاليا في الإذاعة والتلفزة. واستنكر شخمان بشدة تملص الإدارة من دعوة الوزير الأول الذي دعا الإدارات إلى مباشرة الحوار الاجتماعي مع الفرقاء، واعترف بتفاقم الإفلاس المهني والمادي، وارتفاع حالة الإحباط لدى أغلب فئات العاملين، ونفى وجود حوار تفاوضي جاد ومسؤول. مؤكدا أن ما يقع حاليا بين الإدارة والنقابات هو مجرد لقاءات وتبادل للأحاديث، ولا تعتمد على جدولة زمنية ولا محاضر ولا التزامات من قبل الإدارة لتلبية المقترحات النقابية التي تطالب الإدارة بالتراجع عن خروقاتها القانونية والمالية، والحد من سياستها الرامية إلى الإجهاز على مكتسبات وحقوق العاملين، خاصة أولئك الذين يطلق عليهم سكان الإذاعة والتلفزة الأصليون. وقال شخمان: نحن نطالب بعقد اتفاقية جماعية ملزمة وفق قانون مهني إطار يصون المكتسبات السابقة بل يعززها. وتساءل: كيف يعقل ألا تكون لنا نفس الوضعية التي يحظى بها زملاؤنا في القناة الثانية؟. من جهة ثانية اعتبر أن المؤسسة تعاني من ثقل إداري يكبلها مهنيا. وهناك أزيد من 43 في المائة من الأطر العليا في المؤسسة أغلبهم يقبع في المكاتب والكولوارات ويتناوبون عن السفريات والخرجات. وبدل أن تقوم الإدارة بالإنصات الجيد إلى نبض العاملين والتعاطي الإيجابي مع النقابات الثلاث؛ لجأت إلى تأسيس منتدى للأطر لإحداث مزيد من التشويش. وتساءل شخمان بسخرية يغلفها السواد:لم نعد ندري هل نحن نعيش مرحلة انتقالية أو مرحلة انتقامية في شركة أصبح همها الأساسي هو تفريخ كم هائل من المدراء والمسؤولين الإداريين، بدل التفرغ لحل المشاكل الحقيقية للمهنيين؛ أملا في إنتاج مادة إعلامية عمومية جادة ومفيدة تستجيب لشروط الجودة والتنافسية التي تعتبر السبب الوحيد لتحول الإذاعة والتلفزة المغربية إلى شركة مجهولة الاسم لا ينقصها سوى مدقق للحسابات .