تعيش مجموعة من أحياء مدينة الدارالبيضاء يوميا على إيقاع حدوث اعتداءات إجرامية في حق البيضاويين، أبطالها منحرفون ولصوص ومتسكعون تحكموا في الوضع. وتحولت بعض لأحياء التي يحتلونها إلى محميات، الداخل إليها يخشى على نفسه الإيذاء والضرر، وخاصة الساحات الفارغة التي تقطع الجسم الترابي للعاصمة الاقتصادية، والتي أصبحت مرتعا آمنا وقاعدة خلفية لهم يفعلون ما يريدون وكما يشتهون. استحسنت كثير من الشهادات التحركات الأمنية التي شهدها شهري شتنبر وأكتوبر المنصرمين، وطالبت بتكثيف الحملات والدوريات حتى لا يسرق هؤلاء الخارجين عن القانون نعمة الأمان والاستقرار النفسي منهم. سرقة صباحية مولاي رشيد وللا مريم وسيدي مومن ودرب الكبير ديور المان... أحياء تعرف انفلاتات أمنية يومية تتعدد مظاهرها وأشكالها، بالنظر إلى ما يترتب عنها من انعكاسات اجتماعية وأضرار مادية وجسدية وخيمة. ويعاني درب الطلبة بتراب عمالة مقاطعات الفداء ـ مرس السلطان من انفلات أمني يصفه بعض سكان الحي، بالخطير، وذلك من خلال تنامي مختلف مظاهر الجريمة ، كما يجسد ذلك اعتراض سبيل المارة وسلبهم ما بحوزتهم من أموال وهواتف نقالة تحت التهديد بالسلاح الأبيض! يتم تنفيذ عمليات الاعتداء ابتداء من الساعة السادسة صباحا، فترة الذهاب إلى مقرات العمل، وذلك حتى حدود الساعة التاسعة صباحا. وحسب شهادة البعض من ساكنة هذا الحي؛ فإن المرور من الزنقة 12 والأزقة المتفرعة عنها، وهي الزنقة : 8/22/17/14 يعتبر مجازفة لا يمكن التنبؤ بعواقبها خلال هذا الوقت، وقد يصل الأمر إلى حد الاغتصاب! والجناة لا يميزون بين أبناء الحي وغيرهم، وذلك تحت تأثير الخمر والأقراص المهلوسة. يحكي أحد السكان لـالتجديد قائلا: تعرض حارس ليلي أخيرا قرب صيدلية الشاوي إلى التهديد، حين حاول التدخل لمنع اعتداء على سيدة. وما يميز الحي السكر العلني وتجارة المخدرات في الشارع العام من قبل بعض المنحرفين وأصحاب السوابق إلى جانب حلقات القمار، والتي تستمر حتى مطلع الفجر، ليشرع كل من أفلس في استرجاع ما ضاع له والضحية هو المواطن. كما أن أي مشادة كلامية غالباً ما تنتهي بين المنحرفين بنزاعات تستعمل فيها السكاكين والسيوف. عاش أزيد من 100 ألف نسمة بحي التشارك بمقاطعة سيدي مومن ،على إيقاع جرائم متعددة ومختلفة، إذ عرف الأسبوع الأول من شهر أكتبر الماضي أكثر من خمس حالات اعتداءات خطيرة نفذها منحرفون ومجرمون من ذوي السوابق الإجرامية الذين رفعوا من نشاطهم الإجرامي؛ في ظل محدودية التدخلات الأمنية. وكان آخر هذه الجرائم ما وقع الأسبوع الماضي؛ بعد أن أقدم شاب في العشرينات من عمره بحي الولاء بذبح صديقه من الوريد إلى الوريد بعد أن نشبت بينهما خلافات، ثم وضع حدا لحياته منتحرا في منزله بحي زرهون. ويوما بعد هذه الواقعة، اعتدى أحد المنحرفين الذين لعبت الخمرة بعقله على خمس سيارات أجرة بمحطة وليلي، حيث هشم زجاجها. لهذا كله؛ فإن سكان العديد من الأحياء أصبحوا يفكرون في تنظيم مسيرة نحو مقر العمالة، وإلى مقر أمن درب السلطان ـ الفداء وإلى مقاطعة الفداء، للمطالبة بوضع حد لهذا الانفلات الأمني الذي أصبح يهددهم. وبالشريط المحاذي لحي مولاي رشيد تنشط في واضحة النهار حركة السطو على ممتلكات المواطنين؛ خاصة النساء منهم. ونموذج على ذلك؛ اعتداء مجرم على تلميذة بالثانوية التأهيلية العقاد 17 سنة بشفرة حادة على خدها حتى بدت نواجدها، انتقاما منها على رفضها تسليمه حذاء رياضيا تصل قيمته 600 درهم. كما سلب آخر نهاية الأسبوع الذي ودعناه قرب محطة الحافلات هاتفا نقالا ومبلغ 2000 درهم لفتاة؛ مستغلا الازدحام الذي يشهده المكان عند خروج العمال من الحي الصناعي لحي مولاي رشيد. مشاهد سينمائية يستغل اللصوص الإشارات الضوئية للقيام بعمليات خطف وسرقة. يقولع توقفت سيارة وسط السيارات عند إشارة الضوء الأحمر، وفي لحظة أحاطت بها دراجتان نزل أصحابهما حاملين سيوفا، وفتحوا باب السيارة وأخرجوا السائق ونهبوا منها ومنه كل ما أرادوا أمام مرأى ومسمع عدد كبير من المواطنين؛ أصحاب السيارات الواقفة الذين بادروا في الحين إلى إغلاق نوافذ سياراتهم والتحكم في أبوابها، والراجلين، وركاب بعض الحافلات! الكل تتبع العملية في سكون وهدوء، وكأنهم يعاينون بعض المشاهد السينمائية التي تصور أمامهم... لاذ اللصوص بالفرار في اتجاه وجهة أخرى وصيد آخر، ليحضر بعدهم شرطي المرور، لكن بعد فوات الأوان! وتستغرب كثير من البيضاويين أن دوريات الأمن لا تحضر إلا إذا تطور النزاع وتحول إلى مواجهة دموية بين هؤلاء، كما أن المعربدين الذين قد يُلقى عليهم القبض غالبا ما يفرج عنهم في أجل أقصاه، حسب شهادة أبناء الحي، ثلاثة أيام من اعتقالهم ليستأنفوا ومن جديد سلوكات العربدة والإرهاب. وفي المقابل نوه كثير من الساكنة بالتدخلات الأمنية في الآونة الأخيرة وتكثيف الدوريات لردع ومنع المجرمين من القيام بأعمالهم الدنيئة. وصرح مسؤول أمني بسيدي البرنوصي أن هذه الحركة أسهمت في شد الخناق عليهم، وأسفرت في الشهر المنصرم عن إلقاء القبض على أكثر من 50 مجرما، وأن نسبة الجريمة انخفضت بشكل واضح إذا ما قورنت بالشهرين المنصرمين، مشددا على ضرورة تعاون المواطنين للضرب على أيدي هؤلاء. وأكد بعض المستجوبين على ضرورة اضطلاع الخطباء والعلماء والتلفزة بدورهم في التحسيس والتوعية بهذا المشكل الاجتماعي.