تعهد باراك اوباما بعد انتصار تاريخي جعل منه اول امريكي اسود يصل الى البيت الابيض بالتصدي للتحديات العديدة التي تواجهها بلاده ولكن الرجل الذي اطلق دعوة للتغيير وعاصفة من الامل ازاحت في طريقها غريمته الديموقراطية هيلاري كلينتون وخصمه الجمهوري جون ماكين اكد انه سيكون حذرا. وقال اوباما، في اول خطاب له كرئيس منتخب امام عشرات الالاف من انصاره الذين انهمرت دموعهم وهو يعيد تاكيد شعار حملته نعم .. نستطيع، اعرف انكم لم تفعلوا هذا لمجرد الفوز في الانتخابات، واعرف انكم لم تفعلوا هذا من اجلي. لقد فعلتموه لانكم تدركون جسامة المهمة التي امامنا. وتابع حتى ونحن نحتفل، نعلم ان التحديات التي سيجلبها لنا الغد هي الاكبر في حياتنا: حربان وارض في خطر واسوأ ازمة مالية خلال قرن. وفي مواجهة هذه التحديات الرئيسية الثلاثة كما في قضايا اخرى من بينها مسالة اغلاق معسكر غوانتانامو، فان كلمة السر التي يعتمدها باراك اوباما هي الحذر. وسيتعين على اوباما اولا ان يتعامل مع اسوأ ازمة اقتصادية تعيشها الولاياتالمتحدة ومعها العالم باسره هي الاكبر منذ الكساد الكبير في العام .1929 ويهدد الركود الاقتصاد الامريكي فيما بلغت نسبة البطالة 6,1 في المائة ووصل العجز العام للموازنة الامريكية 445 مليار دولار خلال السنة المالية التي انتهت في سبتمبر وهو يعجز يتوقع الخبراء أن يتصاعف في السنة المالية المقبلة. ولانعاش النمو الاقتصادي وعد الرئيس المنتخب خلال حملته الانتخابية بخلق خمسة ملايين وظيفة جديدة من خلال استثمارات في مجال الطاقة المتجددة ومليوني وظيفة اخرى عبر مشروعات بنية اساسية كبيرة. كما انه تعهد بتخفيضات ضريبية لـ95 في المائة من الامريكيين الذين يقل دخلهم عن 250 الف دولار سنويا وهو يامل في ان يؤدي ذلك الى انعاش الاستهلاك وبالتالي تحفيز النمو. كما يعتزم اوباما تقديم خطة فورية للكونغرس الذي يسيطر عليه الديموقراطيون لتخصيص 60 مليار دولار لمساعدة الأسر الامريكية على سداد اقساط قروضها العقارية. لكن اذا كان لدى الرئيس المقبل للولايات المتحدة رؤية واضحة للخطوط العريضة للتعامل مع الأزمة الاقتصادية فانه لم يضع بعد سياسات محددة تجاه القضايا الخارجية. وفي ما يتعلق بالقوات الأمريكية من العراق، التي كانت دعوته الى سحبها في أسرع وقت ممكن، نقطة الانطلاق والارتكاز الرئيسية لحملته الانتخابية من اجل نيل ترشيح حزبه اولا ثم للفوز بالرئاسة، فان اوباما يكرر منذ عدة اسابيع انه يريد انسحابا مسؤولا لقوات بلاده يتيح انهاء هذه الحرب التي تكلف الموازنة الامريكية اكثر من عشرة ملايير دولار شهريا. غير ان اوباما لم يشر في تصريحاته الاخيرة الى مهلة محددة لسحب هذه القوات رغم ان مستشاريه يتحدثون عن جدول زمني لعودة الجنود الامريكيين الى بلادهم في غضون 18 الى 24 شهرا. وقال مدير برنامج الشرق الاوسط في مجموعة الازمات الدولية روبرت مالي لوكالة فرانس برس ان اوباما يريد انسحابا حذرا من العراق يتيح الحفاظ على مصداقية الولاياتالمتحدة ولا يترك هذا البلد في حالة حرب. وفي ما يتعلق بالملف الافغاني، فان الرئيس المنتخب يفضل التريث كذلك. وفي مقابلة مع شبكة سي ان ان قبل اربعة ايام من الانتخابات، قال اوباما ان الوضع في افغانستان سيكون في صلب اهتماماته ولكنه امتنع عن تحديد السياسة التي سينتهجها هناك. وردا على سؤال حول ما اذا كان سيشجع الحوار مع ما تسميه واشنطن العناصر المعتدلة في حركة طالبان وهو ما يميل اليه حاليا قائد القوات الامريكية في افغانستان ديفيد بترايوس، قال اوباما انه يريد اتخاذ مواقف مدروسة وانه سيتحدث مع الجنرال بترايوس والقيادات الامريكية على الارض قبل اتخاذ اي قرار. وسئل اوباما كذلك عما اذا كان يمكنه تحديد موعد لغلق معسكر غوانتانامو، الذي تعهد بتصفيته بعد الانتخابات، فاكد كذلك انه لا يريد التسرع. وقال انه سيكون حذرا في اتخاذ قرار الاغلاق لانه يريد اولا دراسة ملفات كل المحتجزين في غوانتانامو والتاكد من انهم لا يشكلون خطرا على امن الولاياتالمتحدة ومن انه ستتم محاكمة من توجد ادلة ضدهم. ورغم الحذر، فان الرئيس الامريكي المقبل، خلافا لسلفه، لا يريد للولايات المتحدة ان تكون عدوانية او ان تنتهج سياسات احادية. وفي خطابه الاول ابلغ رسالته بوضوح: الى جميع من يشاهدوننا بعيدا عن سواحلنا من داخل البرلمانات والقصور أو قرب اجهزة الراديو في الزوايا المنسية من عالمنا، اقول ان قصصنا منفردة ولكن مصيرنا مشترك وقد بزغ فجر جديد في القيادة الاميركية. والى من يريدون تمزيق هذا العالم، نقول سنهزمكم. والى من يسعون الى السلام والامن نقول نحن ندعمكم.