كشفت إحصائيات لوزارة العدل، نشرت أخيرا، عن معيطات صادمة بخصوص مسطرة الصلح في كل من الطلاق والتطليق، فمن أصل 66 ألفا و958 طلبا بالتطليق معروض على المحاكم؛ لم يتم إعمال الصلح إلا في 6 آلاف و244 حالة، أي بمعدل 9,3 بالمائة، ولم تنجح حالات الصلح في طلبات التطليق للشقاق البالغة 58 ألفا و237 ، إلا في 5 آلاف و847 حالة، فيما لم يتجاوز عدد حالات الصلح في طلبات الطلاق سوى 8 آلاف و512 من أصل 27 ألفا و904 حالة طلاق مسجلة برسم سنة .2007 هذه المعطيات تكشف محدودية مسطرة الصلح التي نصت عليها مدونة الأسرة في المادة 82 كأحد العناصر الفعالة للإصلاح ما بين الزوجين والتقليص من نسبة الطلاق، إذ نصت على أن للمحكمة أن تقوم بكل الإجراءات، بما فيها انتداب حكمين أومجلس العائلة، أو من تراه مؤهلا لإصلاح ذات البين، كما نصت على أن للمحكمة أن تقوم بمحاولتين للصلح تفصل بينهما مدة لا تقل عن ثلاثين يوما في حالة وجود أطفال. وفي تعليق لها على هذه الأرقام قالت جميلة مصلي عن منتدى الزهراء: هذه نتيجة طبيعية لعدم تفعيل المادة 82 من المدونة، وعزت المصلي سبب محدودية مسطرة الصلح في التقليص من نسب الطلاق إلى عدم إشراك المحكمة للجمعيات المهتمة بالصلح بين الزوجين، والتي حققت نتائج إيجابية في هذا المجال، كما أرجعت الأمر إلى ضعف البنيات التحتية للمحكمة، وعدم أهلية فضائها لإجراء الصلح، وقالت المصلي: لا يمكن أن ننتظر من قاض أرهق بالمئات من الملفات أن تكون له القدرة على تفعيل مسطرة الصلح بالشكل الذي تتطلع إليه مدونة الأسرة. نفس التفسير قدمه منتدب إقليمي بالرباط، فقد اعتبر أن مسطرة الصلح غير مفعلة قانونيا؛ نظرا للصعوبات التي تطرحها على المستوى العملي، القضاة حسب هذا المنتدب القضائي الإقليمي؛ بحكم التزامهم بالبت في عدد هائل من الملفات؛ يحكمهم في التعامل مع المادة 82 من مدونة الأسرة الهاجس المسطري أكثر من الهاجس الاجتماعي. من جهته عزا الأستاذ محمد أحداف المحامي بهيئة الرباط أسباب ضعف مؤسسة الصلح إلى تغييب الدور الاجتماعي للقضاة في عملية تأهيل الأجهزة القضائية بالمغرب، وإلى غياب مؤسسة المساعدة الاجتماعية التي تضطلع بدور مساعدة القضاء وتقوية دوره الاجتماعي، وقال أحداف: لا يمكن أن ينجح الصلح في تحقيق أهدافه الاجتماعية في ظل غياب جهاز آخر مساعد للقضاء يضطلع بدور المساعدة الاجتماعية