ثمة حكمة قديمة كشفتها خبرة عشرينيات القرن الماضي، عندما ارتكزت مشاريع تقسيم وصنع خريطة المنطقة العربية على خرائط النفط وحسابات مصالح ما سمي آنذاك بالأخوات السبع، والتي شملت الشركات النفطية العالمية الكبرى آنذاك، ومنذ ذلك الحين ومشكلات التجزئة مرتبطة بامتداد شركات النفط ومصالحها، وآخرها ما يجري في السودان. مناسبة هذا الكلام هو ما كشف أخيرا عن علاقة المؤسسة غير الحكومية الأبرز في نصرة جبهة البوليساريو وهي مؤسسة منتدى الدفاع في تلقيها لتبرعات من مؤسسة قرطاج الخيرية والتي هي جزء من مؤسسات عائلة سكايف الخيرية والممولة من الميليادير النفطي ريتشارد ميلون سكايف، والذي كان من ملاك غولف أويل كومباني، قبل أن تشتريها شيفرون في ,1984 وللعلم ف GULF OIL COMPANY هي من الأخوات السبع التي تأسست في سنة 1907 واشتغلت في تركيا وكان من مؤسسي شركة نفط الكويت في 1934 بعد أن باعت حصتها في شركة بترول العراق في نفس السنة. المهم أن مؤسسة منتدى الدفاع ناشطة منذ التسعينيات لمصلحة البوليساريو وعملت على تقديم شهادات في الكونغريس و في الأممالمتحدة ضد المغرب، وأسهمت بفعالية في تنظيم زيارات لموظفي الكونغريس لمخيمات تندوف ، فضلا عن نشاطها الإعلامي والدعائي في صفوف سفراء ومسؤولين بالولايات المتحدة، يكفي أن نقدم هنا نموذجا عن فعاليتها بالإحالة على الزيارة التي نظمت في نهاية ماي 2007 لمجموعة من موظفي الكونغريس والمساعدين التشريعيين لأعضائه، والتي استغرقت أسبوعا في اتجاه مخيم تندوف وكلفت ما يفوق 1800 دولار عن كل مشارك في الرحلة، ضمنهم كان فيليب دينبي مساعد السيناتور جيم ديمنت، هذا الأخير لم يوقع على رسالة نصرة البوليساريو لشتنبر 2006 لكن بعد هذه الرحلة وفي غشت 2007 صدرت رسالة موجهة للرئيس الأمريكي حملت توقيعه وتدعو إلى إعمال تقرير المصير بعد أن صدرت مواقف الإدارة الأمريكية الداعمة لمشروع الحكم الذاتي، المثير في كل ذلك أن المؤسسة تلقت في نهاية 2006 أي خمسة اشهر قبل رحلة تندوف ما قيمته 60 ألف دولار تبرعا من مؤسسة قرطاج المشار إليها آنفا. ليس ما سبق سوى عينة لنوعية الجهود التي تتخذ لها غطاء حقوق الإنسان، في حين هي مرتبطة بمشاريع ومؤسسات كبرى لم يكن هذا الموضوع جزءا من برنامجها، بل ليست سوى مستغلة له فيما يخدم مصالحها، كما يفسر جزءا من الرهانات الدولية الكامنة خلف الستار، فاستمرار النزاع هو في جزء منه تعبير عن إرادات ومصالح اقتصادية يصعب تجاهلها، وبدون الانتباه لها يصعب البدء في حل جذري للنزاع، وعوضا عن ذلك نستمر حطبا لمصالح نفطية عالمية.