انتهى الأسبوع الماضي على وقع تفاعلات انقلاب العسكر بموريتانيا، إلا أن ما شهدته الجزائر من تفجيرات مدانة لا يقل عنه خطورة؛ لما كشفه من تطور وامتداد لا يمكن لأحد أن يدعي الأمان منه. الحصيلة بحسب ما نقلت يومية الخبر كانت 17 قتيلا و71 جريحا في منطقة القبائل منذ يونيو الماضي، وآخرها عمليتي الأسبوع الأول من غشت. ففي ليلة الأحد الماضي استهدفت عملية مركزا للدرك بمنطقة زموري الساحلية، وخلفت 8 قتلى و19 جريحا، وقبلها بأسبوع اتجهت عملية لتفجير مركز للاستعلامات العامة للشرطة بتيزي وزو وخلفت جرح .25 ما يقع في الجزائر يحمل رسائل متعددة من الواجب الوقوف عندها وأخد العبرة منها، أولى هذه الرسائل أن الحملة الأمنية الجزائرية فشلت، وأن الواقع يعرف تصعيدا في العمليات، وتوسعا في المناطق المستهدفة، وأن الحديث عن إنهاء الخطر وبقاء جيوب هامشية له مجرد أوهام لا تسنده المعطيات الملموسة على أرض الواقع، ولهذا كان تصريح علي بلحاج معبرا، فبعد ذهابه مع مسؤولين من الأمن إلى المستشفى لتفقد قتلى التفجير الأخير، والتأكد من احتمال وجود إبن له ضمن المنفذين، حيث قال لو شاهد الرئيس بوتفليقة ما شاهدت لحزّت في نفسه تلك الصور المروّعة، ولسارع إلى البحث عن حل حقيقي وجاد لهذه الأزمة، تجنبا لسقوط المزيد من أرواح شبابنا، سواء الذين صعدوا إلى معاقل السلاح أو الذين يوجدون في صفوف قوات الأمن، والرسالة واضحة هنا من أن الحل هو حل سياسي شمولي لا جزئي وموسمي، قبل أن يكو ن أمنيا ، وكل تنكب عن النظر فيها لن يؤدي سوى إلى إدامة المشكل، وما يعنيه من استمرار لحصد مزيد من الأبرياء. لقد دخلت الجزائر أتون حرب أهلية أتت على خيرة شبابها وخلفت جروحا ومآسي، ولم يقع الخروج الجزئي منها سوى بعد مبادرة الوئام وقانون المصالحة، واليوم نعتقد أن الجزائر محتاجة إلى مبادرة جديدة تعيد البلد إلى المسار الديموقراطي الحقيقي. أما الرسالة الثانية فهي ما صدر من تحليلات بعد التفجير الأخير، والتي وصفها البعض بأنها تعبير عن دخول هذا التنظيم مرحلة التحدي والمواجهة للدولة، وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار وضعه لأهداف جهوية تشمل البلدان المغاربية، وإقدامه على شن حملات دعائية تعبوية لمشروعه في المنطقة؛ فذلك يطرح تحديا على باقي الدول ومنها المغرب، من هنا لا نتردد في اعتبار الوتيرة التصاعدية لتفجيرات الجزائر رسالة للمغرب كذلك، بمختلف مؤسساته الرسمية والمدنية، مما يقتضي أخد العبرة قبل فوات الأوان، خاصة بعد أن طرحت مبادرة محلية انبثقت عن لقاء لرئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان أحمد حرزني مع منتدى الكرامة؛ من أجل إيجاد مخرج لعدد من الجوانب الإنسانية والملحة في قضايا ما يسمى بالسلفية الجهادية، واعتماد سياسة للعفو تطوي صفحة تفجيرات 16 ماي الإرهابية.