قال الدكتور عبد الوهاب المسيري في آخر حوار نشر له حول نظام القيم ومركزيته في البناء الحضاري، إن الدين إلى جانب كونه يُمثل حقيقة روحية لا معنى للحياة بدونه، حيث يُشكل مقولة تحليلية متكاملة، وعنصرا أصيلا من الكيان الإنساني التاريخي، ليس عارضا ولا منفصلا عنه. وشدد في هذا الحوار الذي أجرته معه مجلة الإحياء التي تصدر عن الرابطة المحمدية للعلماء على ضرورة التمييز بين النص الديني وبين التراث الثقافي، مؤكدا أن النص المقدس أساس كل حضارة، وأنه لا يمكن تصور الوجود الإنساني دون مقولات قَبْلِية. من ناحية أخرى؛ أشار المسيري إلى أن الانفتاح على العالم بمختلف تجاربه ورؤاه، وليس على العالم الغربي فحسب، يمكن أن يسعفنا في أن نستوعب وندرك ونرى الحقيقة الإنسانية في غناها وتعددها، وهكذا يغدو الغرب نسبيا وليس مطلقا؛ نتعلم منه ونتفاعل معه بإرادتنا وبكامل وعينا وخصوصيتنا. وفي تصوره للعلاقة بين الديني والمدني أوضح المسيري أنه لا يمكن الفصل بين المدني والسياسي عن الديني، ما دام الدين يحيل على منظومة القيم الأخلاقية الضابطة للسلوك الاجتماعي. كما أن المجتمعات الإسلامية كانت تاريخيا مجتمعات مدنية تقوم حياتها بشكل أساسي على المبادرة الأهلية خاصة في اطار المؤسسات الوقفية في شبه انفصال عن الدولة. لكن يجب ان لا يكون الانفصال بين الدولة والمجتمع المدني كاملا كما لا يجب ان يكون الاتصال بينهما عضويا مستحكما، يجب ان تكون هناك مسافة تسمح للناس بالتحرك المدني. وكان ملف العدد الجديد لمجلة الإحياء قد خصص لموضوع الوحي والعالم:رؤى ومقارباتشارك فيه ثلة من العلماء والباحثين والمفكرين من داخل المغرب وخارجه.