يقدم المؤتمر السادس لحزب العدالة والتنمية والمقرر انطلاقه يوم السبت 19 يوليوز 2008 بالرباط محطة لاستشراف آفاق تجربة المشاركة السياسية المنبثقة عن التيار الإسلامي، والتي أنتجت نموذج الحزب السياسي ذي المرجعية الإسلامية والمعني بقضايا تدبير الشأن العام. قد ينظر بعض المراقبين والسياسيين للمؤتمر باعتباره مجرد محطة سياسية وتنظيمية حزبية، وهذه نظرة قائمة ولا يمكن تجاهلها، إلا أن هناك نظرة أشمل تتجاوز التفصيلات الجزئية حول بعض القضايا الجارية في الصراع السياسي أو التقاطبات الحزبية الضيقة، وهي التي تعنينا في يومية التجديد ، حيث يمثل دعم خيار المشاركة السياسية في صفوف التيار الإسلامي عامة باعتبار أن المشاركة والانفتاح على أساس من منهج الوسطيةو والاعتدال مدخلا اساسيا لتعزيز قوى الصف الوطني في مواجهة تحديات التجزئة والتخلف والتبعية للخارج، ولهذا بقدر يتقدم هذا الفكر ويتوسع ويمتد في المحيط المغربي بقدر ما يكون العائد والناتج مكسبا للمغرب مجتمعا ودولة، وهو ما تجسده التجربة الحالية لحزب العدالة والتنمية وكذا التوسع الذي يعرفه حملة هذا المنطق في عدد من القوى الحزبية الوطنية ضدا على منطق الإقصاء والاستبعاد والتطرف، وهي قثضية اساسية بالنسبة لمستقبل الديموقراطية والتعددية بالمغرب. ومن وجهة نظر استراتيجية وحضارية فإن المؤتمر ينعقد في ظرفية حرجة واستثنائية، من ناحية هناك تصاعد التوجه المعادي للمشاركة السياسية للإسلاميين في المنطقة العربية باستثناء حالة الاختراق المؤقتة لإسلاميي موريتانيا في حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية، والتي يبدو أن مناخ التحفظ نقلها خارج العمل الحكومي، ومن ناحية أخرى فإن الوضعية السياسية التي يعيشها المغرب، بعد فشل أو إفشال مؤتمر الاتحاد الاشتراكي، والترهل المتنامي في الجسم الحزبي في مقابل حالة النفور في الوسط الحزبي من مشروع حركة لكل الديمقراطيين ترفع من حجم المسؤولية الملقاة على الفاعلين الحزبيين من أجل إحداث مصالحة عميقة بين المواطن والسياسة بعد كارثة العزوف الانتخابي في انتخابات شتنبر 7002 والذي فاق 57 في المائة. كل ذلك يضع المؤتمر في سياق استراتيجي كبير يتجاوز مجرد تدبير انتخاب القيادة القادمة أو حسم أطروحة المؤتمر. إنه من غير الممكن الرهان على مغرب ديمقراطي من غير إشراك حقيقي لقواه السياسة الفاعلة، ولا يمكن الحديث عن دعم المكتسبات السياسية والحقوقية والإعلامية في ظل تنامي نزعات الهيمنة السياسية والإقصاء. من هنا يبدو الترابط بين الاستراتيجي والسياسي في محطة المؤتمر السادس لحزب العدالة والتنمية، على نحو يصبح فيه دعم خيار المشاركة المؤسساتية أولوية كبرى، كما يصبح الانفتاح على مكونات الساحة السياسية شرطا ضروريا لإنجاز الإصلاح.