لا يمكن لدولة أن تشتغل بمعزل عن دول أخرى، كما لا يمكن إغفال أن من بين مكونات الاقتصاد الوطني يوجد العمل الجمعوي أو ما يصطلح عليه بالاقتصاد الاجتماعي، وهذا من محاور الاشتغال التي يتم التنسيق فيها بين الدول، إلا أن ما يمكن قوله بخصوص التمويل الأجنبي للجمعيات هو أن بعض التمويلات تصرف في اتجاه نشر ثقافات معينة قد تكون مخربة أو تمييعية أو تؤدي بالجهات المستفيدة إلى الانحراف شيئا ما. ومن وجهة نظري بخصوص التمويلات الأجنبية للعمل الجمعوي فينبغي البحث عنها أولا للاستفادة منها والسير بها في المسار الصحيح وفق الثقافة التي نؤمن بها. هناك من يعتبر تمويل العازل الطبي يحارب انتشار الأطفال المتخلى عنهم، في حين أن هناك من يرى أن مجرد تمويل مشروع العازل الطبي يعني نشر الرذيلة والفساد. ومن الناحية الاقتصادية، التمويلات الأجنبية تقوي النسيج الجمعوي وتقوي الآثار الاجتماعية له، ولكن هذه التمويلات لها شروط من بينها الشفافية ومصداقية النسيج الجمعوي، والسؤال المطروح هو: هل التمويلات الأجنبية التي ترنو إلى تطبيق أهداف تنموية، يتم توجيهها فعلا إلى تلك الأهداف؟ وهل المشاريع التي تبنى عليها التمويلات الأجنبية تخضع لمراقبة تحدد مدى استفادة الجهة التي من أجلها تم تمويل الشمروع؟ أما الدولة فمن حقها مراقبة الأموال الواردة من الخارج لأنه من المعلوم أن التوازن النقدي يتأثر بالأموال الواردة من الخارج، والبنك المركزي لابد له أن يتابع هذا التوازن. والخطأ الذي ترتكبه الدولة ويمكن أن يؤدي إلى تعثر العمل التنموي هو اعتمادها المقاربة الانتقائية، لأن هناك جمعيات تستفيد من التمويلات فيما تمنع أخرى من ذلك. وينبغي الإشارة إلى أن التمويل الأجنبي لا يعني دائما التمويل المالي وإنما يمكن أن يكون عبارة عن أجهزة أو مواد غذائية موجهة للعمل التنموي، وهناك مسطرة للاستفادة من هذه المواد، إلا أنها مسطرة طويلة تعقد الأمر مما يضطر بعض الجمعيات إلى التخلي عن تلك المواد أو قد تبقى المواد في لدى مصالح الجمارك، وهو ما يعثر العمل التنموي. زهير الخيار أستاذ الاقتصاد بكلية الحقوق بسطات