كشف مصدر مطلع أن ثمة عملية إغراق في التمويل الأجنبي لبعض جمعيات المجتمع المدني بالمغرب، حيث أحصت الأمانة العامة للحكومة، بناء على التصاريح التي تسلمتها من جمعيات مدنية، أن نحو 72 منها تلقّت خلال سنة 2007 لوحدها ما يزيد عن 5 مليارات سنتيم، من أكثر من 140 منظمة مانحة. وأوضح المصدر أن ثمة جمعيات كثيرة تتسلم دعما من منظمات حكومية وغير حكومية، ومن سفارات معتمدة بالرباط، لكنها لا تصرّح بذلك كما يقتضي قانون الحريات العامة. حيث تسلمت نحو 15 جمعية مثلا خلال سنة 2006, من منظمة الوقف الوطني الديمقراطي الأمريكية، ما يزيد عن 600 مليون سنتيم(871 ألف و806 دولار/ الدولار يساوي 7,5 درهم) ، لكن جلّها لم تصرّح بتلك الأموال لدى السلطات المختصة. الأمر الذي يطرح سؤال المراقبة والافتحاص لهذه التمويلات، وما إذا كانت الدولة تقوم بدورها في هذا المجال. خاصة وأن الظهير الشريف رقم 1.02.206الصادر في 12 جمادى الأولى 1423 (23 يوليوز 2002 ) ينص في المادة 32 مكرر منه على أنه يتعين على الجمعيات التي تتلقى مساعدات أجنبية أن تصرح بذلك إلى الأمانة العامة للحكومة مع تحديد المبالغ المحصل عليها ومصدرها داخل أجل ثلاثين يوما كاملة من تاريخ التوصل بالمساعدة. وفي تصريح لـالتجديد، قال زهير الخيار المدير العام للمؤسسة المغربية للتنمية البشرية، أن الدولة من حقّها مراقبة الأموال الواردة من الخارج، لأن ذلك من شأنه أن يؤثر على التوازن النقدي، الأمر الذي يطرح ضرورة تدخل البنك المركزي على الخط. وأوضح المتحدث أن هذه التمويلات من شأنها أن تقوي النسيج الجمعوي وتقوي الآثار الاجتماعية له. لكنه تساءل في الوقت ذاته عن حقيقة هذه التمويلات وما إذا كانت ترنو إلى تطبيق أهداف تنموية فعلا، أم أن بعضها يصرف في اتجاه نشر ثقافة وصفها بـ المخربة أو التمييعية أو تؤدي بالجهات المستفيدة إلى الانحراف عنها. أما أحد الخبراء في العمل الجمعوي والتنموي، فضل عدم ذكر اسمه، فأكد في حديث للتجديد، أن ثمة إغراق حقيقي بالمال الأجنبي المشروط في غالبه لهذه الجمعيات. مبرزا أن تلك الشروط تكون على ثلاثة مستويات، أولها: إلزام الجمعيات المغربية المستفيدة بضرورة التعامل مع خدمات مؤدى عنها للأجانب، وهي نوعان: إما أن يشترط على الجمعية اقتناء المواد من شركات تابعة لدولة الجهة المانحة، كما تفعل الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي، والنوع الثاني هو إلزام الجمعيات المستفيدة بالاستعانة بخبراء من دول الجهة المانحة. أما المستوى الثاني من الشروط فيتعلق بما تسميه فرنسا وبريطانيا بـالشرط الثقافي إذ تشترط هاتين الدولتين لتمويل المشاريع خدمة الثقافة الفرنسية مثلا. في حين يتمثل المستوى الثالث والخطير في فرض شروط إيديولوجية، وهذا ينسحب على التمويلات الأمريكية. وأشار المصدر في هذا السياق إلى تحركات السفير الأمريكي بالمغرب،توماس رايلي، الذي بات يتجول بنفسه في مناطق مختلفة من المغرب، من أجل تقديم المعونات المباشرة للجمعيات.