الإسلام دين العمل والحيوية والإنتاج، أمر بالعمل وأعلى من شأنه، ونهى عن الكسل والخمول وحذر منه، وجعل الساعين لطلب الرزق قرناء المجاهدين في سبيله، واعتبر التسول ظاهرة غريبة عن الأمة الإسلامية، ومرضا من الأمراض الاجتماعية التي جعل من مهامه القضاء عليها، وتطهير المجتمع من جذورها ورواسبها. ففي جامع الترمذي وحسنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: >قَالَ لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ<. وفي سنن النسائي وحسنه السيوطي عَنْ عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ فَأَعْطَاهُ فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى أُسْكُفَّةِ الْبَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: >لَوْ تَعْلَمُونَ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ مَا مَشَى أَحَدٌ إِلَى أَحَدٍ يَسْأَلُهُ شَيْئًا<، وفي جامع الترمذي وصححه عن النبي صلى الله عليه وسلم: >الْمَسَائِلُ كُدُوحٌ يَكْدَحُ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ فَمَنْ شَاءَ أَبْقَى عَلَى وَجْهِهِ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ إِلَّا أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ ذَا سُلْطَانٍ أَوْ فِي أَمْرٍ لَا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا<. وتزداد المسألة خطرا حينما تمس فئة الأطفال، نظرا لدلالاتها الخطيرة. - فهي رمز على الإخلال بمسؤولياتنا التربوية والاجتماعية والأسرية نحو أطفالنا. وكأننا ما سمعنا قول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته). - فهي رمز على ضعف وازع التعاون والتكافل الذي أمر الله به في مثل قوله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى). - ففي ذلك الإخلال بمعاني الأخوة التي جعلها الله تعالى عمدة العلاقة بين المؤمنين. (إنما المومنون إخوة). - وفي ذلك الإخلال بحقوق المواطنة التي تقتضي العيش الكريم للصغار خصوصا، والتمكين من التعليم والتربية والصحة. - وفي ذلك خطر على مستقبل مجتمعاتنا، إذ المسألة المبكرة باب الشر الأكبر على أمن المجتمع وأخلاقه. لذلك كان من اللازم وضع خطة شاملة محكمة للنهوض بالأسرة، وللرقي بالجانب الاقتصادي والاجتماعي، قصد توفير أجواء تربوية وأسرية واقتصادية واجتماعية، كفيلة بحفظ أبنائنا من عوامل الحاجة والفاقة والانحراف. والله الموفق للصواب والحمد لله رب العالمين.