تكشف الوثيقتين المنشورتين في هذا العدد عن وجه آخر في العلاقات المغربية الأمريكية، ويقدم تعبيرا جليا عن كيفية تدبير المغرب لعلاقات حرجة مع أمريكا والمعترضة على الموقف الاحتكاري للمغرب بخصوص الفوسفاط ، اضطر معه يالمغرب إلى استقبال مسؤول أمريكي ومحاولة إقناعه بفعالية السياسة المتخدة عبر الإشارة إلى ثلاث نقط للتأثير في الموقف الأمريكي بحسب تقرير المسؤول الأمريكي عن زيارته ولقاءاته مع مسؤولي المكتب الشريف للفوسفاط ، وهي وجود دور تعاوني مع إسرائيل أولا، والتخفيف من حدة التوتر الناجم بفعل وجود اتفاق بيع للفوسفاط مع الاتحاد السوفياتي عبر الكشف عن المشاكل التي تعترض اتفاق البيع معه ثانيا، وأن هناك استعداد للتعاون مع إسبانيا في هذا المجال ثالثا، وهي بذلك تكشف عن نوعية التحديات والقضايا التي حكمت علاقات البلدين وظلت لسنوات مكتومة، خاصة عندما نعلم أن المغرب لجأ للاتحاد السوفياتي للحد من ضغط الكتلة الشرقية بخصوص قضية الصحراء وإحلال عنصر توازن في علاقاته مع أمريكا محدثا بذلك ورقة تفاوضية استعملها لحين، وكشفت عن حنكة بارزة في السياسة الخارجية. الوثيقة الثانية وتهم متابعة شديدة ولصيقة من قبل أمريكا لعلاقات المغرب في المجال الاقتصادي والتبادل التجاري مع المجموعة الأوروبية. كيف دبر المغرب علاقا حرجة مع أمريكا بخصوص فوسفاطه؟ هذه البرقية تم إرسالها من سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكية بالرباط إلى وزارة الخارجية بواشنطن، بتاريخ سابع عشر يوليوز 1975 وتحمل الرقم03465Rabat 1975: الموضوع: وزارة العدل تتخذ إجراءات لمكافحة الاحتكار: نتائج الزيارة التي قام بها ديفيد غولدسويغ 1-) ملخص: غادر غولدسويغ يوم السادس عشر من يوليوز في اتجاه بون بعد ستة أيام من اللقاءات التي أجراها على مدار الساعة خلال تلك الأيام مع كبار مسؤولي المكتب الشريف للفوسفاط (وهو مكتب تابع للدولة المغربية تحتكر من خلاله تسويق الفوسفاط). وفي حوار مطول مع السفير وصف غولدسويغ لقاءاته مع المغاربة والمعلومات المحصل عليها بأنها كانت مثمرة جدا وفوق التوقعات. ونعتقد أن الموقف المتعاون للمكتب الشريف للفوسفاط له ارتباط بانخراط مرتقب بالنسبة للمؤتمر القادم للمواد الأولية (أنظر الفقرة5 أدناه). انتهى الملخص. 2-) زيارة غولدسويغ كانت ناجحة: لقد أمضى غولدسويغ ساعتين في النقاش مع مدير المكتب الشريف للفوسفاط كريم العمراني يوم الحادي عشر من يوليوز، ثم ثلاث ساعات أخرى، بالإضافة إلى ساعتين من المحادثات خلال غذاء يوم الثلاثاء خامس عشر يوليوز. وكان العمراني مرفوقا في الاجتماعات بمدير الإنتاج جسوس ومدير المبيعات الكوهن. ولقد قدم العمراني عرضا مفصلا عن تاريخ تطور مؤسسة المكتب الشريف للفوسفاط، سياستها، وعلاقاتها مع متنجين آخرين للفوسفاط في العالم؛ بما في ذلك ما يتعلق بالإنشاءات، والأهداف، وكذلك مساطر تفعيل المعهد العالمي للفوسفاط الذي يرأسه العمراني نفسه. وفسر كذلك عمليات كارتيل شمال إفريقيا للفوسفاط والدور التعاوني الذي تلعبه فيه الدولتان غير العضوتين (إسرائيل وإسبانيا). وقدم الكوهن طيلة ساعة؛ كانت تُقاطع في الغالب بالأسئلة؛ عرضا حول التسعير واستراتتيجية البيع؛ مُدعِّما ذلك بأرقام مفصلة مع الاستشهاد بحالات من التاريخ. ثم أمضى العمراني وغولدسويغ ساعتين أخرتين منفردين فيما بينهما في الحديث عن التفاصيل بما في ذلك تقديم ملخص عن المعطيات في شكل جدول مدقق.وبين اجتماعين مع العمراني رافق جسوس غولدسويغ وزوجته في زيارة دامت ثلاثة أيام إلى المناجم ومصانع المعالجة مستغلا الفرصة للتوسع أكثر في النقط محط التساؤلات. 3-) كانت البعثة الاقتصادية للأمم المتحدة مرفوقة عبر كل رحلتها لزيارة المناجم. كل من غولدسويغ والبعثة الاقتصادية للأمم المتحدة تأثرا كثيرا بالمقاربة المنفتحة والصريحة التي ميزت تعامل العمراني وكذلك بالرغبة التي كانت لدى كل مسئولي المكتب الشريف للفوسفاط للإجابة على كل التساؤلات وتوفير كل المعلومات المطلوبة.ف غولدسويغ مثلا تلقى دعوة لزيارة مكتب معهد الفوسفاط بباريس (وهي الزيارة التي سيقوم بها يوم الثاني والعشرين من يوليوز)، حيث سوف يحصل على نسخ مصورة عن جميع التقارير، والدراسات، والاستبـيانات، والمراسلات بين أعضاء المهد. 4-) ولقد قيل لـ غولدسويغ كل شيء وإن لم يكن بالضرورة مقتنعا بما قيل له؛ ولقد أخبر السفير بأنه لم يتوصل بعد إلى قرار نهائي فيما يخص محاربة الاحتكار على اعتبار الآثار التي قد تترتب عن نتائج ذلك. وقال مع ذلك بأنه قد تأثر بالكامل بتعاون المكتب الشريف للفوسفاط وبالذكاء الألمعي في الاستراتيجية التسويقية كما فسرها الكوهن وكما هي مجسدة بالحقائق والأرقام، وأكد أن بإمكانه الذهاب أبعد في تفسير نجاح المكتب الشريف للفوسفاط؛ بغض النظر عن نظرية التواطؤ. 5-) كانت للزيارة آثار سياسية أوسع، فمنذ بداية الزيارة أخبر العمراني غولدسويغ بأن التحقيقات التي باشرتها الولاياتالمتحدةالأمريكية فيما يخص مكافحة الاحتكار قد تسببت في موجة من الاضطرابات البليغة في داخل أسواق الفوسفاط في وقت غير ملائم على الإطلاق.(الحكومة المغربية تعتمد على إيرادات الفوسفاط بنسبة خمس وخمسين في المائة في مداخيلها من العملة الصعبة. والسعر الحالي بنزوعه نحو الانخفاض يشكل قلقا كبيرا بسبب ارتفاع النفقات في الموازنة العامة للدولة؛ بما أن ميزانية الدولة هنا تشكل الدعامة الأساسية لأداء الاقتصاد المحلي. وعليه فالتحقيقات لها إذن آثار كبرى إن بسبب الشخصيات المعنية أو بسبب آثارها المحتملة على الاقتصاد المغربي). وقال العمراني إنه لو لم تكن زيارة غولدسويغ مبرمجة لكان اتصل هو بنفسه بسلطات الولاياتالمتحدةالأمريكية من أجل البدء في عقد اجتماعات في وقت مبكر. وأكد أن إنهاء التحقيقات في أسرع وقت من الواضح أنه في مصلحة كل من حكومة الولاياتالمتحدةالأمريكية والمكتب الشريف للفوسفاط. ولإحاطتكم علما فإن: غولدسويغ والسفير قد وافقا معا على هذا الطرح ويعتقدان أن ذلك يفسراستعداد العمراني الزائد وغير العادي للتعاون. وكذلك يعتقدان أنه قد تم بهذا زرع أسس أرضية لمقاربة مبكرة للحكومة المغربية في أفق القابلية لتعاون ثنائي مع حكومة الولاياتالمتحدةالأمريكية تُدرج الفوسفاط في المناقشات القادمة حول المواد الأولية.وألمح غير ما مرة إلى الحاجة لتحديد أرضية ثابتة للأسعار من أجل تفادي التقلبات السابقة للأسعار، الأمر الذي قام به العديد من المسئولين الاقتصاديين في الأسابيع الأخيرة. اِنتهت الإحاطة. 6-) وفيما يتعلق بالصحراء، أكد العمراني أن إسبانيا على الرغم من كونها ليست عضوا في نادي الفوسفاط فإنها تتابع عن كتب مساعي المكتب الشريف للفوسفاط بخصوص استراتيجية التسعير. ولقد أكد ل البعثةالاقتصادية للأمم المتحدة خلال مأدبة غذاء يوم الثلاثاء بأن الحكومة المغربية تقدمت للحكومة الإسبانية بعرض رسمي للاستمرار في المشاركة في استغلال مناجم بوكراع كجزء من الحل الشامل لمشكل الصحراء. وقال إن المكتب الشريف للفوسفاط لن يكون له أي مشكل على الإطلاق في العمل مع الإسبانيين على أساس أي قاعدة متفق عليها بين القيادات السياسية للبلدين. وأضاف أن إسبانيا قد تجاوزت الحدود بمحاولتها بناء وتشغيل مرافق وتجهيزات هناك دون أي مشاركة دولية. وأكد أنه بمجرد أن تحل مشكلة الصحراء فإن المغرب لن يتردد في النظر في أي نوع من المشاريع المشتركة لتجهيز مناجم بوكراع وتوسيع منتوجيتها. 7-) علاقات السوفييت مع المكتب الشريف للفوسفاط لقد سنحت فرص قليلة للشروع في مباحثات في هذا الاتجاه وكلها ظلت ثانوية. وأكد العمراني مع ذلك أن المشكل الأكبر في عدم التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد السوفيتي فيما يخص استغلال ودائع مسقالا يكمن في تردد السوفيت في الاتفاق على أرضية موثوقة في الإنتاج والتسويق وضبط الإحصاءات وكذلك رفضهم التوقيع على اتفاقية بعدم إعادة البيع لجهة أخرى.