استئنفت يوم الثلاثاء 17 يونيو 2008 عملية الاستنطاق التفصيلي لكل من محمد المرواني الأمين العام لحزب الأمة الذي رفضت وزارة الداخلية السماح له بالعمل، ومحمد الأمين الركالة الناطق الرسمي باسم حزب البديل الحضاري الذي عمدت الحكومة إلى حله، وذلك بعد أن انطلقت مع مراسل قناة المنار عبد الحفيظ السريتي، وتوازى ذلك مع قيام القيادات السياسيةالستة بإضراب إنذاري عن الطعام احتجاجا على حرمانهم من حقهم في الحصول على وثائق الملف، واحترام حقهم في الدفاع، وتنديدا برفض طلبهم المتعلق بالسراح المؤقت، فضلا عن وقفة احتجاجية للعائلات أمام المحكمة بسلا. ويأتي هذا الشكل الاحتجاجي الذي اختارته هذه القيادات للتنبيه إلى أوجه الاختلال التي عرفها مسار هذا الملف، ابتداء من التشهير والإدانة المسبقة التي توجهت إليهم من طرف الحكومة قبل أن يقول القضاء كلمته وذلك ضدا على قرينة البراءة، ومرورا برفض الغرفة الجنحية ضم ملف التحقيق كما يوجب القانون، وانتهاء بغياب ضمانات المحاكمة العادلة. لقد أثر هذا الملف قلقا كبيرا لدى المراقبين للوضع الحقوقي في المغرب بسبب ما حصل من تسرع في تدبير هذا الملف وما شهده من انتهاك للحكومة لكل من قرينة البراءة وسيرة التحقيق وبإدانتها لهؤلاء القيادات قبل أن يقول القضاء كلمته، وهو ما كان له آثار سلبية على السير القضائي للملف، لكن يبدو أن الحكومة، رغم كل الانتقادات الموجهة لطريقة تعاطيها مع هذا الملف، ورغم التخوف الذي أبدته النخبة السياسية من إقدامها على حل حزب البديل الحضاري والاستمرار في رفض منح حزب الأمة حق العمل القانوني. لقد مرت أزيد من أربعة اشهر على انطلاق هذا الملف، وشكل مساره مفاجأة من العيار الثقيل للنخبة السياسية المعتبرة، ورغم ما قدم من توضيحات لم يؤد ذلك غلى تراجع الكثير من المعنيين من هذه النخبة عن موقفهم القائم على كون القيادات السياسية الستة المعتقلة قد اندمجت بصدق في العملية السياسية القانونية، وأن مواقفها من الإرهاب وإدانته مواقف مبدئية وصارمة، كما أنهم انخرطوا في مراجعة عميقة لمسارهم لما قبل منتصف التسعينيات، وهو الأمر الذي يطرح الحاجة لتدخل عاجل لتصحيح المسار وإنهاء هذا الملف وأقله التوفير الشامل لضمانات الضرورية للمحاكمة العادلة. صحيح أن التدخل العاجل لمعالجة الاختلالات التي رافقت مسار هذا الملف وتداعياته قد يسبب بعض الإحراج للحكومة، ويكشف أخطاءها في تعاطيها مع هذا الملف، لكن حجم هذا الإحراج لا يمكن أن يقاس بالمصداقية التي ستمنحها الشجاعة على الإقدام على هذه الخطوة، بل إن ذلك سيزيد من مناعة وقة بلادنا في مواجهة الإرهاب والتطرف