اعتقلت الشرطة السياحية بمدينة مراكش، ليلة السبت 14 يونيو 2008 في إطار حملة تمشيطية، أكثر من خمسين طفلا يمارسون التسول بشوارع المدينة، وأحالت هؤلاء الذين بينهم رضع وأطفال لا يتجاوز كبيرهم 14 سنة إلى الشرطة القضائية بجامع الفنا لأجل الاستماع إليهم في محاضر رسمية. وكشفت التحريات الأولية، حسب مصادر مطلعة، أن تسعة أطفال من هؤلاء ينتمون إلى عائلة واحدة من حي الموقف الشعبي، ويشتغل أبوهم كسائق تاكسي ، واعترفت إحدى بناته، حسب نفس المصادر، أن الأب هو من يوزعهم على الأماكن ليلا، ليجمعهم صباحا. كما اعترف بعض هؤلاء أن اصطحاب الرضع هو من أجل استدرار عطف السياح، وغالبا ما يتم قرصهم للاستمرار في البكاء بدعوى حاجته إلى الحليب، فيما يعمد آخرون إلى قطف ورود الحدائق العمومية والوقوف أمام الحانات والنوادي الليلية لبيعها لـ المتحابين .وكشفت التحريات أيضا أن المبالغ المحصل عليها في كل ليلة تتراوح ما بين 200 و400 درهم لكل طفل كما أن الكثير من هؤلاء يمارس نشاطه وهو في حالة غير طبيعية بعد شمه لمادة الدوليا، حيث قال أحد الأطفال، حسب نفس المصادر، أنه يشتريها من الملاح بخمسة دراهم للتر الواحد. ويشرع هؤلاء الأطفال في عملهم التسولي بدء من الحادية عشر ليلا إلى السادسة صباحا، وهم ينحدرون من عائلات مفككة بأحياء شعبية بالمدينة القديمة (الملاح، القصبة، رياض الزيتون، الموقف) وأحدهم من بلدة سيدي رحال، ويتمركز نشاطهم في الأحياء العصرية التي يتوافد عليها السياح مثل تاج محل والكونطوار، والحي الشتوي ومطاعم ومقاهي جيليز خاصة شارع محمد السادس، وأبواب الحانات والنوادي الليلية. كما أن بعضهم يتابع دراسته بالمدارس العمومية فيما أغلبهم منقطع عنها، وقالت باحثة اجتماعية إن متابعة هؤلاء بتهم التسول والتشرد غير معقول لأنهم مجرد ضحايا ، في الوقت الذي يجب متابعة الكبار الذين يستعملونهم ويعرضونهم لمخاطر الليل، فيما قال مسؤول أمني رفيع المستوى لـ التجديد إن الحالة مؤسفة جدا، والجهات الأمنية حائرة في حل مشكل تسول الأطفال أو التسول بالأطفال، حيث لا توجد مراكز متخصصة لاستقبال هؤلاء وإعطائهم الرعاية اللازمة يمكن من خلالها القضاء على الظاهرة، وغالبا ما يتم الإفراج عنهم لتبدأ دورة أخرى من ممارستهم لنشاطهم التسولي، وملاحقتهم من قبل رجال الأمن في الشوارع، أو يذهب بهم في بعض الأحيان إلى الإصلاحية غير المؤهلة لإصلاح حالهم. ويأتي اعتقال هؤلاء الأطفال أياما قليلة بعد احتضان المدينة للمؤتمر 12 لحقوق الطفل الذي أوصى بضرورة اعتماد سياسة القرب في وضع الآليات والموارد من أجل حماية الطفل من كل أشكال العنف والاستغلال، وعلى العمل على اعتماد معايير الجودة، ومبادئ تكافؤ الفرص، وسبل القضاء على كل أشكال الهدر المدرسي عند مراجعة المنظومة التربوية، لكنها في نظر البعض مجرد توصيات تتكرر كل سنة ويبقى تفعيلها يحتاج إلى إرادة صلبة وجهود أكبر. عبد الغني بلوط