دعا رئيس الحكومة الفلسطينية إسماعيل هنية، إلى البدء فوراً في حوار وطني شامل على قاعدة إعلان صنعاء، مرحباً بدعوة رئيس السلطة محمود عباس الداعية لإجراء حوار وطني شامل و الروح الجديدة التي ظهرت في خطابه. وقال هنية في خطاب وجّهه للشعب الفلسطيني مساء الخميس (5/6) بمناسبة نكسة يونيو 2008 من سنة 1967، ندعو إلى البدء فوراً في حوار وطني شامل على قاعدة إعلان صنعاء والذي حدّد طبيعية التعامل مع المبادرة اليمنية، والتي اشتملت على العديد من القضايا وملفات الحوار الداخلي . وشدّد إسماعيل هنية على أنّ ذلك يأتي بهدف العودة بالأوضاع الفلسطينية إلى ما كانت عليه، تأكيداً لوحدة الوطن الفلسطيني أرضاً وشعباً وسلطة واحدة، ومستندين كذلك الى الاتفاقات الموقعة والتمثلة باتفاق القاهرة ووثيقة الوفاق الوطني واتفاقية مكة . دعوة لجامعة الدول العربية ودعا رئيس الحكومة الفلسطينية، جامعة الدول العربية إلى رعاية الحوار الوطني الفلسطيني وخطوات المصالحة، على غرار ما تم التعامل به مع أزمة الأشقاء في لبنان ونعلن استعدادنا لتلبية أية دعوة من أي قطر عربي شقيق في هذا الإطار، على أساس لا غالب ولا مغلوب وبهدف الوصول إلى اتفاق ينتصر فيه كل الفلسطينيين. وقف الحملات الإعلامية وقال هنية من أجل تهيئة الأجواء للحوار المنشود؛ فإننا ندعو إلى وقف الحملات الإعلامية والإفراج عن المعتقلين السياسيين، وبذل الجهد المطلوب من أجل رفع الحصار وفتح المعابر والإفراج عن النواب الأسرى ، معلناً أنّ حكومته ستتخذ خطوات ملموسة في الأيام القادمة على الصعيد الإعلامي والمصالحات الداخلية. تصوّر للتعامل مع الحوار وطرح هنية تصوّراً لآلية التعامل مع الحوار تبدأ بتكثيف إجراءات بناء الثقة، ثم وضع الأجندة الرئيسة للحوار، وتصنيف هذه الملفات بحيث يتم البدء بالملفات التي يمكن إحراز تقدم فيها، وبعد ذلك مناقشة الملفات الأكثر صعوبة والخروج باتفاق بمظلة عربية واسعة، على أن يتم كل ذلك في أسرع وقت ممكن مما يتطلب إظهار المزيد من الايجابية. وقال هنية تابعنا باهتمام خطاب الرئيس أبو مازن الذي ألقاه أمس (الأربعاء) ووجّه فيه الدعوة لحوار وطني شامل ، موضحاً أنّ الحكومة وحركة حماس دعيا للحوار منذ اللحظات الأولى للأزمة. وأضاف رئيس الوزراء عبّرنا في أكثر من مناسبة عن رغبتنا وقناعتنا بهذا الخيار، ورأينا أنه لا سبيل لمعالجة الأوضاع التي طرأت على ساحتنا إلاَّ بهذه الطريقة ، وفق تأكيده. تجاوب وإبداء مرونة وأشار إسماعيل هنية إلى التجاوب مع كافة الوساطات الفلسطينية والعربية، وقال أبدينا مرونة كافية مع كافة الأطراف التي أجرت معنا اتصالات سرية أو علنية، وشجّعنا العديد من الأطراف على سرعة التحرك من أجل الخروج من واقع الأزمة لقطع الطريق على التدخلات الخارجية والمخططات الإسرائيلية، ومن هنا جاء توقيعنا على إعلان صنعاء الذي ارتكز على أن مبادرة اليمن إطار للحوار . الإدارة الأمريكية لا ترغب بمصالحة فلسطينية وشدّد هنية على أنه مما لا شك فيه أنّ الإدارة الأمريكية لا ولم ترغب في أية مصالحة فلسطينية، ووضعت عوائق كثيفة أمام انطلاق مشروع الحوار الفلسطيني، ونشرت أوهاماً أثقلت الحالة الفلسطينية ليس أقلها أنّ الحوار والمصالحة الداخلية سوف يضرّ بمسار المفاوضات وعملية التسوية وآفاق الحل المنشود، والذي اتضح أنه سراب بقيعة، يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً. معالجة الأزمة ممكنة ورأى هنية أنّ الأزمة الداخلية على صعوبتها، يمكن معالجتها جذرياً والخروج منها إلى فضاء أفضل إذا ما توفرت النوايا الصادقة، والإرادة الحقيقية، وتم استحضار المصالح العليا، وإزاحة المؤثرات والضغوط الخارجية، وتم التسلح بالقرار الجرئ. وقال رئيس الوزراء الفلسطيني نحن قادرون على إحداث نقلة ملموسة على هذا الصعيد، وعلى إدخال الفرحة لكل بيت فلسطيني وتكفيف الدموع ووضع حد للآلام، وإنهاء القطيعة وبداية عهد جديد واستئناف مسيرة العمل المشترك من أجلنا وأجل شعبنا وأجل قضيتنا ومستقبل أجيالنا ، وفق تأكيده. هزيمة حزيران لم تحطم الإرادة الفلسطينية وأشار هنية إلى ذكرى حرب النكسة، وقال اليوم الخامس من حزيران (يونيو) تمر بنا ذكرى أليمة وهي هزيمة عام 67، بما خلفته من نتائج مباشرة على قضيتنا وأرضنا وشعبنا، وعانى شعبنا وما يزال من آثار هذه الهزيمة وما ترتب عليها من احتلال لبقية الأرض الفلسطينية ونزوح الآلاف وتشريدهم . وشدّد هنية على أنّ هذه الهزيمة لم تحطم إرادتنا ولم تقعد أمتنا عن القيام بواجبها والنهوض مجدداً لملء الفراغ الاستراتيجي سياسياً وأمنياً ، لافتاً الانتباه إلى أنها شكلت مدخلاً للوقوف مع الذات ومعالجة أسباب النكسة، وإعادة ترتيب الأولويات والتصالح مع الذات على امتداد الوطن العربي لاستعادة زمام الأمور. وأوضح رئيس الوزراء الفلسطيني أنّ ذلك تجلّى في الثورة والمقاومة الفلسطينية، و لاءات الخرطوم التي حددت الموقف العربي من الصراع مع الاحتلال الصهيوني، ثم الانتصار في حرب رمضان/ أكتوبر عام 1973، وانطلاق الانتفاضة الشعبية السابقة التي استمرت سبع سنوات. وأضاف هنية ثم جاء تفجير انتفاضة الأقصى المباركة التي ما زالت متواصلة حتى وقتنا الراهن والانتصار في الحرب الاخيرة في لبنان، وخلال واحد وأربعين سنة رفضنا أن نتجرع كأس الهزيمة وارتقى عشرات آلاف الشهداء من أبناء شعبنا وأمتنا العربية، وقدمنا آلاف الأسرى والجرحى والنازحين والمبعدين، ولكنا أصبحنا للعودة والتحرير أقرب فقد شهد الاحتلال انكفاءات كبرى بالانسحاب من أراض عربية ومن قطاع غزة . وتابع هنية اليوم نرى أنّ الذكرى يمكن أن تشكل مدخلاً لاستعادة الوحدة الداخلية، وحماية الثوابت الوطنية، وإعادة الاعتبار لمشروع الصمود والمقاومة، ولإحياء العمق العربي والإسلامي للقضية الفلسطينية، وهذا ما يجب العمل لإنجازه . الحصار وانعكاساته وأهدافه وتطرّق هنية إلى الحصار المشدد المفروض على قطاع غزة، وقال عامان ونيف من الحصار الظالم المفروض على شعبنا، وعام كامل من الحصار المحكم الخانق على قطاع غزة، قطاع العزة، طالت تداعياته كافة مناحي الحياة . ولفت هنية الانتباه إلى أنّ الاحتلال سعى من وراء الحصار وإغلاق المعابر وتفجير الأزمات، بما فيها أزمة الوقود والكهرباء، إلى أن يضع شعبنا في القطاع أمام خيارين أحلاهما مرّ؛ الأول: الركوع والانهيار أمام الحصار وضربات الاحتلال، والثاني: الاستسلام والقبول بالشروط السياسية الظالمة. الخيار الشعبي الثالث وأكد إسماعيل هنية أنّ شعبنا اعتمد خياراً ثالثاً في التعامل مع هذا الحصار؛ إنه خيار الصمود والثبات والتماسك ورباطة الجأش وعدم الاستسلام، وتحمّل من أجل ذلك العذابات والتضحيات وفقدان مقومات الحياة، ولكنه ظل شامخاً ثابتاً ثبوت الجبال الراسيات، وتقدم نحو مواطن الشرف والعزة بنفوس راضية، وعزائم قوية، وإرادة لا تلين، حتى بتنا اليوم ورغم وعورة الطريق أمام مقدمات انهيار إستراتيجية الحصار، وزوال الغمة، وتفريج الكربة، وانفراج العسرة بإذن الله تعالى ، وفق توضيحه. جهود أمريكية لتكريس الانقسام وأشار هنية إلى أنّ الإدارة الأمريكية تحرّكت في كل الاتجاهات وعلى كل المسارات لاستغلال الحالة الاستثنائية التي مرّت بساحتنا الفلسطينية، وهدفها من هذا التحرك تكريس الانقسام وتمرير حلول سياسية على حساب شعبنا وحقوقه ومستقبل أجياله. وذكر أنه في هذا السياق تمت الدعوة إلى مؤتمر أنابوليس، وتوالت بعد ذلك اللقاءات التفاوضية، والزيارات المكوكية لوزيرة الخارجية الأمريكية غونداليزا رايس، وحتى للرئيس الأمريكي جورج بوش نفسه، لافتاً النظر إلى أنه سبق أن حذّر من مغبة التعاطي مع هذا النهج، وقال نصحنا إخواننا سرّاً وعلانية بشأن المخاطر المترتبة على هذه التحركات . دعوة لمواجهة الحقائق وأضاف هنية اليوم علينا كشعب أن نواجه الحقائق الجلية، والمتمثلة في أنّ الإدارة الأمريكية توظف الملف الفلسطيني لتمرير سياستها في المنطقة، ولخدمة الأجندة الانتخابية ليس إلاَّ، وأنّ خطوط سياستها اتضحت جلية عبر الخطاب الخطير الذي ألقاه الرئيس بوش في الكنيست الإسرائيلي، وفي تصريحات المرشحين للرئاسة الانتخابية خاصة ما يتعلق بالقدس المباركة . الحكومة الصهيونية لم تقدم شيئاً وأكد رئيس الوزراء أنه من الحقائق أنّ حكومة الاحتلال لم تقدم وبلغة المفاوضات أي عروض تستحق البحث والتفكير حتى من أكثر المؤيدين لعملية التسوية، بل استمرت في رسم الوقائع على الأرض بالمستوطنات والجدار والحواجز، واتضح أنّ الإستراتيجية الإسرائيلية في حقيقتها تهدف إلى منع قيام أي دولة فلسطينية على حدود عام 1967، والاحتفاظ بالقدس موحدة تحت السيطرة الإسرائيلية، والاحتفاظ بالمستوطنات في الضفة وتسريع وتيرة الاستيطان في القدس وحولها، وعدم الاعتراف بحق العودة ، وفق قوله. محاولة خلق وكيل للاحتلال وأشار هنية إلى أنه وتحت ستار دعاوى إنجاح العملية السلمية؛ سعى الاحتلال إلى إلقاء التبعة على الجانب الفلسطيني في كبح جماح الفصائل الفلسطينية وتجريدها من سلاحها، ووضع حد للمقاومة، على أمل أن يوفر ذلك الأمن للاحتلال ويعفيه من تكلفة احتلاله للأرض والإنسان، وكل ذلك على حساب الأمن المفقود للشعب الفلسطيني في كل من الضفة والقطاع. وقال هنية أمام هذه الحقائق سقطت العديد من الرهانات: رهان الاستناد فقط على خيار المفاوضات المجردة من عناصر القوة والدعم والرهان على الإدارة الأمريكية، ورهان الاعتماد على مفهوم أنّ تنظيم العلاقة مع الاحتلال أولى من تنظيم العلاقة مع الداخل الفلسطيني، ورهان انكسار شعبنا وسقوط خياره الديمقراطي أمام الحصار والعدوان . سقوط الرهانات وشدّد هنية على أنّ سقوط هذه الرهانات يعنى أننا أمام حقبة استثنائية تستوجب عملاً فلسطينياً استثنائياً، وتابع نودّ التأكيد بأنّ الاحتلال باطل وما نتج عنه فهو باطل، سواء ما يتعلق بالأرض أو القدس أو الإنسان، ونحن متمسكون بحقوقنا وماضون نحو استرجاعها مهما كلفنا ذلك من ثمن، فالحقوق لا تضييع بالتقادم، ولا بلغة الهيمنة وبلطجة القوة وجلبة السلاح ، وفق قوله. وخلص إسماعيل هنية إلى القول من أجل مواجهة المخاطر والتحديات، وبهدف حماية ثوابت شعبنا وحقوقه الراسخة، وحفاظاً على المصالح العليا، ووفاءً للشهداء والأسرى والجرحى، وتحملاً للمسئولية الوطنية وحتى نواجه أمورنا بصف موحد؛ فإننا نؤكد أنّ إنهاء الخلاف الفلسطيني واستعادة الوحدة الوطنية، وحماية عناصر القوة التي يتمتع بها شعبنا تشكل نقطة الانطلاق .