دأبت جمعية النجم الأحمر على أن تسطع في سماء مدينة صغيرة ماكان يقدر لمجموعة من المبدعين زيارتها لولا وجود مجموعة من الشباب الذين يؤمنون بجدوى الثقافة في إطار عمل جمعوي محكم. فللسنة الثانية على التوالي قدر لي زيارة مدينة مشرع بلقصيري التي تنشط فيها هذه الجمعية التي كرمت في دورة هذه السنة الدورة الخامسة، زينب فهمي المعروفة برفيقة الطبيعة إحدى رائدات القصة المغربية. في هذه المدينة لاشيء يشبه المدن الإسمنتية حيث الوجوه عابسة، والثقافة تركن إلى عليائها وصالوناتها المقفلة، وتذكرنا بلقصيري أن الهامش يمكن أن يكون مرتعا تنتعش فيه الثقافة، وتكشف عن وجوهها الفاتنة، فمن الصعب أن يجد المرء مكانا له في دار الشباب التي تحتضن أشغال الملتقى على امتداد ثلاثة أيام بفعل الحضور الكبير لساكنة المدينة التي تحتفي والمبدعين بالقصة. ومن قلب هذه المدينة الصغيرة خرجت قرارات مهمة أدخلتها دائرة الضوء كمكافأة لشريحة من أبنائها شمروا عن سواعد العمل بإمكانات مادية محدودة، وبدعم لايكاد يرقى للمأمول ولطموح كل المشتغلين على هذا المشروع الثقافي الطموح. وأعلن في دورة السنة الماضية عن تخصيص يوم 82 أبريل من كل سنة يوما وطنيا للقصة المغربية تحتفي فيه رفقة الأقلام الذين يخطون مسارها في هذا البلد. وتم هذه السنة أيضاً، الإعلان عن مشروع تأسيس بيت القصة المغربي، من قبل ثلة من القاصين، ليصير للقصة بيتها الذي يشعرها بالدفء، ويؤطر أنشطة المنتسبين إليها حتى يصير للقاصين فضاء مواز ينشطون من خلاله ويصنعون بلقصيري أخرى وأخرى. ومن حسنات تظاهرة بلقصيري أيضاً، صبيحة اليوم الاختتامي الذي تخصص فيه ورشة للأطفال يؤطرها القاصون المشاركون، فترى بريقا ولهفة من لدن الأطفال الذين يحاولون أن ينسجوا على منوال من سبقهم، وهي إشارة قوية من قبل أعضاء جمعية النجم الأحمر التي جعلت من الثقافة واجهة للتأطير وقاطرة للتنمية الاجتماعية. وللتشجيع على كتابة القصة والإبداع فيها وإعداد أقلام قد تكون لها مكانتها في المشهد القصصي الوطني، أنشأت الجمعية جائزة أحمد بوزفور لناشئة القصة القصيرة، وهي مسابقة تستهدف فئة من تقل أعمارهم عن 20 سنة. أما باناصا فهو موقع أثري جميل يقع غير بعيد عن المدينة، وكان قد اقترح القاص الصديق أنيس الرافعي أن تستبدل تسمية المدينة من مشرع بلقصيري إلى باناصا لأنه أكثر جمالا. والواضح أن القاصين إذا دخلوا مدينة جعلوها مدينتهم وعثوا فيها تغييرا حتى في اسمها.