اعتمدت جمعية الصحة العالمية مشروع قرار تقدمت به مصر باسم بعض الدول العربية والإسلامية يطالب دولة الاحتلال الإسرائيلي بضمان عبور سيارات الإسعاف الفلسطينية بأمان ودون عراقيل امتثالاً لأحكام القانون الإنساني الدولي، والعمل على تحسين الظروف المعيشية والطبية للسجناء الفلسطينيين وبخاصة النساء والأطفال والمرضى منهم. ويؤكد القرار على أهمية تيسير عمل وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وسائر المنظمات الدولية العاملة في المناطق الفلسطينية المحتلة، وضمان حركة موظفيها ووصول إمدادات المعونة إلى مستحقيها. التزامات مهملة كما ينص على ضرورة امتثال إسرائيل لالتزاماتها القانونية وسداد بقية عائدات الجمارك والتأمين الصحي إلى السلطة الوطنية الفلسطينية، كي تتمكن الأخيرة من الوفاء بمسؤولياتها فيما يتعلق بالاحتياجات الإنسانية الأساسية. كما طالب القرار الدول الأعضاء والمنظمات الدولية بضرورة تقديم الدعم اللازم للشعب الفلسطيني للتغلب على الأزمة الصحية المتفشية في الأراضي الفلسطينية المختلفة، وتذكير إسرائيل بضرورة الالتزام كدولة محتلة باتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 . وقد رفضت الولاياتالمتحدة اعتماد القرار مباشرة قبل تصويت الدول الأعضاء عليه، بينما وافقت عليه 79 دولة وعارضته تسع من بينها الولاياتالمتحدة و إسرائيل وكندا، في حين امتنعت 11 دولة عن التصويت من بينها سنغافورة وبوركينافاسو والكاميرون وغواتيمالا وتايلاند. موافقة على مضض وفي حين وافق الإتحاد الأوروبي على القرار إلا أنه أعرب عن قلقه من صياغته التي لم تتناول سوى مسؤولية طرف واحد عن المشاكل الصحية الناجمة في قطاع غزة ، وقال مندوب الاتحاد الأوروبي إن الوضع الراهن في المناطق الفلسطينية يدعو للقلق، ولكنه في الوقت نفسه كان يجب التركيز على عدم احترام الفلسطينيين لوقف إطلاق النار. بدورها اعتبرت إسرائيل أن مشروع القرار ومناقشة الأوضاع الصحية في المناطق الفلسطينية المحتلة وهضبة الجولان السورية في جلسة خاصة هو تسييس لفعاليات المؤتمر السنوي لمنظمة الصحة العالمية، ويدفع بها إلى نقاش غير مجد ومحدود الرؤية على حساب موضوعات أهم . كما رأت أن مشروع القرار وملاحظات الدول المؤيدة تجاهلت ما وصفته وجود منظمة حماس الإرهابية وراء كل تلك المشكلات، وأنها تمطر المدنيين الإسرائيليين بصواريخ إيرانية الصنع وألقت باللوم على الدول المؤيدة له لأن صدوره يعطي شرعية لوجود منظمة إرهابية . تحذيرات الخبراء وقد استند مشروع القرار إلى تقرير صادر من الأمانة العامة لمنظمة الصحة العالمية بتقصي الحقائق في المناطق الفلسطينية المحتلة والجولان السوري، حيث أكد هذا التقرير أن زيادة نقص الموارد والنظم المعقدة للإغلاق الداخلي والخارجي تعقد عملية توصيل الإمدادات، ما ينعكس سلبياً على جودة الرعاية الصحية ويجعلها في تدهور مستمر . وأثبت رصد منظمة الصحة العالمية لمدى توافر الأدوية في قطاع غزة على وجود نقص مزمن فيها عام 2007 فعلى سبيل المثال كان المتوفر من 85 دواء في مستودع الأدوية بغزة لا يكفي إلا لأقل من شهر واحد، وأن ما نسبته 17% من المستهلكات لا تكفي لأكثر من نفس تلك الفترة . كما أشار التقرير إلى تأثير نقص الطاقة والوقود على عمل المؤسسات الصحية الأساسية، فضلاً عن وجود مشكلة حقيقية في تنقل المرضى والمصابين سواء في الداخل أو إلى الخارج بما في ذلك مرضى الحالات المستعصية كالسرطان والفشل الكلوي وغيرها. أما الصحة النفسية للفلسطينيين تحت الاحتلال فقد رأى التقرير أنها تمثل شاغلاً كبيراً، إذ يعاني 86% -ممن تمكن خبراء الصحة من الحديث إليهم- من مشكلات في النوم، في حين أفاد 72% عن ارتفاع مستوى التوتر بين الأطفال، وظهور مشكلات أسرية حادة بنسبة 77%.