يعد فيلم كل ما تريده لولا أول فيلم لمخرج مغربي ترصد له ميزانية تقدر بـ 10 ملايين أورو أي ما يعادل 100 مليون درهما. وقد قامت بإنتاجه شركة (باتي) الفرنسية بمساعدة كندية. أي بتمويل خارجي ستكون له دواعي على الفيلم الذي تم تصويره ما بين نيويورك والقاهرة والمغرب. وبالفعل فقد أثار الشريط عدة تساؤلات حول هوية الفيلم وإنتاجه ومتلقيه؛ وحول مضمونه: هل يتحدث الفيلم فعلا عن حوار الحضارات كما صرح المخرج أما عن حوار الأجساد؟ وهل هذا الحوار يتم عن طريق الرقص والشذوذ الجنسي أم عن طريق الثقافة والفكر؟ وهل يعكس الشريط واقع العالم العربي أم يعكس رؤيا معينة للغرب عن الشرق منبثقة من كليشهات وحكايات ألف ليلة وليلة؟ لهذا الغرض استقينا آراء بعض النقاد والمهتمين السينمائيين نعرضها في هذا التحليل. يحكي فيلم ( كل ما تريده لولا) لمخرجه نبيل عيوش، شخصية لولا الأمريكية (الممثلة الأمريكية لورا رمسي) التي تحب الرقص. لولا لها صديق مصري شاذ جنسيا إسمه يوسف. من خلاله ستتعرف على شخصية الراقصة الشهيرة اسمهان (تلعب دورها الممثلة اللبنانية كارمين لبوس) التي اعتزلت الرقص الشرقي بسبب فضيحة جنسية. في خضم ذلك ستقع لولا في غرام شاب مصري زاك (الممثل المغربي أسعد بواب) ذو التقاليد الشرقية. العلاقة يحكم عليها بالفشل لتباعد الأفكار والثقافات. بعدها تبتدئ الرحلة إلى الشرق (مصر) للبحث عن زاك العائد إلى بلاده، وعن الراقصة اسمهان كي تعلمها الرقص الشرقي. لتصبح لولا في الأخير نجمة في هذا الميدان في مصر وفي أمريكا... حول الفيلم يقول عادل السمار مسؤول موقع مغرب فنون: الفيلم عادي جدا، وينتمي إلى الكوميديا الاستعراضية الرومانسية على الطريقة الأمريكية، حيث البطلة تريد تحقيق ذاتها. فالفيلم بالنسبة إليه لا يعدو أن يكون فيلما عجائبيا (إكزوتيك). كما أكد على أن هذا الأخير يندرج في: موضة حوار الحضارات لكن من وجهة نظر أمريكية. فالغرب يقدم عروضا مغرية لمن يخرج أفلاما حول العالم العربي الإسلامي. ومع الأسف يوجد من يقوم بهذا العمل لمن يؤدي أكثر. وفي نفس الاتجاه قال الناقد السينمائي عمر بلخمار لـ>التجديد< بان الفيلم :فرجويا موسيقيا رومانسيا، موجه لعشاق وعاشقات الرقص، والقصة متواضعة جدا لكن بفضل التقنيات العالية والممثلة الأمريكية بدا الفيلم وكأنه مهم . لكن علق قائلا: الفيلم مبالغ فيه خصوصا في العلاقة بين الشخصيات (البطل والبطلة) التي تصطدم بالاختلاف الثقافي بين أمريكا والعالم العربي المحافظ . ومن جهته صرح المخرج والناقد السينمائي عز العرب العلوي بالتالي: بصفتي مخرجا فالفيلم متميز تقنيا نظرا للميزانية التي خصصت له. لكن بصفتي ناقدا فالمضمون فارغ، فرجة فارغة من التفكير العميق إلا من هز البطن. وأضاف قائلا: الفيلم لا علاقة له بحوار الحضارات كما يزعم مخرجه. بل يوجد حوار لعادات دخيلة على المجتمع العربي الإسلامي . ويتساءل الناقد العلوي : بماذا حاورنا الغرب؟ بالرقص وبالشذوذ الجنسي؟ أين هي القيم المغربية الأصيلة؟ أليس هذا عبث بالقيم ؟ لكن للمخرج نبيل عيوش نظرة أخرى للأمور. فهو يرى أنه كمخرج عربي لا يمكنني أن أعطي فكرة سيئة عن العالم العربي. كما صرح بذلك في جريدة المساء (العدد 495 بتاريخ 22 / 04 / 2008) . ودليله في ذلك أن الصحفيين الذين قابلهم في فرنسا وأوربا أكدوا له أن فيلمه يعطي صورة رائعة عن العالم العربي. بل الأدهى من ذلك أنه بعد نهاية عرض الفيلم في إحدى القاعات السينمائية الأمريكية بلوس أنجلوس وخلال ملء الاستمارة كتب فيها السؤال التالي ما التأثير الذي تركه الفيلم لديك؟ يقول المخرج للصحفية بافتخار (كما جاء في جريدة المساء) :تخيلي ماذا كان رد الفعل الأول، جميع الفتيات الأمريكيات اللواتي حضرن تمنين أن يتعلمن الرقص الشرقي، جميعهن بلا استثناء. رد الفعل الثاني هو أن الفيلم أعطانا الرغبة في الذهاب إلى العالم العربي والتعرف عليه عن قرب. بالنسبة إلى هذا هو أفضل مكافأة لي . وهنا نطرح سؤالا على القارئ وعلى المخرج نفسه: هل يعد هذا إنجازا تاريخيا يعتز به الإنسان؟ هل يجب علينا أن نصور الرقص والمواخير والكبريهات في أفلامنا لكي يقال إن عالمنا العربي جميل، وليس عالم الانتحار والإرهاب؟ هل يعقل أن تكون شخصية اسمهان هي أفضل سفيرة ممكنة للعالم العربي؟ كما عبر عن ذلك المخرج. أليس هو الاستهتار والاستخفاف بعقول المشاهدين؟ وللإشارة، إذا كان المخرج استلهم قصة شريطه من واقعه الشخصي ومن حياة زوجته التي تتعاطى للرقص الشرقي كما صرح بذلك في فرنسا، فهو حر في حياته وفي ذوقه الفني. لكن أن يفرض ذلك على الجمهور المغربي فهذا فيه حيف وظلم. وفي ما يخص مشاركة بعض الممثلين المغاربة المرموقين كحمادي عمور وأحمد الناجي وعبد القادر لطفي وبشرى أهريش وسناء عكرود ...بالإضافة إلى الممثل الشاب الذي شارك في فيلم ماروك والذي أصبح ما بين عشية وضحاها الممثل الأكثر إثارة (سكسي) كما جاء في مجلة me9/16 الناطقة بالفرنسية، فقد أكد النقاد الثلاثة على أن مشاركة هؤلاء الممثلين بلهجة مصرية كانت باهتة وثانوية أو بالأحرى شبحية . رغم أن البعض منهم والكلام للناقد عز العرب العلوي يظن أنه حقق نصرا سنيمائيا . وفي هذا السياق عبرت بامتعاض شديد المخرجة والممثلة بشرى إيجورك في عمودها الصحفي بجريدة المساء، تحت عنوان ( نجوم كومبارس): في فيلم عيوش الجديد تفاجأ ويصيبك الذهول وأنت ترى أسماءا لها وزنها الفني تتقمص أدوارا تافهة والأغرب أنهم يؤدون أدوارا باللهجة المصرية انحصرت في الخادمات العاهرات والسكارى والباعة المتجولين... ولقد طرحت الكاتبة سؤلا ذو أهمية قصوى : لما يقبل نجوم لهم مكانتهم واحترامهم في قلوب المغاربة أن يصبحوا كومبارس في فيلم لن يضيف شيئا إلى مسيرتهم الفنية ولا لتجربتهم الشخصية ؟ وخلاصة القول فالفيلم، وإن حقق نجاحا بفضل جهة معينة تدفع به إلى الواجهة الإعلامية يعد دخيلا على المجتمع المغربي وثقافته وقيمه العربية الإسلامية، الخالية من النفاق وانفصام الشخصية وازدواجيتها. والتي ترى في كرامة الإنسان رصيده الأول الذي لا يمكن التفريط فيه بأي ثمن. وإن إعطاء دور البطولة لممثلة أمريكية تقدم شخصية غربية تزور الشرق قصد تعلم الرقص كعنوان لثقافة العرب، ثم تقوم بتصحيح نظرة هذا الشرق للمرأة وانتقاد شخصية الرجل الذي يعيش تناقضا فكريا وسلوكيا لهي رسالة واضحة المعالم يبين المخرج من خلالها أن الغرب منفتح ومتقدم والشرق متخلف ومنغلق. كما أن أمريكا هي بلد الحريات الفردية (الشذوذ الجنسي) وهي محررة الشعوب المتخلفة خصوصا العربية من عقدها ومشاكلها الاجتماعية. كنا نتمنى أن تلك الأموال التي صرفت على قصة تافهة تعطى لعمل سينمائي مغربي حقيقي، يعبر عن هموم الوطن العربي عموما والمغربي خصوصا الذي يعيش على إيقاع الحريق في كل شيء. فكيف للمشاهد المغربي أن يجلس أمام الشاشة مدة 115 دقيقة ليرى أناسا يتهكمون عليه باسم الفن والرقص الشرقي؟