يذكر لجوء زعيم العنصرية الفرنسية جان ماري لوبين إلى الاحتجاج بالأطروحة الصهوينية البالية القائمة على التخويف من تحول فرنسا إلى بلد ذي أغلبية مسلمة بالتحالف القديم بين الصهيونية والعنصرية، والتي نجد امتدادات لها في خطابات البعض ممن ذهبوا إلى إسرائيل وعملوا على الدفاع عن فكرة الغزو العربي للمغرب مقدمين بذلك قراءة عنصرية للتاريخ تحمل معها بذور الفتنة فضلا عن أن تصريحات لوبين تعني ما لا يقل عن مليون مغربي مهاجر في فرنسا. مناسبة هذا الكلام، ما قاله زعيم اليمين المتطرف جان ماري لوبين في مقابلة مع إذاعة فرانس من إن ترحيل 25 ألف مهاجر غير شرعي سنويا من من الأراضي الفرنسية ليس إلا إجراءا ثانويا، وأن الخيار الأساسي لمعالجة معضلة الهجرة هو تبني ما سماه الأفضلية الوطنية في فرص العمل والسكن والخدمات الاجتماعية الأخرى، وأن المساواة بين الفرنسيين والمهاجرين في الحقوق تشجع الأجانب على الهجرة على فرنسا، وأن مستقبل فرنسا في خطر وأنها بعد خمسين عاما ستصير ذات غالبية إسلامية بسبب ما أسماه غرق فرنسا بالمهاجرين. تصريحات تعنينا بدرجة كبيرة خاصة وأن عدد المهاجرين المغاربة في فرنسا تبعا لأرقام 2005 بلغ أزيد من مليون و36 ألف، دون أن ننسى أن صاحب هذه التصريحات هو رجل سياسي ترشح في الانتخابات الرئاسية في انتخابات ,2002 وحل في المرتبة الثانية، وهو الآن يحاول أن يستعيد حضوره السياسي والإعلامي من خلال العزف على نبرة هوية فرنسا ودينها ومستقبلها المهدد. ليس جديدا في عنصرية لوبين أن يدعو إلى ضرورة التمييز بين الفرنسيين الأصليين والفرنسيين المهاجرين في الحقوق والمواطنة، لكن الجديد الذي كشفت عنه هذه الخرجة اليمينية المتطرفة هو أن التحالف الصهوني العنصري في فرنسا صار يطرح قضية الإسلام كدين كمبرر لاستهداف المهاجرين، بدعوى أن فرنسا إذا لم تبادر لاتخاذ الإجراءات المستعجلة لترحيل المهاجرين الأجانب فإن الأمر سيختلط على الفرنسيين إلى الدرجة التي لا يكادون يميزون فيها بين باريس والدار البيضاء. ما ينبغي أن نأخذه بقدر كبير من الجدية في هذا السياق هو أن الأمر لم يعد متعلقا بدعوات عنصرية متطرفة صادرة عن حزب يميني يصعد ويكبو في الاستحقاقات الانتخابية، وإنما يتعلق بدخول اللوبي الصهيوني على الخط ، والذي أصبح يحقن خطاب لوبين العنصري بمفردات جديدة تخوف من الإسلام وتبرر نبذ كل أسس الديمقراطية والمواطنة بدعوى أن فرنسا مهددة وأن مصيرها وهويتها ستتحدد من خلال عدد المهاجرين المتواجدين فيها. في تصريحات لوبين الأخيرة ملمح آخر لا يقل خطورة عما ذكرنا، وهو أن فرنسا العلمانية بتقاليدها الراسخة في الديمقراطية، تواجه امتحانا كبيرا، يضع مبادئها العلمانية وتوجهها الديقراطي على المحك ، إذ سيكون أول مستهدف ليس هو المهاجرين، وإنما هي المواطنة وحقوقها، ذلك أن الفرنسيين حسب الأطروحة العنصرية الصهيونية لن يكونوا سواء في المواطنة، وأن خيار الأفضلية الوطنية سيعطي للفرنسيي الأصل ما لا يعطي لغيرهم من الفرنسيين الأجانب، وهو ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول مستقبل الديمقراطية في فرنسا إذا كتب لهذا التحالف الصهيوني العنصري أن يكون على رأس السلطة في فرنسا.