أدت سياسة الجاليات الأوربية..المساندة من طرف قناصلهم إلى انتشار الكراهية و الحقد بين السكان المحليين اتجاههم، إذ أصبح البيضاويون يرون في أي عمل يقوم به هؤلاء أو ينوون القيام به، إنما يمهدون من خلاله لمزيد من السيطرة على المدينة و قد زاد من استياءهم ما لمسوه من عجز للمخزن في الدفاع عنهم إذ أصبح مكبلا بالديون و مقيدا ببنود الاتفاقيات... وكان لمحاولة شركة شنيدر نسبة لأحد كبار رجال الأعمال ـ توسيع مرسى الدارالبيضاء و كذا المحاولة الثانية بمد خط لسكة الحديدية باتجاه منطقة الصخورالسوداء لجلب الحجارة إلى الميناء على حساب مكان تعتبر حرمته مقدسة في عرف جميع الأديان وذو حرمة أكبر في نفوس المغاربة المسلمين، الشيء الذي أثار حفيظة السكان، فهبوا لإيقاف هذه الأشغال.. وتمكنوا من السيطرة على كل المدينة، وأصبح مينائها خاضعا لسيطرتهم، وصاروا يتقاضون مقابلا ماديا من التجار الراغبين في مغادرة المرسى للاستعانة به في الاستعداد لمواجهة محتملة. فقاموا بجمع المتطوعين و تسليحهم... وكان الاستعداد يتم بروح من المسؤولية، إذ تم تجاوز مختلف الصراعات الهامشية التي كانت قائمة بين تلك القبائل، و تم رسم هدف واحد، هو ضرورة التكتل لمواجهة الخطر النصراني القادم من البحر فتم التخلص من القواد الرافدين أو المتخاذلين و عينت بدلهم مجالس جماعية... وكانت استعدادات القبائل تزداد حدة مع استمرار تدفق الأخبار في شأن الأجانب، ففي أبريل 1907 اجتمع المجاهدون حول مدينة الدارالبيضاء معبرين عن استيائهم من احتلال الجيوش الفرنسية لوجدة، مظهرين أنهم على أثم الاستعداد لأي هجوم محتمل. وقد انخرطت في هذه الاستعدادات أيضا، مجموعة من الشخصيات المخزنية التي كانت تدرك خطورة الوضع... ثم قامت القوات البحرية الفرنسية بعدوان سافر على مدينة الدارالبيضاء يوم الاثنين 5 غشت .1907 وتسربت هذه القوات داخل المدينة إلا أنها خلفت وراءها أعدادا كبيرة من القتلى في صفوفها والذين سقطوا برصاص المجاهدين، و ستقيم سلطات الاحتلال لهؤلاء القتلى فيما بعد تمثالا. جريدة السعادة، السنة ,1909 العدد .329 (صدر أول عدد من جريدة السعادة سنة 1904 بمدينة طنجة)