لم تعد المظاهرات تقتصر على الاحتجاج على غلاء المعيشة، ولا على المطالب الاجتماعية، بل إن الأمن الأخلاقي أصبح كذلك من أسباب الاحتجاج. فبعد احتجاج سكان القصر الكبير على خلق الشذوذ الجنسي الذي استنكروا أن يجد له مكانا في مدينتهم المحافظة حتى تجرأ أصحابه على الجهر به تدعمهم جهات من الداخل والخارج باسم الدفاع عن الحريات الفردية، خرج سكان مدينة العرائش محتجين على تنامي ظاهرة التعاطي للمخدرات والسكر والفساد الأخلاقي، بعد أن أفرط أحدهم في التعاطي للكوكايين والقرقوبي فخرج محيحا، على أنغام سبت الحيحة، وقتل مواطنين بريئين. وقبل ذلك، أفرطت فتاة في بني ملال في جرعة الكوكايين لتُحمل جثة هامدة من المقهى الذي كانت تسمر فيه. ومنذ أيام التقطت صور جنسية فاضحة لقاصرات في إحدى إعداديات مدينة الحاجب، وقبلها في إعدادية بدار بوعزة بالدار البـيضاء. هل انفرط الحبل من يد الأسر المغربية إلى هذا الحد؟ هل مجتمعنا المسلم فقد بوصلته القيمية الإسلامية؟ أم هل هي نتائج تجفيف منابع التدين باسم محاربة التطرف فأصبحنا نجني ثمارها المُرة بسرعة؟ فعندما نقلص من مواد التربية الإسلامية في المدارس ونقصرها على فرائض الوضوء والصلاة، ونقلص من الخوض في الفكر الإسلامي والقيم الأخلاقية الإسلامية، ونفرض رقابة خاصة على ما تبثه القنوات من مواد تتعلق بالدين، ونترك الأطفال والشباب في يد قنوات المتعة الفضائية ومحلات الكولفازور والبلاي ستيشين وألعاب الفيديو بدون رقيب، فإن النتيجة الحتمية هي جيل بلا هوية ولا بوصلة تربوية محصِّـنة. نعم إن المقاربة الأمنية واجبة لمحاربة ترويج السموم البيضاء والحمراء وغيرها، ولكنها غير كافية، فلابد من التحصين التربوي في البيت وفي المدرسة وفي الإعلام، خصوصا العمومي الذي من واجبه ألا ينجر وراء منافسة قنوات المتعة للحفاظ على نسب المشاهدة مرتفعة. فواجبه هو الارتقاء بالذوق العام وليس الانجرار وراء الانحرافات الأخلاقية لدرجة تحويل القنوات العمومية إلى كباريهات. إن تنامي التعاطي للمخدرات ناقوس خطر ينذر بـتسونامي أخلاقي جارف لا يحتمل السكوت والتراخي من طرف المسؤولين بمختلف مراكز القرار التي يجلسون على كراسيها. كما أن الجهر بالشذوذ لدرجة استعداء جمعيات الشواذ الدولية للدفاع عن حق الشواذ في الإعلان عن شذوذهم، هو انحراف اجتماعي ينذر بأوخم العواقب إذا تُرك الحبل للمفسدين على الغارب يعيثون في أخلاق الأطفال والشباب فسادا دون حسيب أو رقيب. على المسؤولين عن تربية أبنائنا أن يقوموا بواجبهم المنوط بهم، وإلا فإن إهمالهم لدورهم ومسؤولياتهم سوف يؤدي لا محالة إلى انفلات أخلاقي قد لا يقدرون في المستقبل القريب على التحكم فيه.