قبل يومين علقت يومية الاتحاد الاشتراكي على خبر ليومية بيان اليوم تحدث عن وفاة فتاة ببني ملال من جراء تناول جرعة كوكايين زائدة وذلك على طاولة مقهى، وقالت إن ذلك لا ينبغي أن يمر في صمت، ودعت في ما يشبه صرخة إلى استشعار الانتشار السرطاني لهذا الداء والذي بلغ المراكز الصغرى بعد أن كان محصورا في المدن الكبرى، أي أن الأمر يتطلب حملة وطنية للوقوف في وجه غول يترصد أبناء وبنات المغرب. تذكرت كل ذلك وأنا أطالع خبر إدراج استضافة نانسي عجرم في إطار مهرجان موازين بالرباط، وذلك بعد أن تمت استضافتها قبل ثلاث سنوات في مراكش في السهرة المعلومة، حيث ارتبطت بنموذج يدعي الانتساب للفن لكن يقدم الإغراء وثقافة الجسد والإثارة سبيلا لتسويق ذاته، وليفتح الطريق لنموذج متحرر من المبادئ والأخلاق، وهذه بداية الطريق لكثير ممن وجدن أنفسهن على قارعة طريق الموت المادي أو المعنوي بالمخدرات أو العنف أو الاغتصاب. فقد عقدت اللجنة المنظمة للدورة السابعة لمهرجان موازين إيقاعات العالم ندوة صحفية الثلاثاء الماضي بدار الفنون بالرباط لتقديم البرنامج الفني والتنظيمي لدورة هذه السنة التي من المنتظر أن تشهدها العاصمة في الفترة الممتدة ما بين 16 و24 ماي القادم، وأعلنت فيها عن برنامج يجمع بين الفن والعفن، حمل أسماء قدمت نماذج في الانحلال الأخلاقي ودون مراعاة للقيم. وحسب اللجنة المنظمة فإن دورة هذه السنة ستكلف 22 مليون درهم، وستعرف مشاركة فنانين قدموا من 40 دولة، كما ستعرف النسخة السابعة مشاركة مغربية بنسبة تصل إلى 30 في المائة أي (22 فرقة، و8 فنانين فرادى)، ويعد المنظمون الجمهور الرباطي خصوصا والمغربي عموما، بطبق دسم يحمل في طياته وهم نسيان سعار الأسعار، والأزمة الاقتصادية الخانقة التي يرزح تحتها البلد في وقت تمد أيادي المستشهرين البيضاء إلى حفلات تتسم بالبذخ والإسراف كأن ذلك ما ينقص المواطنين. كما يأمل المنظمون أن تعوض المنصات الأربع المخصصة للعروض التي من المفروض أن تتجاوز 100 عرض، المشاهد التي تحفل بها أهم شوارع الرباط هذه الأيام من مطاردات أشبه بحرب العصابات بين الأطر المعطلة من جهة وقوات الأمن من جهة ثانية. برمجة هذه السنة توضح بالملموس الطريقة التي ينظر بها مسؤولو مثل هذه المهرجانات للفن والفنان المغربي الذي يغيب وإذا ماحضر فإن حضوره يظل محتشما فقط من أجل إخراس الأصوات المنتقدة التي تردد على الدوام أن مطرب الحي لايطرب، إذ وجهت الدعوة إلى عدد من المغنيين العرب والغربيين من قبيل عمرو دياب، نانسي عجرم، أصالة نصري، صابر الرباعي، ديانا حداد وفضل شاكر إضافة إلى المغنية الأمريكية ويتني هيوستن وابن مغني الريجي بوب مارلي، زيغي مارلي الذي سيحضر رفقة زوجته وابنيه لقضاء عطلته بالمغرب. وفي كلمة ألقاها نيابة عن رئيس المهرجان ورئيس جمعية مغرب الثقافات منير الماجيدي، قال عزيز السرغوشني الرئيس المنتدب للمهرجان أن مهرجان موازين عيد للاحتفال بالتنوع الثقافي والانفتاح على الآخر والتسامح وتشجيع التعبير الموسيقي المصنف كموسيقى الأقليات أو الموسيقى العرقية، وأن المهرجان هو مهرجان للجميع. نعم للفن الهادف لكن لماذا خلطه بأشياء لا تخدم الثقافة من قريب أو من بعيد بقدر ما تقدم نماذج لبنات وأبناء المغرب، ولا تعكس النموذج المطلوب لكسب تحديات التحديث والتنمية، وجعل ما يستفز الشعور الديني وتضعنا في اصطدام مع ثوابت أخلاقية عريقة وأصيلة في بلادنا؟ نتساءل عن الفئة المستهدفة من قبل المهرجان وما الغرض من استدعاء بعض المغنيين من الخارج والاحتفاء ببعض من الفرق الحديثة، ربما هناك بواعث لم يفصح عنها منظمو المهرجان، ومهما يكن الأمر فالموازين مختلة بعض الشيء والمغربي يحتاج أن ينصت لعظامه قليلا وأن تخف إيقاعات الاحتجاج التي تملأ شوارع الرباط وهذا مع فن رفيع بذوق عال وليس بفن مبتذل مستفز.