من الضروري اليوم أن نطرح التساؤلات العميقة على الأخطار التي تهدد المغرب، وتخترق نسيجه المجتمعي، وتسيئ إلى سمعته بين الأمم. هناك إرهاب من نوع آخر يمارس على الشعب المغربي، ولا يقل خطورة عن الإرهاب المادي، والفرق بينهما طفيف، ذلك أن الاٍرهاب المادي انعقد الإجماع على إدانته والتصدي له، بينما بقي هذا النوع من الإرهاب موضوعا تتنادى لطرحه بعض الجهات الغيورة على مستقبل القيم في المغرب، ويستقبل من طرف الجهات المعنية كما لو كان أجندة سياسية تتستر وراء موضوع أخلاقي. لا بد أن ترتفع قناعتنا إلى مستوى وصف السياحة الجنسية التي تنتشر في المغرب اليوم بكونها إرهابا من نوع آخر. فالذي يستمع بإمعان إلى ما جاء في تقييم رئيسة جمعية ما تقيش ولادي يكاد يصاب بالذهول من الموقف الخجول الذي تصرفت به الجهات المعنية اتجاه هذه الظاهرة الإرهابية. فحسب الأستاذة نجية أديب فـالسياحة الجنسية تعرف انتشارا خطيرا في المدن السياحية، ووزارة السياحة لا تتوفر على أوراق خاصة عن السائح تمكن من معرفة سوابقه، والمشكلة أننا لازلنا نرى في السياح وجه العملة الصعبة التي تدفعنا لكي نغمض أعيننا عن أشياء كثيرة والمحاكم المغربية حين تضبط سائحا في حالة تلبس في قضية جنسية مع أطفال تقضي في حقه بسنة أو ستة أشهر بالسجن مع وقف التنفيذ وربما يمنح مزيدا من ظروف التخفيف إذا استأنف، وهو ما يمكن اعتباره تشجيعا على السياحة الجنسية والسلطات لا تبدي أية جدية في التعامل الصارم مع السياح الشواذ الذين يستغلون الأطفال في ممارسة شذوذهم، مثال السائح الإيرلندي كريستوفر مثال واضح في هذا الصدد، فقد حكمت عليه المحكمة بسنة والطامة الكبرى أنه بعد الاستئناف برئت ساحته وتنهي الأستاذة نجية أديب القول بكل تحسر: ألا يشجع هذا سياحا أجانب آخرين يجدون في المغرب الحقل الخصب من أجل ممارسة شذوذهم الجنسي على الأطفال. بالمناسبة، هذا التقييم ليس صادرا عن أي جهة محسوبة على الحركة الإسلامية، حتى لا تتهم صاحبته بكونها تستثمر موضوعا أخلاقيا لأغراض سياسية، وحتى لا تطالب بفصل الدعوي عن السياسي!! هو تقييم صادر من رئيسة جمعية معنية بقضية حماية الأطفال من الدعارة ومن التوظيف القذر للأطفال في تجارة الجنس الإلكترونية. مطلوب من الجهات المعنية أن تنصت إلى صوت العقل، ونداء الغيرة الصادقة التي تنطلق من كل الشرفاء سواء كانوا أبناء الحركة الإسلامية أو أبناء هذا الوطن العظيم، فمصلحة الوطن فوق كل المزايدات، والأخطار التي تتهدد المغرب لا تقبل أن تكون موضوع مماحكات سياسية أو إعلامية. السياحة الجنسية تنتشر بخطورة كبيرة، ومنظور الحكومة العلمي للسياحة يزيد في تشجيعها، والأحكام التي تصدر في حق السياح المرتكبين لجرائم جنسية ضد الأطفال تغري المنحرفين والشواذ للإقبال على بلدنا بكثافة، والوضع الاجتماعي المأزوم يضع فتياتنا وأطفالنا بضاعة بخسة في يد هؤلاء، وجهود الدولة الأمنية في محاصرة هذه الظاهرة لا تتجاوز الاستهلاك الإعلامي، وفي أقصى الحدود، التحرك المناسباتي استجابة للضغوط الإعلامية. ينبغي أن تكون لنا كامل الجرأة لنرفع خطر السياحة الجنسية إلى مصاف الخطر الإرهابي، حتى يتجند الكل لمحاربتها، وحتى تصدر بصددها مقاربة شمولية ينخرط كل الفاعلين في تقديم مساهمتهم للتصدي لها.