لا شيء أقسى في هذه الحياة من أن تواجه سارقي الأحلام، إنهم كثر، ولا يترددون في تثبيطك عن أي شيء تريد القيام به. لاشيء أهول من أن ترى أحلامك تسرق أمام عينيك، دون أن تشعر أنك تعرضت للاحتيال إلا بعد فوات الأوان. قد يكون السارق عدوك أو صديقك، أو أخوك، أو أمك أو أبوك...، وقد تكون أنت نفسك. والنتيجة دائما أنه في كل مرة يسرق حلم وتتأسف عليه، لكنه لن تستطيع استرجاعه لأنه لا يعود. قصة صاحبنا لا تختلف عن غيره من الذين وئدت أحلامهم أمام أعينهم. كان يحلم أن يصبح محاميا مشهورا أو قاضيا يحكم الكل بنزاهته. أراد أن يحقق حلمه، فسرق منه بعضهم تلك الأحلام وأخذوا يثبطونه، ويفقدونه عزيمته، بطريقة سلسة ولبقة، ظن أنهم على صواب فسلك طريقا آخر، طريقا لم يكن يحبه لكنه اضطر إلى الذهاب فيه لأنه السبيل الوحيد الذي بقي أمامه بعدما سرق منه الحلم الأول. كل ليلة تمر يزداد فيه كرها لتلك الطريق، ومع أنهم من دفعه لها، فإن محاولاتهم لسرقة كل حلم كان يروج بخاطره لم تنته. وما إن وصل صاحبنا إلى بقعة منيرة حتى توقف. توقف عن المسير واختار سلك طريق آخر أعجبه. لحق به مرة أخرى السارقون ولكل منهم رأي مثني للهمم. - لا أنت تستحق العمل في مكان أفضل... - أنت لن تستطيع مسايرة الركب... - الأمر شاق عليك وأنت لن تستطيع النجاح... كلام كثير، وآراء كثيرة يحاولون أن يسرقوا بها حلمه الأخير. بعد تفكير طويل، ومعاناة من الإفلاس بسبب أحلامه التي تسرق منه في كل لحظة، وكل ساعة على مرآى عينيه، سواء كانت السرقة بدافع حسن النية أو سوئها، إلا أنه قرر في النهاية أن لا يصغي لأحد، ما دام لن يؤذي في طريقه غيره. قرر أن يفعل ما تمليه عليه نفسه، لأنها هي الوحيدة التي تعيش التجربة، وعليها أن تتحمل مسؤولية الطريق الذي اختارته، سواء كانت النتيجة النجاح أم الإخفاق، لكنه في كل الحالات سيعيش حلمه بحلوه ومره، دون أن يدع أحدا يسرقه منه هذه المرة.