أي شيء يعنيه الانتصار بالنسبة إليك؟ لاشك أنه يعني تحقيق ما تريده أنت لا ما يريده لك أبواك أو أقاربك، إنك أنت المنتصر عندما تحقق ما تتمناه وتحلم به، لكن ما هو هذا الشيء الذي تحلم به؟ قد يكون حياة هادئة مع أسرتك ملتزما بدينك عاملا له مستشعرا ما يكاد له! أو قد يكون اقتناء سيارة من نوع خاص تضاهي بها أصحابك. أو قد يكون الحصول على وظيفة اجتماعية عالية المستوى تضمن لك الاعتبار الاجتماعي وقد يكون غير هذا أو ذاك، المهم أن هذا الشيء ليس تافها بالنسبة لك، إنه منك وإليك وهو الذي يجب أن تناضل وتكافح من أجل الحصول عليه مهما كلفك ذلك من جهد وتضحية. لكن السؤال المطروح هو كيف تحصل على هذا الشيء الذي تريده وتتمناه؟ لاشك طبعا أنه بإنفاق وقتك بشكل مثمر، لكن قد يصعب عليك في ظل إكراهات الواقع وضغط القنوات الإعلامية أن تعرف كيف يتم ذلك. والواقع أن الطريقة التي تنفق بها يومك هي الطريقة التي تقضي بها حياتك. وهنا يجب أن تجد سبيلا جديدا لتغيير منهاج حياتك لبلوغ ما تصبو إليه، والخطوة الأولى لذلك هي التدوين بأمانة لكل ما تقوم به كل يوم لمدة أسبوع واحد، وستجد نفسك تبعا لذلك واحدا من اثنين: إما من الذين يضيعون أوقاتهم من غير أن يعوا ذلك أو أن تكون ذلك المرء الصالح الذي يعي ما حوله. فإذا اكتشفت مدى الوقت الذي تضعيه ، فاحذر أن تقسو على نفسك، وتجنب أن تتخذ قرارات جذرية تمتنع معها عن القيام بأعمال معينة كالاستماع إلى النشرات الإخبارية مثلا، فإن ذلك من شأنه أن يشعرك بالذنب من غير أن تتمكن من تطبيق قراراتك والأنسب لك في هذه الحال أن تنظم القيام بهذه الأعمال التي تعني بالنسبة لك ضياعا للوقت بحيث تقوم بها وأنت مدرك ومترقب لها، ولا تندفع إليها وأنت عاجز عن مقاومتها بل أن تشعر وكأنك ربما عاجز عن مقاومتها، ثم حدد الوقت المناسب لمثل هذه الأعمال التي تقوم بها للتسلية: فأنت في حاجة إليها، إنما ينبغي أن تكون محددة ومضبوطة زمانا، اصرف جزءا من هذا الوقت في العمل المحدد لبلوغ هدفك ثم لابأس أن تنتقل إلى العمل التالي. قد تجد صعوبة في اعتياد ذلك، لكن لابد من البدء بهذه الطريقة حتى تجد نفسك قد ألفتها. وفي سياق ذلك دائما لابد من إعداد رسم بياني أو برنامج لما عليك أن تقوم به كل يوم أو أسبوع أو شهر مبينا عليه ما قمت به. وليكن هذا الرسم أو البرنامج واضحا وقريبا منك، كأن يكون مثلا معلقا على جدار غرفتك بحيث تلاحظ فيه بسهولة مدى تقيدك بما حددته، ومدى تقصيرك في تنفيذ ما وعدت به نفسك. أضيف أنه لا بأس أن تجد نفسك مضطرا لإدخال التعديلات، فذلك منطقي لأنه يستحيل على أي كان أن ينتبه إلى جميع المعوقات والظروف التي قد تصادفه، لكن لا تقف مشدوها أمام مثل هذه الأحداث أو التعديلات، إن تحديد الموعد لإنجاز عمل ما يعني استهداف التنفيذ في الموعد، وهو شيء ضروري في كل حال، على أنه ينبغي عليك عند تحديد موعد الإنجاز أن تأخذ إمكاناتك وظروفك بعين الاعتبار، فلا تجعله قريبا حتى الاستحالة ولا بعيدا يوحي بضعف الثقة وانعدام العزم، وتأكد من أنك تنبهت إلى جميع الصعوبات والعوائق المرتقبة في الأهداف الأخرى في الفترة ذاتها. هكذا إذن يكون لك جدول زمني للأعمال التي تنوي القيام بها، وإذا كان عملا كبيرا يتطلب وقتا طويلا ككتابة رواية أو شعر أو قصة... قسم هذا العمل إلى أجزاء تتمها عبر مراحل ثم بادر بعد ذلك إلى تنفيذ الخطوات واحدة واحدة وبالتتابع. وقد يكون تحقيق إنجازك يتطلب خطوات مختلفة ليست كلها ذات أهمية واحدة، وهنا تأكد من أنك تنفذ الخطوات بحسب أولوياتها ومبتدئا بأكثرها أهمية حتى أدناها. ومن شأن هذا التنظيم أن يدفعك إلى متابعة التنفيذ بدقة وأن تكون خطوتك الأولى ممهدة للثانية والثانية ممهدة للثالثة وهكذا ذواليك. تأكد في الأخير من أن حسن سيرك في التنفيذ قد يجعلك تسبق المنهاج الموضوع قليلا أو إن عقبات حالت دون تنفيذه في الوقت المطلوب، وعندئذ بوسعك أن تدخل التعديلات المناسبة في إطار مبدإ المرونة الذي سلمت به في أثناء وقع البرنامج. إن منهاجك الذي وضعته يجب أن يستند على قول الرسول الكريم اغتنم خمسا قبل خمس: صحتك قبل سقمك وفراغك قبل شغلك وشبابك قبل هرمك وغناك قبل فقرك وحياتك قبل موتك وقول الشاعر البارودي: بادر الفرصة واحذر فواتها // إنما نيل العز في الفرص إن اعتمادك على هذا البرنامج يجعلك تبعث الحياة في وقتك وتعطي لمفهوم الوقت والزمن مكانته. عبد الرحمن الخالدي