أنا سيدة متزوجة من رجل فاضل جدا؛ فنحن جامعيان، ولكنّ بيننا اختلافًا كبيرًا في الطباع؛ فأنا اجتماعية وهو ليس كذلك.. أنا عصبية وهو هادئ.. أنا لدي خبرة إلى حد ما بالحياة، وهو لا يعلم إلا الجانب الوردي؛ حتى إنه تعرض لكثير من المشاكل في عمله بسبب طيبته. لكن المشكلة فيّ أنا، وهي عصبيتي لا أستطيع السكوت على الخطأ، وطيبته الزائدة والتي تصل إلى حد استهزاء الناس به وعدم احترامه، وهضم حقوقه حتى منامه.. وهذا يجعلني أتعصب عليه. ماذا أفعل حتى أجعله يتغير، وأحافظ على بيتي وعلى كرامة زوجي؟ *** ولماذا لا تتغيرين أنت؟ أقف عاجزة أمام بعض المشاكل.. ولا أعرف ما الذي يمكن أن أقوله بعد كل الذي قيل من قبل.. فالحديث عن اختلاف الطباع والأمزجة بين الأزواج، والذي يخلق نوعًا من المشاكل حديث مكرر جدا ولا جديد فيه.. وفكرة بعض الزوجات عن إمكانية تغيير الزوج وإعادة تشكيله لما تراه في صالحه فكرة تم بحثها وتفنيدها.. وكل ما يمكن أن يقال قد قيل بالفعل، ولكن لا مانع من إعادته مرة أخرى. وأبدأه عادة بنفس السؤال البايخ: ألم تلاحظي ذلك في فترة الخطوبة؟ أكيد لاحظت أنه هادئ.. أكيد لاحظت أنه غير حيوي.. أكيد لاحظت أنه أطيب من اللازم.. أكيد لفت نظرك أنه يترك الآخرين يفعلون ما يشاءون معه.. ومع ذلك قبلت الزواج، واستعددت له، وقمت بعمل فرح، وأعددت كل شيء.. فلماذا تجعلينه يدفع ثمن معلومة قديمة الآن؟ لماذا تتعصبين عليه وكأنه طفل مذنب بلا عقل ولا تفكير.. لماذا تريدين أن تغيريه هو؟ لماذا لا تتغيرين أنت؟ لماذا ترين أنك أفضل منه؟ ألأنك عصبية وهو هادئ؟ ومنذ متى كانت العصبية ميزة؟ أم لأن لك خبرة بالحياة أكثر منه؟ ومن قال إنه يحتاجها؟ من قال إنه ليس شخصًا يحيا في سلام مع نفسه ومكتف تماما بما يحصل عليه من الناس ولا يهتم ولا يبالي إن شعروا هم أنهم ضحكوا عليه؟ من قال إن استهزاءهم به يؤذيه؟ ربما هو يراهم صغارًا -وهم كذلك فعلا- لأن من يستهزئ بإنسان هو شخص عاجز لا قوة لديه لمواجهة الفكرة بفكرة، أو بتصرف ناضج... حتى لا تتوهي مني يا ابنتي أقول لك.. لا أحد يتغير إلا أذا أراد هو شخصيا أن يتغير.. لأن التغيير يستلزم قوة إرادة دافعة للتخلص من المشكلة المراد تغييرها.. وأنا أرى أنك أنت من يحترق لتغييره.. وهذا ليس عدلا.. فلا دخل لك في ذلك؛ فهو ليس طفلا تشكلينه وتربينه.. حتى طفلك لو فاتتك المرحلة الأولى من حياته فلن تستطيعي أن تغيري من طباعه التي اكتسبها شيئا، ثم إنك اخترته ووافقت على الزواج به، وهذا هو طبعه وشخصه وكيانه. إذا كان هو شخصيا يشعر برغبة في تغيير نفسه لأنه لمس فيها ضعفا أو رأى منها تهاونا، أو حتى اكتشف أنه يحتاج لأن يكون أكثر حزما وانفتاحا على العالم.. فما عليه إلا أن يتصل هو بأي برنامج تدريبي سواء على موقع إسلام أون لاين، أو في أي مكان آخر ليتعرف على كيفية التخلص من العادات أو الطبائع السيئة وكيفية اكتساب غيرها.. علاوة على برامج تنمية مهارات التفاوض والاتصال التي ستغير حتما من أسلوب تناوله لتصرفاته مع الناس. ونصيحتي أن تحاولي التأقلم مع طبيعته.. وأن تحترميه ولا تتعصبي عليه؛ فهو زوجك وليس تلميذًا في فصل أنت معلمته؛ فأنت من تهدر كرامته لو تطاولت عليه.. وأنت من سيحاسبها الله تعالى عز وجل إن أسأت معاملته.. ولم تنزليه مكانته التي فرضها الله له عندما قبلت الزواج به.