تفتنه الكتابة، وتسيير الممثلين، واللعب فوق الخشبة من خلال أداور في مسرحيات وطنية، حسن هموش يشغل أيضا منصب رئيس الفرع الجهوي للنقابة الوطنية لمحترفي المسرح. نجعل من هذا الحوار معه، نافذة نطل من خلالها على بعض القضايا التي تهم المشهد الفني في المغرب كما يراها. خلال المهرجان الثامن للمسرح، لاقت بعض الأعمال تجاوبا كبيرا مع الجمهور، وكان الكل يتوقع لها الفوز بالجائزة، إلا أن قرار اللجنة جاء مغايرا لكل التوقعات ما هو السر برأيكم؟ عند مشاركة فرقة مسرحية، بأي مهرجان سواء كان داخل الوطن أو خارجه، بهدف عرض أحد أعمالها، فعليها أن تسلم بأن هناك افتراض قبول هذا العرض أو رفضه من قبل اللجنة.. هناك تفاوت في الرؤى والتقييم فأحيانا تختلف الآراء ما بين الفرقة واللجنة وأحيانا العكس، لدى يجب احترام جانب هذا الاختلاف. فتجاوب الجمهور مع عرض ما والتصفيق له بحرارة لا يمكن أن يكون معيارا نهائيا تحدد من خلاله أحقية أي عرض مسرحي للجائزة الأولى بل هناك معايير أخرى علمية وفنية تضبط جودة العرض ومدى أحقيته للفوز. مؤخرا نددت مجموعة من الفنانين بالتلاعبات والتجاوزات التي طالت ملفات دعم الأعمال المسرحية، ما هي معايير دعم أي عمل؟ التنديد بالتجاوزات والتلاعبات في منح الدعم المسرحي، مسألة ليست حديثة العهد بل هي قديمة جدا، ومجموعة من الإخوان الذين كانوا ينددون في السابق، أصبحوا اليوم هم أعضاء في هذه اللجنة، وعاينوا عن قرب الصعاب التي تطرح في اتخاذ قرارات دعم أي عمل مسرحي. لذا يجب أن نضع في الاعتبار أننا عندما نضع أي ملف بهدف الحصول على الدعم، يجب أن نسلم بأن طلبنا سيلقى القبول أو الرفض، والأهم هو الاستمرارية في العمل، وأن يكون هناك تعامل أخلاقي لا من جانب أعضاء اللجنة كمدعمين وممولين ولا من جانب الفرق والقيمين عن الفرق كمبدعين. وإذا ثبت بالوثائق والدليل المادي حصول تلاعبات أوتجاوزات، فإننا لن نسكت عنها ولن نبقى مكتوفي الأيدي، ولكن مادام الأمر مجرد كلام شفهي يروج في الوسط، الشيء الذي يصعب معه إثباته، فبالنسبة لي، لا يعدو الأمر أن يكون تشويه وضرب مصداقية أعضاء نكن لهم كل الاحترام. ولكي أختم كلامي في هذه النقطة أحب أن أقول إن هناك فرقا عندما تمنح الدعم من قبل الوزارة الوصية، فإننا لا نسمع صوتها أو تعليقاتها، أما في حالة الرفض فأنهم يتذرعون بمجموعة أقاويل كالتلاعبات والتجاوزات لتعدو المسألة ذاتية أكثر مما هي موضوعية. ما هي الشروط التي يخضع لها دعم الفرق المسرحية ؟ عند تقديم أي ملف لطلب الدعم، أمام لجنة مكونة من مندوب عن وزارة الثقافة، مندوب عن نقابة المسرح، مهنيين وأساتذة لهم دراية بالممارسة المسرحية. يخضع لمجموعة من الشروط ابتداء من الفحص الجدي للملف المعروض والشامل على نص العمل، سيرة ذاتية للأشخاص وكفاءتهم. وبعد توفره على جميع الشروط التقنية، القانونية والفنية، يقدم تقييم أولي لجدية العمل ومدى استحقاقيته للدعم ثم يرصد له غلاف مالي لإنتاجه. وأحب أن أشير أنه لم تعد، كما في السابق، رقابة على النصوص وتوجيه الفنانين لخدمة مسار حزب معين، بل حاليا هناك حرية في اختيار طرح أي موضوع وحتى الذي كان يدرج ضمن الطابوهات. ما هو سبب ضعف الإبداع السينمائي والتلفزي المغربي؟ الإبداع لا يأتي من فراغ بل يأتي من رؤية فلسفية واضحة المعالم للواقع المغربي ومدى انسجام المبدع مع محيطه، أي أن يكون على دراية بالواقع المعاش ومتفهم للإكراهات والتحديات التي يعيشها. ولا يستطيع هذا المبدع أو المثقف أن يكون قاطرة للتنمية إذا لم يكن يشكل قوة اقتراحية وصوتا مسموعا داخل المجتمع. فقر وضعف الإبداع التلفزي والسينمائي راجع بالأساس إلى ضعف في أسلوب طرح المواضيع ومعالجتها وجعلها أرض حبلى بالأسئلة لدى المشاهد عامة والمفسرين والمفكرين خاصة، عدم وجود سيناريو جيد يطرح مشاكل آنية، يلامس قضايانا العميقة ويشد المشاهد منذ الدقائق الأولى. إذا كنا نطمع بالرقي بفننا ومسايرة الدول العربية الأخرى فعلينا احترام التخصصات بالمفهوم العلمي للأشياء، فالسيناريست يجب عليه أن يبقى سيناريست كذلك المخرج، الممثل، المنتج وغيرهم من الفنيين. المشكل الحالي أننا نجد شخصا واحدا يراكم مجموعة من المهام، بهدف تقليص المصاريف، مما يؤدي إلى إنتاج الرداءة وتقديمها للمشاهد. الإبداع عملية مركبة وللتغلب عليها يستوجب فسح المجال أمام أصحاب التخصصات، بعد عملية التكوين والتقوية كل في مجاله الخاص، حتى يتمكنوا من إبراز مواهبهم وينتجوا إبداعات تستحق المشاهدة. هناك العديد من الأقاويل حول تواجد المحسوبية والزبونية في قبول ودعم المشاريع التلفزية والسينمائية ؟ لكل من الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة شزخس والقناة الثانية ءزدس دفتر تحملات يحدد عدد الأفلام القصيرة، الأشرطة التلفزية، البرامج الوثائقية والمسرحيات المراد إنتاجها خلال السنة. مع الأسف الشديد الإنتاج الدرامي لا يتجاوز حدود المغرب بل يستهلك محليا ولا يصدّر إلى البلدان العربية الأخرى، وليس كل ما يقدم من طرف الكتاب المحترفين والهواة إلى الشركتين ينتج ويدعم لأن عدد المشاريع المقدمة عدد كبير يفوق بكثير ما هو محدد في دفتر تحملات الشركتين. هناك لجنة القراءة هي المكلفة بإعطاء تقرير عن أي عمل وتحديد مدى جودته ولها كامل الصلاحيات في رفض باقي الأعمال الضعيفة أو التي تتطلب دعما يفوق الغلاف المالي المخصص. غالبا ما يكون أصحاب هذه الأعمال المرفوضة، هم من يبتكر هذه الاشاعات. كتابة السيناريو علم وإبداع يتطلب تكوينا ودراسة معمقة له شروطه وإمكانيته، فلا يمكننا اعتبار كل من خطط مجموعة مشاهد على أنه سيناريست. على الكتاب ممارسة تكوين جدي ومستمر، ومطالبين بأن يكونوا جمعية في ما بينهم، يتبادلون من خلالها الخبرات والتقنيات الحديثة للكتابة حتى نتمكن من تطوير المنتوج الإبداعي المغربي وخلق سوق خارجية عربية. لماذا خلق تعيين السيدة ثريا جبران على رأس وزارة الثقافة نقاشا سواء داخل الأوساط الفنية والثقافية أو لدى عامة الشعب؟ ليس عيبا أن تكون ثريا جبران وزيرة الثقافة فلا أحد يجهل نضالها في الميدان المسرحي على الخصوص والميدان الفني على العموم. عندها رؤية عن قرب، من خلال ممارستها وتجربتها الغنية في ميدان التمثيل المسرحي، التلفزي والسينمائي، للمشاكل التي يعاني منها الفنان المغربي. تعلم خبايا وكواليس هذا القطاع وأظن أنها ستكون كفأ لهذا المنصب، ويكفي أن أقول أن الفنان المغربي استرد وضعه الاعتباري وكرامته لكون ثريا جبران قبل أن تكون وزيرة فهي فنانة لها تاريخ عريق في هذا الميدان الشيء الذي يشرف باقي الفنانين. الأخت ثريا جبران إنسانة متواضعة وعادلة في قراراتها لها علاقات حب ومودة مع الجميع، إضافة إلى أن الطاقم المحيط بها طاقم متمرس ومتمكن، لأن الوزير لا يشتغل وحده بل يزاول مهامه من خلال الطاقم المحيط به. إذن فتنصيب سيدة من الوسط الفني على رأس وزارة الثقافة، إشارة لها مدلولها الخاص لا يمكننا إلا أن نصفه بالديموقراطي وأصبح من الماضي عندما كانت التعيينات الوزارية تتم لأناس من طبقة معينة. لا يجب أن نحكم مسبقا بفشل هذه التجربة، بل الواجب أن نمنحها الفرصة لتقوم بعملها وتحقق أهدافها وبرامجها التي من خلالها يمكننا أن نقيم مدى كفاءتها. كل ما يمكن قوله حاليا أن هناك خطوات إيجابية بخلق مجموعة من المشاريع حاليا في طور الإنجاز تخدم وبشكل واضح الفنان والمشاهد المغربيين، وعلى سبيل المثال لا الحصر خلق تعاضدية الفنانين،البطاقة المهنية. الغريب في الأمر أن هذه الزوبعة التي قامت من أجل استوزار ثريا جبران القادمة من الوسط الفني والعارفة بدواليب هذا القطاع، لم تقم بنفس الشكل على ياسمينة بادو وزيرة الصحة التي هي في الأصل محامية. كلمة أخيرة أستاذ حسن هموش؟ يعرف المغرب حاليا مجموعة من التطورات والتحولات على مستوى تنظيم المؤسسات،الإدارات والقطاعات. المواطن المغربي مدعو إلى استيعاب هذه التغييرات ومطالب بالمساهمة والانخراط فيها وانتقادها ،إذا كان هناك داع للانتقاد ودعمها حين تدعو الضرورة، لا أن يبقى على الهامش ،تتصف قراراته وأفكاره بالسلبية ،فليست كرة القدم وحدها هي من توحدنا بل يجب علينا أن نتوحد في ظل بلدنا المغرب بجميع قضاياه.