انطلقت مساء السبت 16 فبراير 2008 فعاليات منتدى أميركا والعالم الإسلامي في نسخته الخامسة في العاصمة القطرية الدوحة حيث يناقش 200 مشارك من أكثر من 30 دولة على مدى ثلاثة أيام عدة قضايا أمنية وسياسية واجتماعية وثقافية تخص الجانبين، وقد شهدت اليوم الأول كلمات وإحصائيات أميركية صريحة، إن كان معظم المواضيع التي سيتناولها المنتدى مغلقا أمام الإعلام ويشوبه السؤال والترقب. ففي كلمته الافتتاحية دعا الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري إلى إنهاء السياسات الانفرادية على الساحة الدولية وما يصاحبها من سياسات الكيل بمكيالين وانعدام الشفافية واستخدام القوة . وقال إننا ما زلنا نشهد غياب المعالجة الجادة والفعالة لنكفل بموجبها أسس إرساء العلاقة على طريق التطور البناء الذي يحترم المصالح المشتركة للجانبين، مشيرا إلى وجود قصور كبير في العلاقة بين الجانبين. وأضاف أن حقائق الواقع المعاصر للعلاقة بين العالم الإسلامى والولاياتالمتحدة هي الأخرى مهمة جدا لمواجهة تحديات المستقبل، وفى هذا الصدد يبرز أمامنا التحدي الأكبر المتمثل بتسوية القضية الفلسطينية والصراع في الشرق الأوسط، مشددا على أنه لم يعد مقنعا للرأي العام في العالم الإسلامي أن نبقى في خانة الفشل بسبب سياسات أحادية منبعها التحيز المغلف بمنطق السياسة مهما كان هذا المنطق بارعا في تصوير أسباب الفشل. وقال الوزير القطري إن ما نحتاجه هو الإرادة الجماعية لتحقيق العدل والإنصاف وإن ما يسرى على الصراع الفلسطيني ينطبق أيضا على صراعات عنف أخرى في المنطقة كالصراع فى العراق والوضع في لبنان والملف النووي الإيراني وهي وغيرها في العالم الإسلامى خارج منطقتنا ما تزال المصدر الأساسى للتوتر وانعدام الثقة. من جهته أشار الرئيس الأفغاني حميد كرزاي في كلمته بافتتاح المنتدى إلى الإسهامات الأمريكية في أكثر من بلد مسلم، وإلى المساعدات الأمريكية لكل من أفغانستان في التخلص من نظام طالبان، ومن الاحتلال العراقي للكويت، فضلا عن التدخل العسكري لحماية أهالي البوسنة والهرسك، ومنوها بسعي الولاياتالمتحدة لإقامة دولة مستقلة للفلسطينيين، على حد تعبيره. وأوضح أن العالم الإسلامي لا يساهم سوى مساهمة شحيحة بنحو 5% في الإنتاج الكلي للعالم ، وأشار إلى ضرورة أن يعترف المسلمون بأخطائهم مطالبا بضرورة العمل مع الولاياتالمتحدةالأمريكية للبحث عن الحلول لتلك المشاكل. ودعا حامد كرزاي إلى عمل الطرفين الإسلامي والأمريكي سويا بغية مواجهة الخطر الذي يتمثل في -وجهة نظره- في الإرهاب، ودعا العالم مرة أخرى لمد يد العون إلى أفغانستان التي وقعت فريسة لنظام طالبان لما هجرها العالم الغربي بعد انتهاء الحرب الباردة ، على حد قوله. حلف ضد الإرهاب وليس الإسلام أما زلماي خليل زاد المندوب الأمريكي الدائم في الأممالمتحدة، فقال إن التعصب والإرهاب يشكلان خطرا حقيقيا وتحديا كبيرا أمام العالم الإسلامي في علاقته مع الغرب، وأن هذا يولد العداوة بين الغرب والشرق. وأضاف خليل زاد أن هناك معوقات تتعلق بالنظم الدكتاتورية في العالم الإسلامي تشكل عقبة بين الطرفين، داعيا لتشكيل تحالف لمواجهة التعصب والإرهاب. وطالب المندوب الأمريكي من سماهم المعتدلين بالعمل على مواجهة هذا التحدي، واتخاذ تدابير أمنية وخطوات من أجل تشجيع العملية السياسية بما يسمح للقوى المعتدلة بالتأثير. في حين ركزت مادلين أولبرايت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة على قضية الإرهاب باعتبارها تحديا بارزا أمام التقارب الإسلامي الأمريكي، ودعت إلى عدم إفلات الأمور وإيجاد الحلول المناسبة، قائلة: ان من الخطأ ترك منطقة الشرق الاوسط نهبا للمتعصبين . ونفت وجود خطر ناجم عن الإسلام، ومشددة على أنه لا توجد صلة بين الإرهاب والإسلام. وقالت إن الإرهاب الذي تعرضت له الولاياتالمتحدةالأمريكية في الحادي عشر من سبتمبر 2001 ليس إسلاميا، وان ما تعرضنا له ليس له صلة بالإسلام، والجيمع يشاركنا الرأي في حربنا ضد خطر القاعدة. من جانبه دعا علي باباكان وزير الخارجية التركي إلى ضرورة معالجة ظاهرة الإسلاموفوبيا الناشئة عن هجمات 11 سبتمبر 2001، وقال باباكان في كلمته في الافتتاح إن الإرهاب لا دين له وإنه جريمة ضد البشرية، داعيا العالم الإسلامي للتنصل من المتطرفين الذين يستخدمون الإسلام كذريعة للكراهية والإرهاب. كما دعا وزير الخارجية التركي إلى ضرورة حل القضية الفلسطينية باعتبارها أساس المشكلات فيما يتعلق بالعلاقة بين الغرب والعالم الإسلامي، وقال إنه لابد من السعي لإقامة دولتين، وأشار إلى ضرورة تجاوز الفلسطينيين خلافاتهم والانقسام بينهم لكون ذلك يضر بقضيتهم، وأن بلاده بالإضافة إلى دورها السياسي تساعد في تقوية الاقتصاد الفلسطيني وستنفق فى غضون السنوات الثلاثة المقبلة نحو 130 مليون دولار لهذا الغرض. إحصائيات أمريكية وفي السياق كشفت المشاركون في الجلسة الأولى من المنتدى الأمريكي الإسلامي إحصاءات واستبيانات أجراها عدد من مراكز الأبحاث الأمريكية المتخصصة، حيث تبين أن هناك حالة من القلق تسود العالمين العربي والإسلامي تجاه السياسات الأمريكية في المنطقة. وأوضحت الإحصائيات والاستبيانات أن 70% من الرأي العام في العالم الإسلامي يرى أن الولاياتالمتحدة وإسرائيل تمثلان المصدر الأول للتهديد العسكري في المنطقة، بينما 10% فقط ترى أن إيران هي التي تشكل خطرا على المنطقة، الأمر الذي يعني وفق الاستبيانات أن أغلبية الرأي العام الإسلامي لا ترى في حصول إيران على التقنية النووية مصدر خطر أساسي على المنطقة. فقد أشار ستيفن كول مدير برنامج توجهات السياسات الخارجية الأمريكي إلى أن 60% من الرأي العام العربي والإسلامي رفضوا أي تدخل دولي لوقف البرنامج النووي الإيراني. وأشار كول إلى أن 57% من الرأي العام يرى أن الولاياتالمتحدة تعمل على السيطرة على الأحداث في العالم عبر الاستخدام المفرط للقوة العسكرية، وأن هذا الاستخدام لا يتم بطريقة عادلة، بل هو موظف بالدرجة الأولى لخدمة المصالح الإسرائيلية. في حين أبدى 67% من الشريحة المذكورة اقتناعهم بأن الوجود الأمريكي العسكري في المنطقة يثير المشاعر العدائية وغير الإيجابية تجاه السياسة الأمريكية، وأنه يهدف بالأساس إلى تأمين منابع النفط في المنطقة، ورغم ذلك قال كول إن ذلك لا يعتبر شيئا سيئا، وإن أوضح أن الشريحة تستهجن الضغط المباشر وغير المباشر للوصول إلى أهدافها. وأشار كول إلى أن الأغلبية في المنطقة أبدت قناعتها بأن الإدارة الأمريكية لا تسعى بجدية إلى تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط، وأنها تمارس سياسات عدائية تجاه العالمين العربي والإسلامي، بما يدعم إسرائيل. وقال إن الاستبيان أوضح أن الشارع الإسلامي يرى أن السياسة الأمريكية تمثل الخطر الأكبر على المنطقة من تنظيم القاعدة، وأن التنظيم محط تأييد في مواجهته للولايات المتحدة مع التحفظ على قتله للمدنيين، وإن دعم الشارع الإسلامي للقاعدة ينطلق من مقولة عدو عدوي صديقي ، لافتا إلى أن جلسات مغلقة ويناقش المنتدى الأمريكي الإسلامي الخامس عددا من المواضيع الحساسة، رغم الغياب شبه الكامل للأطراف التي يهمها الأمر خاصة الإسلاميين كما أشار إلى ذلك خليل زاد، وإن شارك عضو من الحزب الإسلامي العراقي وآخر من جبهة التوافق العراقية والداعية عمرو خالد بورقة هذا ما يريده الشباب العربي من أمريكا . وتنقسم مواضع المنتدى التي أبعد الإعلام عن تغطيتها إلى محور أمني يتناول ما هي التوجهات الرئيسية والأحداث في العام الماضي والتي شكلت الأمن والتفهم لمجرياته بين الولاياتالمتحدة والعالم الإسلامي؟ ما الذي يمكن التنبؤ به وما هي التحديات الرئيسية والأحداث الهمة التي يجب أن نتهيأ لها خلال السنة والخمس سنوات المقبلة؟، كيف يتسنى تأمين الاستقرار في الخليج؟ وإن استمرت إيران (نوويا) كيف يكون موقف الولاياتالمتحدة ودول المنطقة؟ هل هناك دور متوقع لـ مؤسسة جديدة أو منظمة في المنطقة؟ وحالة الحرب على الإرهاب وهل تم إحراز تقدم في الحرب على القادة أساسا وما هي البشرى أو النذر في هذه الحرب في الخمس سنوات المقبلة؟ وأولويات النظام الأمني العددي القوي. ومحور سياسي يتناول تأثير القوى الخارجية على الإصلاح السياسي وهل بمقدور القوى الخارجية أن تلعب دورا في قيادة الإصلاح السياسي في العالم الإسلامي؟ وإن كان الأمر كذلك أي ظرف يتحق هذا؟. تجدر الإشارة إلى أن محللين سياسيين يشيرون إلى وجود مخطط لتشجييع المعارضة السورية على الانقلاب على نظام بشار الأسد. كما يتناول الإصلاح داخل الإسلام السياسي وما هي الإستراتيجيات المختلفة التي يسعى إليها الإسلاميون كردة فعل للجهود المبذولة للإصلاح؟ ما هي النتائج المحتلمة؟ ثم محور التنمية البشرية والمتغيرات الاجتماعية الذي يناقش ما هي الصلة بين التنمية البشرية والتنمية السياسية، والديمقراطية والاستقرار الاجتماعي؟ لماذ يتحتم على الغرب بصورة خاصة وعلى وجه الخصوص الولاياتالمتحدةالأمريكية الاهتمام بالتنمية البشرية في العالم الإسلامي؟. وما هي أولويات البلدان عند مراحل مختلفة من التنمية في العالم العربي؟ ما هو الإطار الفكري والسياسي الأمثل لإعداد تقرير عن التنمية البشرية في العالم الإسلامي؟ إضافة إلى محاور قادة الأقليات المسلمة الذي يدرس وضع المسلمين الحالي في الغرب وكيفية إدماجهم سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ومجتمع المعرفة ودول العالم الإسلامي في بنائه من أجل تعزيز المصالح المشتركة، وقادة الفنون والثقافة وأفضل النماذج المؤثرة للتفاعل الثقافي بين الطرفين. وسيشهد اليوم الأخير من أنشطة منتدى أميركا العالم الإسلامي الخامس تدشين كتاب من يتحدث عن الإسلام؟ حيث تناقش مشاركون في جلسة مغلقة من يتحدث عن الإسلام؟ وما الذي يعتقده؟ وحقيقة مليار مسلم في العالم؟ وتنظم المنتدى بشكل سنوي اللجنة الدائمة لتنظيم المؤتمرات بوزارة الخارجية القطرية ومركز سابان لدراسات الشرق الأوسط بمعهد بروكنغز بالولاياتالمتحدةالأمريكية. ويهدف المنتدى الذي يعقد في الدوحة منذ سنة 2004 إلى بناء علاقات وتغيير التوجهات وإعطاء انطباع للعالم بأن المسؤولين والمعنيين من الجانبين الأمريكي والإسلامي من السهولة أن يلتقوا في مناسبات عديدة لمناقشة القضايا التي تهمهم.