دعا أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الدول العربية والإسلامية إلى إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية وثقافية في بلدانهم من أجل زيادة المشاركةالشعبية في الصنع القرار السياسي. وأشار في افتتاحه للمؤتمر الثاني للحوار بين الولاياتالمتحدة الأميركية والعالم الإسلامي إلى أن الدوحة ستكون مقر المنتدى الدائم الذي سيشرف عليه شخصيات عالمية من أجل تعزيز هذا الحوار الذي يبحث عن أرضية مشتركة يمكن أن تجمع المتحاورين في المستقبل. تستمر فعاليات الحوار الأميركي الإسلامي حتى الثاني عشر من الشهر الجاري بالعاصمة القطرية. وقال أمير دولة قطر إن المؤتمر يكتسب أهمية خاصة بسبب الظروف التي يمر بها العالم بأسره، في إشارة إلى أحداث 11 سبتمبر واحتلال العراق وتردي الوضعفي فلسطين. وأوضح أن التحديات التي نواجهها جميعا تحتم علينا بذل الجهود لتسوية الأزمات والنزاعات الإقليمية القائمة بالطرق السلمية وفي مقدمتها الصراع العربي الاسرائيلي. وأكد أنه "يتعين علينا نحن العرب والمسلمين في سائر أنحاء العالم أن نعمل على معالجة المشاكل والأزمات التي تواجه دولنا ومجتمعاتنا والتي يعود الكثير منها إلى عوامل ذاتية، وأن نقوم بإصلاحات سياسية واقتصادية وثقافية لزيادة المشاركة الشعبية والممارسة الديمقراطية لصنع مستقبل أفضل لأجيالنا القادمة" وطالب الشيخ حمد بن خليفة الولاياتالمتحدة الأميركية باعتبارها راعية عملية السلام والمجتمع الدولي بضرورة تعزيز الجهود الرامية لحل الصراع العربي الإسرائيلي من خلال تطبيق المباردات الدولية وانسحاب إسرائيل من كامل الأراضي الفلسطينيةالمحتلة عام 1967 والانسحاب من الأراضي السورية واللبنانية، مشيرا إلى ضرورة المحافظة على وحدة العراق كذلك ومساعدته على الخروج من المحنة التي عانى منها طويلا وتمكينه من استعادة استقلاله وسيادته واختيار قيادته بصورة حرة وديمقراطية. وأعلن أمير قطر أن المنتدى الدائم للحوار الإسلامي الأميركي بدأ في اتخاذ خطواته العملية الأولى من خلال إنشاء مشروع قطر-بروكينغز الذي سيتولى مسؤولية الإشراف الدائم على أعمال هذا المؤتمر ودوراته المتعاقبة، وستكون الدوحة مقرا دائما للمنتدى. وفي كلمة أمير حزب الجماعة الإسلامية في باكستان قال القاضي حسين أحمد إن الولاياتالمتحدة تحاول فرض سياسيتها على العالم الإسلامي، داعيا صانعي السياسة الأميركية إلى أن يضعوا في اعتبارهم أن الطبيعة الإنسانية لا ترغب في السيطرة والتعالى على الحقوق البشرية. وأعرب عن اعتقاده بأن "مبادئ الحرية والمساواة هي مبادئ مشتركة بين الشعوب ويتوجب علينا جمعيا المحافظة عليها حتى لا تفقد معناها وتتحول إلى احتلال وسيطرة على الموارد" . وأشار القاضي حسين -في إطار حديثه عن الحرب الأميركية على الارهاب إلى أن السياسة الأميركية تتجاهل الكثير من المبادئ الإنسانية المشتركة، ونوه إلى أنه لا يمكنلأحد أن يسيطر على أحد "فكلنا أبناء لآدم وقد خلق آدم من تراب وعلينا نبذ الكراهية والعنف، وعلى أميركا الاعتراف بحقوق الآخرين ورفع الظلم عنهم حتى لا تواجه الكثير من المشاكل التي قد تتسبب في عزلها وخاصة في أوروبا حيث توجد بعض السياسات الأميركية غير المقبولة هناك" . من جهته أكد فضيلة العلامة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي أن التوتر بين أميركا والعالم الإسلامي يقوم على سببين اثنين أولهما التحيز الأميركي المطلق لإسرائيل وثانيهما أن المنظرين للسياسة الأميركية جعلوا من الإسلام العدو الأول محل الاتحاد السوفياتي. واتهم أميركا بالصمت إزاء ما يحدث في فلسطين قائلا إن أميركا لا تفعل شيئا وهي قادرة على إلجام إسرائيل وفي نفس الوقت تتهم الفلسطينيين بالإرهاب. وانتقد فضيلة القرضاوي التأييد الأميركي المطلق لإسرائيل سواء بالفيتو الذي وصل إلى 70 مرة لكي لا تمس إسرائيل أو بالمليارات أو بالسلاح. وقال د. القرضاوي إن التوتر الذي خيم على العلاقة بين المسلمين وأميركا يرجع أيضا إلى أن المنظرين للسياسة الأميركية وجدوا من الإسلام عدوا بدلا من الشيوعية نافيا ذلك مدللا بأن الإسلام رحمة للعالمين وإنه ليس خطرا على البشرية وكل هذا حدث قبل 11 سبتمبر. كما انتقد من يقول إن الإسلام دين إرهاب قائلا إن الإرهاب ليس إسلاميا فقط ففي أميركا إرهاب وفي إسرائيل إرهاب وفي بريطانيا وغيرها من البلدان مؤكدا أن هناك من ارتكب أخطاء من المسلمين ولكن ليس مجملهم. وانتقد القرضاوي اتهام أميركا للعمل الخيري بدعم الإرهاب وتساءل لماذا وصلت أميركا إلى هذا الحد، وقال إذا كانوا يصفوننا بأن لدينا فكرا متطرفا فإن لديهم فكرا متطرفا وهناك من تهجم على الإسلام وعلى الرسول، أضاف مستفسرا "لماذا لم يطالبوا بتغيير الخطاب الديني عندهم الفكر اليميني والمسيحي المتطرف لا شك أنه حقيقة موجودة في أميركا وهو الذي يوجه السياسة الأميركية" في إطار الرد على الدعات الأميركة بتغيير الخطاب الديني في العالم الإسلامي. إلا أن الدكتور القرضاوي شدد على أهمية الحوار بين المسلمين وغيرهم من أصحاب الحضارات الأخرى قائلا إنني من أنصار التفاؤل ولا أريد أن أسد الطريق أمام أمثال هذه المحاولات. وفي تعقيبه على كلمتي القاضي حسين أحمد والدكتور يوسف القرضاوي، قال ريتشارد هولبروك السفير الأميركي السابق لدى الأممالمتحدة إنه لا يتفق مع العديد من الأمور التي وردت في كلمتي القرضاوي والقاضي حسين غير أنه أكد أنه يوجد أميركيون يتفقون مع ما ذكر وهذا يمثل جوهرا ديمقراطيا، مضيفا أن أميركا ليست بالبلد الكامل وتسعى حسب قوله لتجنب أي سلبيات في سياساتها. وقال إن على المسلمين وأميركا أن يتعلما من بعضهما البعض ويستمع كل منهما للآخر من أجل التوصل إلى فهم مشترك بشأن القضايا محل الخلاف داعيا إلى الدخول في حوار بين الحضارتين والثقافتين الأميركية والإسلامية وإيجاد أرضية مشتركة بين أميركا والعالم الاسلامي من أجل توسيع الأساس المشترك ونحارب سويا الفقر والمرض والجهل. تجدر الإشارة إلى أن المؤتمر يشارك فيه أكثر من 150 مشاركا من 40 دولة يمثلون القطاعات المختلفة عبر العالم تشمل الاكاديميين وصناع القرار وعلماء إسلاميين ورجال المجتمع المدني ورجال الإعلام والرسميين وغير الرسميين. ويناقش المؤتمر 12 ورقة عمل. منها "التعليم والتنمية الإنسانية من أين وإلى أين" و"الأغلبية الصامتة"، "الإصلاح والأقليات المسلمة" والإمبريالية الجديدة مستقبل الدور الأميركي في الخليج" و "تفعيل المجتمع المدني" و"العلاقات بين الولاياتالمتحدة والعالم الاسلامي" وغيرها. الدوحة- عبد الحكيم أحمين