عشقت طوال حياتها عمل الخير، والتضحية بكل شيء من أجل مساعدة الآخرين، رغم أن فضلها كان يصل أناسا كثيرين غير أنها قررت أن توسع من مجال أنشطتها، وتمد يدها البيضاء لأكبر عدد ممكن من المحتاجين. وأهم شريحة اهتمت بها هي شريحة النساء، واليتامى والأرامل، لأنهم هم الفئة الأكثر احتياجا لمن يمد لها يد العون والمساعدة. وأنجع طريقة فكرت فيها ليستفيد أكبر عدد من الناس من خدماتها هي تأسيس جمعية للأعمال الاجتماعية. إذ كانت رئيسة جمعية فريدة من نوعها، فكل الأعمال الخيرية التي كانت تتم باسم الجمعية كانت من مالها ووقتها الخاص. في البداية جعلت من مبنى منزلها مقرا لتلك الجمعية، وقررت أن تكون كل المساهمات من مالها الخاص لدرجة أنها لم تستعن يوما بأي ممول لمشاريعها الجمعوية، لأنه كما كانت تقول رحمها الله هدفها ليس العمل الجمعوي في حد ذاته بل أن تتمكن من إسعاد أكبر فئة ممكنة طالما أنها تملك المال والإرادة لفعل ذلك ابتغاء رضوان الله. ورغم أن ذلك العمل كان يكلفها ملايين السنتيمات إلا أنه يشعرها بسعادة كبيرة لأنها تسخرها في مد يد العون للآخرين، وأشد ما كان يحفزها ويزيد من إرادتها هو كلما رأت أفواجا من الفتيات وقد تخرجت على يديها في مجال من المجالات، كالخياطة أو محاربة الأمية، أو تعلمت حرفة من الحرف الأخرى. فنهاية السنة وإعلان نتائج التخرج كانت لها بصمة مميزة في حياتها. أهم ما تركته تلك السيدة رحمها الله هو صدقة جارية تنتفع بها بعد مماتها، فنظرا لحرصها الكبير على أعمال الخير، وخوفها الشديد من أن ينقطع ذلك العمل بمجرد وفاتها، لم تتوان في ترك وصية لأبنائها بضرورة استمرار هذا العمل الاحساني واستمرار نشاط الجمعية أمانة في أعناق أبنائها الذين شددت في وصيتها لهم على رعاية الآخرين واستمرار الجمعية، ونظرا لأن وصيتها وجب احترامها وتنفيذها فقد أورثت أبناءها حب الخير وحرصوا على تنفيد الوصية واستمرار العمل الخيري الذي بدأته والدتهم رحمها الله.