لا زال اغتيال عمر بن جلون يطرح أسئلة عميقة على تاريخ الشبيبة الإسلامية، فالمتتبع لمسار التحقيق في هذه القضية وللمحاكمات التي تمت والتصريحات التي أدلى بها منفذو العملية، لا يكاد يخرج بطائل في فهم سلوك الشبيبة الإسلامية وموقفها من هذا الحادث. في البدء حصن مطيع الموقف وأذاع داخل التنظيم رواية المؤامرة المدبرة لإلصاق التهمة بالحركة الإسلامية، لكن لما ألقي القبض على منفذي العملية وبرز اسم عبد العزيز النعماني، راجت رواية ثانية تقول إن مطيع حذر أعضاء الشبيبة الإسلامية من النعماني بدعوى فساد سلوكه، ثم ما لبث أن ظهرت بيانات جديدة تنسب إلى النعماني مسؤوليته عن حركة المجاهدين المغاربة وتقول إن هذا التنظيم تأسس سنة ,1970 وتجعل من مجلة السرايا ناطقة باسمه. ألا يحق أن نشك في وجود تنظيم بهذا الاسم، وأن الأمر كان يتعلق فقط بلعبة بيانات كان الهدف منها إبعاد التهمة عن الشبيبة الإسلامية وإلصاقها بتنظيم آخر؟ عمليا كان النعماني يتأطر في الجلسة القيادية الأولى التي كانت تضم الطلبة والتلاميذ والمعلمين والأساتذة، وكانت له علاقة خاصة بعبد الكريم مطيع حيث كان ينصبه في بعض المسؤوليات الخاصة. وكان آخر مسؤولية أنيطت به هي تأطير جلسة محمد حليم التي تكلفت بتصفية عمر بن جلون. لم يكن لعبد العزيز النعماني أية مواصفات خاصة تجعل منه قادرا على بناء تنظيم على شاكلة النظام الخاص الذي عرفه الإخوان المسملون، فقط ما كان معروفا داخل الشبيبة الإسلامية هو وجود بعض اللجان التأديبية، وكان عملها العنفي محدودا، وفي الغالب ما يكون مؤطرا برد الفعل. والدور الذي قام به عبد العزيز النعماني لم يتجاوز الشحن العاطفي والديني ضد عمر بن جلون وإعطاء تعليمات لأفراد بتأديبه أو حتى تصفيته. والذي يبحث في أسلوب التصفية الجسدية التي تمت في حق بن جلون يدرك أن الأمر لم يكن يتعلق بتنظيم عنفي منظم له إمكانات في حجم مسمىحركة المجاهدين المغاربة. ألا يجوز أن يكون تنظيم المجاهدين المغاربة مجرد لعبة بيانات كان القصد منها في البدء هو قطع العلاقة نهائيا بين الشبيبة الإسلامية وبين حادث الاغتيال من خلال بيان عدم صلة عبد العزيز النعماني بقيادة الشبيبة؟ ما يرجح هذا السيناريو أن تنظيم المجادين المغاربة لم يكشف عن اسمه ولم تظهر مناشيره وعلى رأسها مجلة السرايا إلا في الثمانينات، وأن لغة البيانات الصادرة باسم حركة المجاهدين المغاربة تشبه إلى حد كبير بيانات الشبيبة الإسلامية في وأوائل الثمانينات. فهل وقع تضليل الجميع بهذا التنظيم المتخيل؟ أم أن التنظيم صنع في البيانات وصار حقيقة في مرحلة تحول فكري عاشته قيادة الشبيبة في مرحلة من المراحل؟