- ماهي حقيقة علاقة مطيع وحركة الشبيبة الإسلامية بالدكتور الخطيب؟ < لم تكن هناك علاقة تذكر للدكتور الخطيب رحمه الله بالشبيبة الإسلامية ولا بزعيمها عبد الكريم مطيع، بل بالعكس لقد كان هذا الأخير دائما يروج بين أتباعه أن الدكتور الخطيب رحمه الله عميل للقصر. لكن الذي حصل -وهذه شهادة للتاريخ- هو أنه بعد اغتيال عمر بن جلون رحمه الله في يوم الخميس 18 دجنبر سنة 1975 بعث عبد الكريم مطيع في طلبي رغم العلاقة المتوترة بيننا آنذاك، فالتقيت به يوم الجمعة 19 دجنبر، وكان برفقته الحاج إبراهيم كمال، وطلب مني أن أعقد له موعدا مستعجلا مع الدكتور عبد الكريم الخطيب رحمه الله. وفعلا، أخبرت الدكتور بالأمر فقال لي رحمه الله بأن أقول لهما أن يحضرا المؤتمر التأسيسي لاتحاد الشبيبة الشعبية ( التابع للحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية الذي سينعقد في الرباط يوم الأحد 21 دجنبر). وهكذا، حضر عبد الكريم مطيع وابراهيم كمال ومجموعة من أعضاء الشبيبة الإسلامية إلى المؤتمر، وألقى مطيع كلمة تحدث فيها عن الوضع السياسي في المغرب ودور الشباب في الإصلاح، وتمنى للمؤتمرين النجاح. وبعد انتهاء الجلسة الافتتاحية، امتطينا سيارة الدكتور الخطيب رحمه الله أنا ومطيع والحاج كمال، وقال مطيع للدكتور الخطيب إن بعض الشباب المتحمس من الشبيبة الإسلامية قاموا باغتيال عمر بن جلون وذلك بعد سماعهم لمحاضرة ألقاها هذا الأخير يسب فيها الرسول صلى الله عليه وسلم، وأَضاف مطيع أنهما سيغادران المغرب فمسك الدكتور الخطيب رأسه وبدأ يردد لا حول ولا قوة إلا بالله فقال لهما لماذا تغادران المغرب، «ما تدير ش ما تخافش» إلا أنهما قررا مغادرة البلاد وطلبا من الدكتور الخطيب رحمه الله أن ينخرط بعض أعضاء الشبيبة الإسلامية في التنظيم الجديد للحزب. وكان رد الدكتور رحمه الله هو أن يلتزم الجميع بمبادئ الحزب. وفعلا التحق بعض أعضاء الشبيبة الإسلامية باتحاد الشبيبة الشعبية، فكانت تقام محاضرات وندوات يؤطرها مجموعة من المفكرين الإسلاميين، أمثال: د. المهدي بن عبود ود. رشدي فكار والشاعر بهاء الدين الأميري، رحمهم الله جميعا، إلى جانب بعض الضيوف من خارج المغرب، واستمرت هذه اللقاءات بضعة أشهر إلى أن أصدر مطيع أوامره لأتباعه بمقاطعتها، وبدأت حملته ضدي وضد الدكتور الخطيب رحمه الله من الخارج. وتبين بعد ذلك أن الهدف الحقيقي لمطيع من خلال الاتصال بالدكتور الخطيب وتوريطه هو وبعض الشخصيات هو تبرئة نفسه. - وكيف توفق بين القول بأن الخطيب رجل قصر وبين مواقفه من الانتخابات وخلافاته مع الحسن الثاني رحمه الله؟ < كان رحمه الله من أشد المدافعين عن الديمقراطية، فطوال حياته كان يؤمن بها ويطبقها على نفسه أولا، ولم يكن قط يفرض رأيه داخل الحزب.، فقد كان ضد دعاة الدكتاتورية والحزب الوحيد، كما كان ضد التزوير في الانتخابات وتزييف إرادة المواطنين. فقد كانت مواقفه جريئة في عهد الحسن الثاني رحمه الله. كان هو نفسه ضحية التزوير في الانتخابات، وقد رفض بعد ذلك الخوض مع الخائضين وقرر مقاطعة كل الانتخابات التي لا تتوفر فيها شروط النزاهة والشفافية. وبقي هو وقلة من أصحابه على هذه المبادئ حتى التحقت بهم مجموعة من شباب حركة التوحيد والإصلاح. بينما كان البعض يؤمن بدكتاتورية البروليتاريا أو من المعجبين بدكتاتورية بعض الأنظمة العربية. ورأينا كذلك من انخرط في مسلسلات التزوير طوال الفترة السابقة، أو يدعي الديمقراطية وسلوكه داخل حزبه نقيض الديمقراطية. وها نحن نشاهد اليوم كيف عاد عدد من الزعماء والسياسيين إلى رشدهم فأصبحوا يقولون بنفس المبادئ التي دافع عنها الدكتور الخطيب رحمه الله منذ أزيد من 50 سنة. - كيف كان الخطيب يتدخل في القضايا التي تعرف نوعا من الخلاف أو الاصطدام بمسؤولي الدولة بخصوص الحزب؟ < الدكتور الخطيب رحمه الله كان دائما قويا في مواقفه ولا يخاف في الله لومة لائم. فله مواقف كثيرة تتسم بالجرأة والشجاعة. وعلى سبيل المثال، رفضه للطريقة التي تمت بها حالة الاستثناء والتي كانت مخالفة للدستور لدرجة أنه رفض تسليم مفاتيح البرلمان. فكانت النتيجة طرده من حزب الحركة الشعبية هو وبعض رفاقه. فأسس الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية ليؤكد تشبثه بالدستور والديمقراطية. فأدخل موقفه هذا الحزب في مسلسل من التضييق. وفي اللقاء الذي جمع أعضاء الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية في بيت وزير الداخلية السابق الساهل انتفض الدكتور الخطيب حينما قال كاتب الدولة السابق في الداخل فؤاد عالي الهمة إن الحزب يساند حماس الإرهابية ،فقال له الدكتور الخطيب إن حماس ليست إرهابية بل حركة مقاومة، وهناك مواقف كثيرة قل نظيرها، فالدكتور الخطيب رحمه الله شخصية فذة وفريدة من نوعها.