تمويل الإجهاض ممنوع، دعم عمليات تعقيم قسرية كوسيلة لتنظيم الأسرة غير جائز، تنفيذ إرشادات هيئة تحدي الألفية حول إدماج النوع الاجتماعي واجب، هذه خلاصة بعض بنود ميثاق تحدي الألفية الموقع عليه بين الحكومة المغربية وحكومة الولاياتالمتحدةالأمريكية عبر هيئة تحدي الألفية في 31 غشت الماضي. ففي الفقرة 6,2 من الميثاق وضعت الهيئة شروطا للتمويل من بينها حرص الحكومة المغربية على ضمان عدم استخدام تمويل تحدي الألفية من أجل القيام بعمليات إجهاض كوسيلة لتنظيم الأسرة، أو إجبار شخص على القيام بإجهاض، أو تمويل عمليات تعقيم قسرية كوسيلة لتنظيم الأسرة أو إجبار أو تقديم محفزات مالية لأي شخص من أجل القيام بعمليات تعقيم أو تمويل أي بحث طبي إحيائي يرتبط كليا أو جزئيا بطرق الإجهاض أو التعقيم القسري كوسيلة لتنظيم الأسرة. وإن كان متفقين مع أمريكا من حيث المبدأ على عدم تشجيع لإجهاض، غير أن وضعها كشرط للتمويل يعني بالواضح أن شروط أقوى دولة في العالم لا محيد عنها والتزامات ينبغي تنفيذها وشريعة بلاد العم سام يجب احترامها وعدم المساس بها ، إنها قيود تكبل كل من سولت له نفسه مخالفة أمر الرئيس الأمريكي جورج بوش الذي أصدره سنة 2003 الذي تم بموجبه منع المنظمات الدولية استخدام الأموال في الأنشطة التي تشجع على الإجهاض، إذ خطب حينها في الجمع قائلا لا يتعين أن تنفق أموال دافع الضرائب الأمريكي على إجراء عمليات الإجهاض أو الترويج له سواء داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية أو خارجها. والسؤال المطروح ما علاقة الإجهاض، ببرنامج تحدي الألفية الذي يهدف إلى التخفيف من حدة الفقر وتشجيع النمو الاقتصادي، ولعل الجواب المباح هو تلازم الديني والسياسي، خاصة لدى أمريكا، التي لا تأبه لا بالصكوك ولابالمواثيق الدولية وتتصدر قائمة الدول التي لم توقع على العديد من الاتفاقيات تشبثا بدينها وخصوصيتها ونواميسها. وبالمقابل نجد بالمغرب أصواتا تئن هنا وهناك مطالبة بجعل المواثيق الدولية أسمى من التشريعات الوطنية وتسعى جاهدة لرفع كل التحفظات والتصريحات التي وضعها المغرب حول العديد من الاتفاقيات الدولية، وذلك تحت يافطة حقوق الإنسان، دون مراعاة للخصوصية الثقافية ولا للهوية الوطنية، ودون اعتبار لأخلاق وقيم المغاربة. وما دمنا نتحدث عن حقوق الإنسان، فالحلم أيضا حق من الحقوق، فلتحلم كل النساء ضحايا الطلاق والعنف الذي سببه الخمر، وليحلم كل الرجال ضحايا جرائم وجنح المخمورين أن يأتي يوم تضع فيه أمريكا ضمن قيود تمويلاتها تخصيص حصة الأسد منها لدعم مشاريع بديلة عن تجارة الخمور من كحول ونبيذ وماحيا، وتأسيس مراكز استشفائية لمعالجة مدمني الخمرة، وسيرا على المثل القائل ما عند الميت ما يدير قدام غسالو، فسينفذ المغرب الاتفاقية، وتكون النتيجة انخفاض عدد مستهلكي الخمور بالمغرب وإغلاق عدد كبير من الحانات، ويطل علينا وزير الداخلية بابتسامته البهية في البرلمان ليكشف لنا أن عدد رخص الخمور انخفضت بنسبة أكثر من 50 في المئة بسبب تطبيق الإجراءات الصارمة للقانون الذي لا يبيح بيع الخمور للمسلمين، وبهذا تكون أمريكا حققت ما عجزت عن تحقيقه الحكومات المتعاقبة، وكفت بعض النواب الذين بحت أصواتهم تحت قبة البرلمان إثارة الموضوع من جديد، أما أن ينتظر ضحايا مستهلكي الخمور القوانين الوطنية في بلد مسلم أن يمنع ترويج الخمور واستهلاكه، فإن هذا حلم بعيد المنال، مادام الفصل 51 من الدستور ورقة حمراء تشهرها الحكومة المغربية في وجه كل من أراد أن يضيق على استهلاك الخمور بالمغرب.