الكتابة ناوشني فيروسها منذ وقت مبكر، حينما كنت لا أزال أتعثر في سنوات المراهقة، فمع الخفقة الأولى للقلب تحرك هاجس الإبداع، بعد أن كنت قد التهمت عددا لا يستهان به من الكتابات الإبداعية، ففي المرحلة الابتدائية انهمكت في قراءة قصص محمد عطية الأبراشي، التي غرست في أعماقي حب الحكي وحلقت بي في أجواء الخيال الجميل، وأنت تعرف أن أكثر نصوصها مقتبس من القصص العالمية، كما قرأت فيما بعد وخاصة في الطور الإعدادي كتابات المنفلوطي وجبران خليل جبران، وغير ذلك من الكتابات التي قرأها جيلي.. في المرحلة الثانوية اطلعت على الأدب المغربي شعرا وقصة ورواية، ثم جاء دور كتابات نجيب محفوظ وحنا مينة وعبدالرحمن منيف وإحسان عبدالقدوس والأدب المترجم إلى اللغة العربية، كما كان لحضور الشعر مكانة قوية في قراءاتي،ابتداء من العصر الجاهلي ووصولا إلى الشعر الحديث والمعاصر.. بداية كتبت بعض الأشعار التي لم أقتنع بها، رغم أنها أذيعت في برامج إذاعية، ثم كتبت قصصا لم ترق لي، بعد ذلك وفي المرحلة الجامعية استهكلت كثيرا من الكتابات النقدية والفلسفية، ونكصت فكرة الكتابة في اللاوعي.. استمر الأمر على هذه الحال حتى بلغت من العمر خمسة وثلاثين سنة فغزاني -على حين غرة- فيروس الكتابة ولم أجد بدا من الاستسلام إليه.. كتبت قصصا نشرتها على صفحات الجرائد، لاقت استحسانا من طرف من اطلع عليها من الكتاب، والدليل على ذلك أنني سرعان ما وجدت نفسي ضمن أنطولوجيا القصة المغربية الجديدة، التي أعدها نادي القصة القصيرة في الرباط، وأخذت بعض النوادي تدعوني للمشاركة في لقاءات أدبية، وهكذا وجدت نفسي متورطا حتى النخاع في هذه اللعنة الجميلة، لعنة الكتابة.