تسارعت خلال الأسبوع الجاري وتيرة التصريحات والإعلانات من قبل المسؤولين الإسبان بشأن موضوع الصحراء المغربية ودعم حل متوازن للنزاع بما يؤدي إلى إغلاق هذا الملف المزمن، الأمر الذي يكشف عن وجود إرادة لدى الحكومة الإسبانية للوساطة بين مختلف الأطراف. فيوم الأربعاء الماضي صرح وزير الخارجية الإسباني ميخيل أنخيل موراتينوس أن بلاده "تريد المساهمة إيجابيا في حل سياسي لنزاع الصحراء، بشكل يسمح لمختلف الأطراف بالخروج من الوضعية المغلقة" التي يوجدون فيها، كما سجل أهمية التعاون المغربي الإسباني واعتبر أنه "أكثر من إيجابي"، وأكد أيضا على "روح التصريح المشترك المغربي الإسباني" الذي تم توقيعه بمناسبة زيارة رئيس الوزراء خوسي لويس رودريغيث ثباطيرو لبلادنا في 14 أبريل الماضي. أما كاتب الدولة في الخارجية برناردينو ليون فقد أعلن في العاصمة الإسبانية يوم الأحد الماضي أن حل نزاع الصحراء "سيشكل خطوة تساهم في الاندماج المغاربي وتقوي العلاقات السياسية والاقتصادية بين بلدان الجنوب، خاصة إذا قرر المغرب والجزائر فتح حدودهما". وقال ليون في معرض حديثه عن الخطوط العريضة للسياسة الخارجية الإسبانية وميثاق السياسة الخارجية للحزب الاشتراكي العمالي الحاكم، أن هناك إرادة قوية لدى إسبانيا للمساهمة إيجابيا في حل مشكلة الصحراء، مضيفا أنه "إذا ظلت الأممالمتحدة هي مرجعية هذا النزاع، فإن أي حل لن يقوم بدون اتفاق بين الأطراف". وقال كاتب الدولة في الخارجية، الذي قام بزيارة إلى تندوف في الشهر الماضي هي الأولى لمسؤول إسباني منذ خروج القوات الإسبانية من الصحراء المغربية منتصف السبعينات من القرن الماضي، إن حكومة بلاده "تعمل لتسهيل الحوار بين الأطراف"، كما سبق وأعلن ذلك الوزير الأول الإسباني زباثيرو ووزير الخارجية موراتينوس، وأن بلاده تريد إقامة علاقات قوية مع بلدان منطقة المغرب العربي >بعيدا عن التحالفات الظرفية". وقد شكلت قضية الصحراء نقطة في جدول أعمال المؤتمر الفيدرالي ال36 للحزب الاشتراكي الإسباني الذي عقد يوم الأحد الماضي بمدريد، حيث دعت وثيقة الاستراتيجية والمشروع السياسي التي صادق عليها المؤتمر بالإجماع في نهاية أشغاله إلى إيجاد حل متوافق عليه لنزاع الصحراء و"خلق إطار للحوار لتقريب المواقف بين مختلف الأطراف وتسهيل إطلاق الحوار بين المواقف المتباعدة". وتأتي هذه التصريحات والإعلانات من المسؤولين الإسبان والحزب الحاكم قبل أيام قليلة من الزيارة الرسمية التي من المرتقب أن يقوم بها رئيس الوزراء الإسباني لويس زباثيرو للجزائر منتصف الشهر الحالي، هي الأولى له منذ توليه منصبه في شهر مارس المنصرم، والثانية لمسؤول إسباني بعد زيارة وزير الخارجية قبل أزيد من شهر. إذ من المنتظر أن تشكل قضية الصحراء أهم نقطة في المباحثات بين الوزير الأول الإسباني والمسؤولين الجزائريين. وقد أثارت هذه التصريحات قلق زعماء جبهة البوليساريو الذين باتوا يتخوفون من أي تقارب بين مدريد والرباط ويتوجسون من دعوات الحوار لحل نزاع الصحراء، خصوصا بعد التصريحات التي انتقد فيها وزير الخارجية الإسباني الوسيط الأممي في النزاع جيمس بيكر المستقيل، وقال فيها إن هذا الأخير >فقد مصداقيته<، حيث بدأ زعماء الجبهة يدركون بأن ما يجري في أروقة الدبلوماسية الدولية والإقليمية بشأن نزاع الصحراء يتجاوزهم، ومن تم بدأوا يعلنون تشبثهم بمخطط بيكر2 الذي لم يعد أحد من الأطراف الدولية يعتبر أنه ما يزال قائما ويعبرون عن قلقهم من التوجه الجديد للحكومة الإسبانية، آخر هذه التصريحات ما ورد على لسان محمد سيداتي، الوزير المنتدب في أوروبا لما يسمى بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية الوهمية في حوار أجرته معه يومية (آ بي ثي) الإسبانية أول أمس الإثنين، حيث قال: "بالنسبة لنا فإن مرجعية النزاع تبقى هي مخطط بيكر، رغم أن بيكر رحل، ولكنه ترك أرضية للحل". إدريس الكنبوري