خلف سؤال طرحه أحد النقاد السينمائيين المغاربة حول تشويه صورة العرب والمغاربة في أحد أفلام الممثل المشهور شين كونري، أثناء انعقاد ندوة صحفية في المهرجان الدولي للفيلم أول أمس الأربعاء بمراكش، موجة ردود فعل متباينة. ففي حين انتفض صحفي بلجيكي مقاطعا طارح السؤال، وغضب ممثلون عن وسائل إعلامية أجنبية، ومنهم بعض المغاربة الفرنكفونيين، قال الممثل كونري، المعروف بجيمس بوند وبلعبه دور العمالة السرية وبتقمص أدوار سلبية لشخصية عربية أو هندية في بعض أعماله، في تعليق قصير «إن ذلك من التجارب التي يمر منها الفنان في حياته». وثارت ثائرة صحفية فرنسية من أصل جزائري أيضا حين منعها أحد حراس كونري من الجلوس قرب المنصة من أجل تسجيل ترجمة لسؤال وجهته إليه، واستهجنت هذه الصحفية استخفاف المنظمين للمهرجان بمنع طرح السؤال المذكور، والمنع الذي تعرضت له، ومنع أحد المغاربة من أخذ صور عن قرب، مستنكرة في سياق آخر تصرف المنظمين الفرنسيين مع العرب والمغاربة، وصلت إلى حد صد بعض الوجوه الفنية المعروفة أمام الباب، بدعوى أنهم لا يتوفرون على دعوات خاصة، وهو ما عبر عنه أحد الصحفيين بالقول إن المهرجان فرنسي بأموال مغربية، وإلا كيف نجد كل المكرمين من الأجانب ولا نجد التفاتة واحدة لفنان مغربي. وقال عبد الإله الجوهري، صاحب سؤال تشويه صورة المغاربة في تصريح لالتجديد، إن من حق أي أحد أن يطرح السؤال كيفما كان، وإن لم يعجب البعض، في إشارة إلى ضرورة توفير حرية التعبير في مثل هذه اللقاءات، كما استغرب الجوهري من الطريقة التي تعاملت بها إدارة المهرجان مع فنانين مغاربة، حيث أشار أن فيلم الابن العاق لمحمد عصفور، ألغي من البرنامج بسبب عدم حضور من يقدم هذا الفنان إلى الجمهور. وفي تعليقه عن جواب للمخرج الأمريكي أليفير ستون في ندوة صحفية أخرى، والذي قال «إنه غير مستغن عن حياته» لما سئل عن نيته في تصوير فيلم عن شخصية تاريخية ودينية بارزة لدى المسلمين، أسوة بتصوير فيلم الاسكندر، قال الجوهري معد برنامج سينما بالقناة الأولى، «إنه مازال مستحكما لدى الفكر الغربي أن العرب والمسلمين مصدرون للإرهاب، وخاصة بعد مقتل المخرج الهولندي فان كوخ، فقد أصبح الكثيرون من السينمائيين العالميين والعرب أيضا يستنكفون عن ملامسة القضايا الإسلامية الحساسة، مذكرا أن الإبداع لا حدود له لكن مع احترام هوية الآخر ومعتقداته»، واعتبر أن ما حدث في هولندا لا يعبر عن رأي الإسلام، الذي هو دين إقناع وسلم. وفي السياق ذاته قال الجوهري إن المشكل ليس في الإسلام، ولكن في الصورة المشوهة التي يحملها الغرب عنه وعن المسلمين، داعيا المنتجين العرب والمسلمين، بدل أن ننفق الملايير في أشياء تافهة، إلى الاهتمام بإنجاز أعمال درامية قوية تبين الوجه الحقيقي للمسلمين، لما للصورة والصورة السينمائية على وجه الخصوص من أهمية قصوى، وذلك ما شاهدناه مثلا في فيلم الرسالة، الذي أخرجه العقاد ولعب دور البطولة فيه الممثل الشهير أنطوني كوين، وعرف نجاحا كبيرا في وقت وحينه. وضرب الجوهري مثالا بالفضية الفلسطينية التي لم يحاول المهتمون التعريف بها عبر الصورة، وتبين في مشهد من بضع دقائق استشهاد محمد الذرة من طرف قوات الاحتلال كيف كان لهذه اللقطات دورها في هز مشاعر العالم وتفاعل معه. وضرب الجوهري مثالا آخر بما تفعله الولاياتالمتحدة مثلا في تحصين إعلامها عبر مؤسسة هوليوود التي حولت أمريكا، من بلد لا تاريخ له إلى قوة عالمية، أصبحت منتجاتها ونمط لباسها يغزو جميع بقاع العالم، مشيرا إلى أن الولاياتالمتحدة ما كانت لتنتصر على الاتحاد السوفيتي لولا استخدام الصورة في حرب إعلامية لا هوادة فيها، كما أن إسرائيل أنتجت بعد حرب 1967 أزيد من 100 فيلم صورت فيها العرب والمسلمين أوغادا وأشرارا كما فعلت ذلك بعد حرب أكتوبر ,1973 كل ذلك من أجل تشويه صورة العرب وكسب تضامن العالم معها. عبد الغني بلوط