المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال (بوريطة)        هل يؤثر قرار اعتقال نتنياهو في مسار المفاوضات؟    عشر سنوات سجنا وغرامة 20 مليون سنتيما... عقوبات قصوى ضد كل من مس بتراث المغرب        رسميا: الشروع في اعتماد 'بطاقة الملاعب'        أبناء "ملايرية" مشهورين يتورطون في اغتصاب مواطنة فرنسية واختطاف صديقها في الدار البيضاء    الحكومة توقف رسوم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام        وفاة ضابطين اثر تحطم طائرة تابعة للقوات الجوية الملكية اثناء مهمة تدريب    أمن البيضاء يوقف شخصا يشتبه في إلحاقه خسائر مادية بممتلكات خاصة    المغرب التطواني يقاطع الإجتماعات التنظيمية مستنكرا حرمانه من مساندة جماهيره    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تعيينات بمناصب عليا بمجلس الحكومة    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بوقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على الأبقار والأغنام الأليفة    الحزب الحاكم في البرازيل يؤكد أن المخطط المغربي للحكم الذاتي في الصحراء يرتكز على مبادئ الحوار والقانون الدولي ومصالح السكان    "بتكوين" تقترب من 100 ألف دولار مواصلة قفزاتها بعد فوز ترامب    الرباط : ندوة حول « المرأة المغربية الصحراوية» و» الكتابة النسائية بالمغرب»    إتحاد طنجة يستقبل المغرب التطواني بالملعب البلدي بالقنيطرة    برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيسة مقدونيا الشمالية بمناسبة عيد الاستقلال    المنتدى الوطني للتراث الحساني ينظم الدورة الثالثة لمهرجان خيمة الثقافة الحسانية بالرباط    بعد غياب طويل.. سعاد صابر تعلن اعتزالها احترامًا لكرامتها ومسيرتها الفنية    القوات المسلحة الملكية تفتح تحقيقًا في تحطم طائرة ببنسليمان    "الدستورية" تصرح بشغور مقاعد برلمانية    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    بإذن من الملك محمد السادس.. المجلس العلمي الأعلى يعقد دورته العادية ال 34    المغربيات حاضرات بقوة في جوائز الكاف 2024    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    الاستئناف يرفع عقوبة رئيس ورزازات    المركز السينمائي المغربي يقصي الناظور مجدداً .. الفشل يلاحق ممثلي الإقليم    مؤشر الحوافز.. المغرب يواصل جذب الإنتاجات السينمائية العالمية بفضل نظام استرداد 30% من النفقات    طنجة.. توقيف شخصين بحوزتهما 116 كيلوغرام من مخدر الشيرا    ميركل: ترامب يميل للقادة السلطويين    زكية الدريوش: قطاع الصيد البحري يحقق نموًا قياسيًا ويواجه تحديات مناخية تتطلب تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص    لأول مرة.. روسيا تطلق صاروخا باليستيا عابر للقارات على أوكرانيا    وزارة الإقتصاد والمالية…زيادة في مداخيل الضريبة    ارتفاع أسعار الذهب مع تصاعد الطلب على أصول الملاذ الآمن    رودري: ميسي هو الأفضل في التاريخ    أنفوغرافيك | يتحسن ببطئ.. تموقع المغرب وفق مؤشرات الحوكمة الإفريقية 2024    ارتفاع أسعار النفط وسط قلق بشأن الإمدادات جراء التوترات الجيوسياسية    بعد تأهلهم ل"الكان" على حساب الجزائر.. مدرب الشبان يشيد بالمستوى الجيد للاعبين    8.5 ملايين من المغاربة لا يستفيدون من التأمين الإجباري الأساسي عن المرض    مدرب ريال سوسيداد يقرر إراحة أكرد    انطلاق الدورة الثانية للمعرض الدولي "رحلات تصويرية" بالدار البيضاء    الشرطة الإسبانية تفكك عصابة خطيرة تجند القاصرين لتنفيذ عمليات اغتيال مأجورة    من شنغهاي إلى الدار البيضاء.. إنجاز طبي مغربي تاريخي    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليسار الأميركي يفشل في تعطيل صفقة بيع أسلحة لإسرائيل بقيمة 20 مليار دولار    شي جين بينغ ولولا دا سيلفا يعلنان تعزيز العلاقات بين الصين والبرازيل    جائزة "صُنع في قطر" تشعل تنافس 5 أفلام بمهرجان "أجيال السينمائي"    تفاصيل قضية تلوث معلبات التونة بالزئبق..    دراسة: المواظبة على استهلاك الفستق تحافظ على البصر    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"دروس من خط الجبهة في المعركة من أجل القلوب والعقول: عاماي في المغرب"
نشر في التجديد يوم 07 - 12 - 2004

المغرب دولة يبلغ تعداد سكانها 30 مليون نسمة، جزء منهم عرب، وغالبيتهم مسلمون، ومع ذلك فهم بعيدون لدرجة كافية عن العراق، وعن ميدان الصراع العربي الفلسطيني، وبالتالي فإن هذه القضايا في حين أنها ذات صلة، إلا أنها ليست متداولة من قبل الجميع. من هنا، فإنها تقدم موقعاً مفصلياً يمكن فيه تقييم المعركة الدائرة بين الإسلامويين الراديكاليين من جهة، وبين غير الإسلاميين، ومعادي الإسلاموية من جهة أخرى.
مثل الكثير من دول المنطقة، فإن المغرب كانت وماتزال تمر بأوقات مضطربة. فهي في خط الجبهة الأمامي في الحرب على الإرهاب، كما أثبتت ذلك التفجيرات الانتحارية في 16 ماي 2003 في الدار البيضاء، والكثير من المؤامرات الأخرى التي أفشلت ولم يتم كتابة تقارير عنها. إن المعاهد الوهابية واسعة الانتشار، خصوصاً في الشمال، وقد لعب مغربيون أدواراً هامة في كثير من مكايد القاعدة. وكما في كل مكان آخر، فإن الحياة اليومية للمغربيين العاديين ليست مستنفذة بهذا الواقع المرتفع فوق رؤوسهم.
لقد كانت قضيتي الخاصة غير عادية: ففي مارس 2003 تقريباً في منتصف الفترة التي قضيتها في المغرب، كنت هدفاً لهجوم في الصفحة الأولى في التجديد، وهي صحيفة الحركة الإسلامية الراديكالية في البلاد. وقد تلا هذا الهجوم في الصحيفة اليسارية المؤثرة لو جورنال، وبالتالي كنت قد انضممت إلى المعركة الإيديولوجية، وإن يكن بطريقة مصغرة، المعركة التي يواجهها المجتمع المغربي الأكبر. إن هذه معركة حياة حقيقية على القلوب والعقول، وكتب الجيب لملايين الناس في عشرات من البلدان: من تلهف الأهالي على تأمين أفضل تعليم ممكن لأطفالهم. المدارس ذات المرافق الأفضل، والأساتذة الأعلى أجوراً هي ممولة سراً من قبل الإسلامويين، أو من قبل رجال أعمال صغار حطمتهم البنوك بسبب القروض فتحولوا إلى أسماك قرش مرابية، تنتزع ثمناً سياسياً بدل الفائدة.
خلال عامي الأول في المغرب، كان نجم الإسلاميين في ارتفاع، وقد ضغطوا على الملك محمد السادس ليتخلى عن مجموعة من مقترحات الإصلاح المتعلقة بقوانين الأسرة، وقد فازوا فعلاً في الانتخابات البرلمانية على مستوى الدولة. ولكن في ماي 2003 تغير كل شيء. فالهجمات الإرهابية المنظمة في الدار البيضاء، والتي استهدفت معظمها مواقع يهودية، أثارت اشمئزازاً شعبياً واسع النطاق. وقد تصرف النظام أخيراً بعد ثلاثة أسابيع من الصمت، وقد كانت مقاربته الشجاعة والحازمة تستحق الانتظار. فقد احتوت على خطاب قوي، على سبيل المثال، شجب للأفكار المتطرفة من الشرق، وهي إشارة مخففة وخفية للوهابية. وإجراءات أمنية جريئة، على سبيل المثال، قانون جديد ضد الإرهاب. ونبذ رسمي للأحزاب السياسية الإسلاموية الذين تلقوا ما مقداره 3% فقط من الأصوات في الانتخابات البلدية التالية على مستوى الدولة. إضافة إلى إجراءات مضادة إيديولوجية، على سبيل المثال، زيادة السيطرة على المساجد ومراقبة الخطب. وإجراءات إصلاحية جريئة، على سبيل المثال، تغيير شامل في قانون الأسرة، إنهاء التمييز ضد النساء، وحتى زيادة الانفتاح فيما يتعلق بالمسائل العربية الإسرائيلية،
على سبيل المثال، ترحيب عام بزيارة وزير الخارجية الإسرائيلي.
كمجموع، فإن هذه المبادرات قد شكلت تغييراً كبيراً في كل من الجوهر والأسلوب. وقد أصبح ذلك ممكناً بتوفر عاملين: القيادة والانفتاح الاستيعابي. أولاً، فإن المغرب لديه قائد قرر أن يكون جدياً حول مجموعة المشاكل التي تواجه بلاده. ثانياً، فإن شعب المغرب كان وبشكل كبير يشمئز من عنف الإرهابيين وأصبح مستعداً لتقبل التغيير.
لقد تابع المغرب كذلك التقدم في عملية الدمقرطة عن طريق تعزيز الانتخابات، وتعزيز اللامركزية، وتعزيز عمليات أخرى هامة. ورغم أنها ماتزال دولة يحكمها ويهيمن عليها النظام الملكي، إلا أنها تتحرك بالاتجاه الصحيح. إحدى القضايا في هذه النقطة كانت القضية الصعبة، ولكنها تدل على الأخذ والعطاء بشكل صحي بين المسؤولين في الرباط والممثلين المحليين المنتخبين فيما يتعلق بالإنفاق على الإغاثة بعد زلزال 24 فبراير 2004 في الحسيمة.
في نفس الوقت، فإن من الأساس ملاحظة التوتر الملازم لعملية الدمقرطة مع حرب المتطرفين. إن تعزيز الديمقراطية وحملة القلوب والعقول، هما أبناء عمومة من الدرجة الأولى، وليستا توائم متشابهة. إن الدمقرطة تدور حول إنشاء الأحكام، والمؤسسات، ونماذج السلوك التي يستطيع الناس المحليون عبرها تقرير مستقبلهم الخاص سلمياً مع الزمن. أما معركة القلوب والعقول، فإنها تدور حول تعزيز الناس المحليين، ليهزموا زحف الإسلامويين الراديكاليين الزاحفين. وإذا لم يكن هناك نصر في الكفاح الثاني فلا فرصة لنجاح الأول.
للفوز بهذه المعركة، تحتاج حكومة الولايات المتحدة أن تعيد النظر في طبيعة المشكلة. وكما تشير لجنة 11/,9 فإن المشكلة ليست في الإرهاب، ولكنها في الإيديولوجية التي ينبع منها الإرهاب، أعني الإسلاموية الراديكالية. إن الرد الاستراتيجي الملائم هو في كون الولايات المتحدة قوية وواضحة في قيمها. بشكل تكتيكي، فإن على واشنطن أن تستخدم كل سهم في جعبتها من الديبلوماسية بشقيها العام والتقليدي، إلى القوة العسكرية.
على الولايات المتحدة كذلك أن تعيد التفكير في فهمها للشخصيات الرئيسية في هذا الصراع. من هو، على سبيل المثال، المغربي؟ الكثير منهم عرب، ولكن نصفهم على الأقل بربر. يتحدث الكثيرون العربية على أنها لغتهم الأولى، ولكن الكثيرين ليسوا كذلك. هذا التغاير السكاني هو في الواقع النمط الذي عليه خطأ العالم العربي، حيث هناك العديد من الأجزاء التي تعود لنسب كبيرة من غير العرب، وليسوا من السنة. إن ترجمة هذه الحقيقة إلى خطاب وسياسة هو أمر أساسي. إضافة إلى ذلك، فإن هذه الحقيقة تمتد إلى ما هو أبعد من علم السكان، إلى عالم السياسة. في المغرب، على سبيل المثال، يطلب معظم العرب أن لا يتم وضعهم في مجموعة واحدة مع عرب المشرق، أعني العرب الذين تشكل إسرائيل عثرة في طريقهم، وتجتذبهم إلى الوهابية، أو حزب ذي إيديولوجية غير عملية أخرى مثل البعثية. لا يعني هذا أن العراق والصراع الإسرائيلي الفلسطيني ليسا مهمين ومؤثرين في المغرب. إن إلحاحيتهم تزداد وتضعف وفقاً للزمن. ومع ذلك، فإنه لا ينبغي تعظيم حجم المشاعر التي يعبر عنها المغربيون و(آخرون) في هذه القضايا، رغم كون تلك المشاعر حقيقية. إن التقسيم العملياتي لهذه المشاعر
هو أمر ضروري.
بهذا الصدد، فإن استطلاعات الرأي العام التي تتنبأ بكراهية عالمية وشيكة للولايات المتحدة في العالمين العربي والإسلامي ينبغي أن ينظر إليها بحذر فائق. ليس أسلوب استطلاعات الرأي وحده الذي يكون خطأ أحياناً، بل إن التجاوبات الإيجابية عن أسئلة تطرح حول الولايات المتحدة نادراً ما يتم التركيز عليها، في حين يؤكد على الإجابات السلبية. على سبيل المثال، في عدد مارس 2004 من بوجلوبال أتيتود وفي تقرير بعنوان عام بعد حرب الخليج: عدم الثقة في أمريكا وفي أوروبا يزداد باستمرار، وغضب المسلمين يستمر. ومع ذلك، فإن المرء يبحث بلا جدوى عن أي سؤال استفتاء يسأل المسلمين فعلياً عن مستويات الغضب المعادي لأمريكا.
إن انتشار الراديكالية الإسلاموية، وليس عدم شعبية الولايات المتحدة، هو أخطر تحد يواجه مصالح الولايات المتحدة في العديد من المجتمعات العربية والإسلامية. والحل.. والذي عبر عنه الليبراليون المغربيون مراراً لا يمكن أن يتمثل في التوصل إلى توفيق في وجهات النظر المتضاربة مع الإسلامويين. إن سياسة كهذه سترسل رسالة مزدوجة سيئة التأثير. أولاً، فإنها توحي للإسلاميين بأنهم أقوياء لدرجة كافية لحمل واشنطن على إغفال رفضهم لكل القيم الأمريكية تقريباً لإقامة علاقة معهم. ثانياً، فإنها توحي لغير الإسلامويين ولأعداء الإسلامويين بأنهم ليسوا من الأهمية بحيث يستحقون انتباه أمريكا. على نحو خاص، يتذمر المغاربة المعادون للإسلامويين من كون واشنطن تبعث بالرسالة الخطأ عندما تقدم تمويلات لمتدربي البرلمان والتي يستخدمها الإسلاميون ليصبحوا ناقدين أكثر فعالية للحكومة. فعندما تدفع لترسل الإسلامويين إلى الكونغرس الأولي للديمقراطيين المسلمين، فإنها تعطيهم ختماً أمريكياً بالموافقة. وعندما تنصح النظام، كما هو مكتوب في الصحافة المغربية، بعدم حظر الحزب الإسلاموي القانوني والذي يدعى حزب العدالة والتنمية، بعد تفجيرات ماي ,2003
فإنها ترسل نفس الرسالة.
ديبلوماسية الصورة والمصالح والاستثمارات
بناء على خبرتي في المغرب، فإن الديبلوماسية الأمريكية العامة، في حاجة لأن تركز على ثلاثة مجالات رئيسية:الصورة، والمصالح، والاستثمارات.
فيما يتعلق بالعنصر الأول (الصورة)، فإن صورة أمريكا مهمة، وهناك خطوات كثيرة، كثيراً ما تكون مضطربة.. يمكن اتخاذها لتحسين صورتها، على سبيل المثال، أن يكون لدى الولايات المتحدة ديبلوماسيون يتحدثون لغات محلية. ولكن الصورة أمر يتعلق بالحاضر، وواشنطن بحاجة لأن تفكر أكثر بكثير حول المستقبل. من هنا فإن من الأساس التركيز على المصالح والاستثمارات.
أثناء تطويرها لمصالحها، ينبغي على الحكومة الأمريكية أن تبدأ بأخذ العرب والمسلمين على محمل الجد بشكل أكبر. بشكل خاص على واشنطن أن تتخلى عن ترددها في التحدث بشكل مباشر مع الشعوب العربية والمسلمة حول القضايا الصعبة مثل الإرهاب، والإسلاموية الراديكالية، والصراع العربي الإسرائيلي، والعراق.
لسوء الحظ، فإن العنصر الأكثر أهمية في الديبلوماسية الأمريكية العامة هو الحاجة للاستثمار مع كل من حلفاء حاليين وآخرين محتملين في المستقبل.. هو أقل ثمن ممكن. وينبغي أن يشتمل هذا العمل على ثلاثة عناصر:
تحديد الحلفاء:
خلافاً للإسلامويين، فإن غير الإسلامويين، ومعادي الإسلامويين (يعرفون بمن لا يكونون أكثر من تعريفهم على أساس من يكونون). وهم يتراوحون في ميولهم السياسية ويشتملون على جميع أنواع المسلمين، من ملحدين متطرفين، إلى مسلمين متفلتين، إلى مؤمنين أتقياء. وسيكون دور الولايات المتحدة أن تحدد حلفاء محتملين بين هؤلاء الأفراد وأن تبني شبكة من الأهداف المشتركة بينهم. تماماً كما شكلت الولايات المتحدة تحالفاً معادياً للنازية مع الشيوعيين خلال الحرب العالمية الثانية، فإن العمل لمعاداة الإسلامويين قد يشتمل على تجميع أناس ذوي وجهات نظر مختلفة تماماً للعمل بشكل جماعي تجاه القضية الأكبر. على واشنطن كذلك أن تري هؤلاء الأفراد أنها مستعدة لدعمهم بالعملة المهمة، أعني، بالرؤية والمال. على العكس من الرأي الشعبي، فإن دعم الولايات المتحدة يبقى مرغوباً بشدة خصوصاً فيما يتعلق بالمال. في الواقع ووفقاً للتقارير في الشرق الأوسط، العائدة لوكالة الولايات المتحدة للتنمية الدولية أو لمسؤولي السفارات فإن القليل جداً من المنظمات غير الحكومية قد رفضت عملياً عروضاً بمساعدة مالية أمريكية احتجاجاً على سياسة الولايات المتحدة.
حلفاء مفوضون:
على حكومة الولايات المتحدة أن تعزز حلفاءها المحليين المعاديين للإسلاموية. وإحدى الوسائل المهمة لعمل ذلك تكمن في تزويدهم بالمعلومات الضرورية لمحاربة الإسلامويين. على سبيل المثال، فإن أعداء الإسلامويين يتشاركون بالشعور بذعر متزايد من انتشار نشاطات الإسلامويين في الخدمات الاجتماعية، والتي يرتبط بعضها بجماعات إرهابية. إن الكثير من الناشطين المدنيين بمن فيهم الصحفيين، سيتحركون ضد هذه الجماعات خصوصاً إذا علموا بصلاتهم الإرهابية المحتملة. إنما تنقصهم هذه المعلومات رغم أن الكثير منها متوفر في السجل العام في الولايات المتحدة. أحد الحلول سيكون إنشاء مكتب معلومات على الإنترنت باللغة العربية، وباللغات المحلية الأخرى، تؤكد على العمليات، والتصرفات، والتمويل، والموظفين في كل المبادرات الإسلاموية الصاعدة وفي المنظمات غير الحكومية وفي الصلات بينهما.
تنشئة حلفاء مستقبليين:
على الولايات المتحدة أن تستغل الوقت، والجهد والمال لتنمية حلفاء جدد ومستقبليين. بالنسبة للإسلامويين، فإن التعليم، خصوصاً تعليم الأطفال هو المعركة الرئيسية. حتى الآن فإن الولايات المتحدة بالكاد ترتب لمعركة بهذا الخصوص.
إن تقوية تعليم اللغة الإنجليزية ينبغي أن يكون له الأولوية العليا لدى الولايات المتحدة. فمع أن معرفة الإنجليزية لا تترجم بالضرورة إلى أن يصبح المرء ليبرالياً في التفكير أو مؤيداً للمشاعر الأمريكية، إلا أن الإنجليزية هي وريد لكل من الثقافة الإنجلوأمريكية، ولثورة المعلومات المرتكزة على الإنترنت. إن معرفة الإنجليزية يعطي المرء على الأقل فرصة التعلم عن الولايات المتحدة والحكم على سياساتها وقيمها دون المرور بمصفاة الترجمة أو الاعتماد على مصادر معلومات قد تمثل تصوراً مائلاً عن الحقيقة. وتضم المبادرات المحددة التي يمكن اتباعها ما يلي:
إنشاء مراكز (الإنجليزية للجميع) بعد برامج المدرسة في العالم الإسلامي بأسره مجاناً أو بأجرة رمزية للأقارب. ويمكن أتباع هذه الطريقة بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية الموجودة ومع حكومات الدول الأخرى الناطقة بالإنجليزية. إن خطوات قليلة هي تلك التي بإمكانها أن تحرز شعوراً طيباً أكبر للولايات المتحدة مما يحرزه استثمار مال كاف لجعل دراسة اللغة الإنجليزية مجاناً أو بتكلفة زهيدة جداً.
دعم تطور الأسلوب الأمريكي، جامعات تدرس باللغة الإنجليزية، مع وضع هدف بوجود جامعة واحدة على الأقل تعتمد كلية على اللغة الإنجليزية في كل جامعة في الشرق الأوسط.
زيادة الدعم المادي الضئيل للمدارس الأمريكية في الخارج، بحيث تقدم فرصاً تعليمية على الطريقة الأمريكية للأطفال في سن المدرسة. في عهد تشكل السفارات فيه قلاعاً، فإن المدارس الأمريكية هي المؤسسات الوحيدة المفتوحة والمرحبة بالأمركة المتبقية في كثير من البلدان. إنها تستحق المزيد من المساعدة. إحدى الأفكار والتي أثمرتها تجربتي العائلية الخاصة، هي (قانون دعم المدرسة الأمريكية في الخارج 4303) والتي ستوفر منحاً كلية أو جزئية على أسس الجدارة تقدم إلى أبناء العرب والمسلمين من الطبقة الأدنى أو المتوسطة لينضموا إلى المدارس الأمريكية عبر البحار.
النصر لأمريكا
والخط الأخير أنه ليس على الولايات المتحدة أن تشعر بالإحباط وخيبة الأمل. فهناك ملايين المسلمين الذين ليسوا على استعداد فحسب للقتال ضد الإسلامويين الراديكاليين، ولكنهم قد انخرطوا فعلياً في قتالهم وفق قواعد يومية في مجتمعاتهم. وعلى الولايات المتحدة أن تجعل بينها وبين هؤلاء الأفراد الشجعان قضية مشتركة، وأن تقدم لهم الدعم بحيث يستطيعون أن يخوضوا معركتهم بفعالية أكبر. فمعركتهم هي معركة أمريكا.. ونصرهم سيكون نصراً لأمريكا كذلك.
روبرت ساتلوف
المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى
قسم الترجمة في مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية- لندن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.