نلامس مع رئيس بلدية وادي زم في هذا الحوار القصير لحظات خاصة وعصيبة عاشها وهو يسير المجلس البلدي، وكيف تعامل معها. نطرح عليه أسئلة تقربنا من الرئيس/ الإنسان، الذي يواجه مواقف اختبار وتمحيص. ما هي أصعب المواقف التي عشتها وأنت رئيس للبلدية؟ هو انعقاد الدورة الأولى للمجلس، والتي تزامنت مع تحريض لعمال البلدية لأنهم كانوا لم يتلقوا أجورهم بعد في ذلك اليوم، وكان ذلك التحريض مقصودا، وكانوا يصيحون ببهو البلدية وعناصر من المعارضة بدورهم يصيحون في قاعة الاجتماع، وكان هذا من أصعب المواقف التي واجهتني، ولكنها مرت بسلام، وكان مثل هذا التصرف يحمل بالنسبة إلي رسالة مفادها كما يقول المغاربة النهار الأول يموت المش، خصوصا وأن المعارضة آنذاك كانت ما تزال متكتلة وما يزال فريق التحالف في بداية عمله وتجربته. هل سبق لبوعزة فاسيني وهو رئيس للبلدية أن وضع أمام موقف ينافي مبادئه؟ (يضحك كثيرا) مثل هذه المواقف أواجهها تقريبا كل يوم، وما أكثرها... وكيف تتصرف وكيف يكون شعورك؟ أحاول دائما أن أوضح لمن يعرض لي معه مثل هذا الموقف أن ما يريده مني غير مقبول، وأسعى لأن أثنيه عن طلبه بالتي هي أحسن وبالموعظة، وأن أُفهمه أن ذلك ليس في صالحه لا في الدنيا ولا في الآخرة، وأذكره بالقانون وبالشرع. ما هو أكبر مبلغ للرشوة عرض عليك؟ لا يستطيع أحد أن يفتح معي هذا الموضوع، لهذا لم تعرض علي لحد الآن رشوة، الناس يعرفون مسبقا أننا مبدئيون في هذا الباب، وكما قلت لم يتجرأ أحد على ذلك لحد الآن. هل ساعدتك الفترة التي أمضيتها في المجلس البلدي خلال ولاية 1992 1997 في تدبير شؤون البلدية اليوم؟ هذا شيء أكيد، فقد كانت هذه الفترة بالنسبة لي تدريبا، وفيها وعيت جميع أساليب العمل سواء منها طرق التدبير والتسيير، أو حتى أساليب المكر والخداع التي تشوب العمل الجماعي ببلدنا للأسف، وكل هذا مكنني من ممارسة مهمتي باطمئنان محاولا السير بالبلدية إلى ما ينفع الناس، ومحاولا جهد الإمكان محاصرة أساليب العمل غير اللائقة وغير السليمة. هل سبق لك أن فكرت في تقديم استقالتك من رئاسة البلدية؟ حدث هذا عدة مرات، بل إني كتبت استقالتي ووضعتها جانبا لأقدمها إذا شعرت بما يدعوني إلى ذلك. ولماذا لم تقدمها بعد؟ لأن القرار ليس بيدي، بل بيد الهيأة التي أنتمي إليها، كما أن هناك هيأة لمستشاري العدالة والتنمية ولست وحدي، إذا أقدمت على مثل هذا العمل وحدي فذلك يعتبر من باب التهور، كما أنه لا يجوز لي التولي إلى الوراء، والهروب من هذا الواقع الذي يحتم علينا القيام بما نستطيع من الواجب، لعلنا نكون لبنة من لبنات الإصلاح في هذه المدينة، رغم أني أحس في كثير من الأحيان بالرغبة والحاجة إلى تقديم استقالتي، ولكن لما أستحضر عظم المسؤولية الملقاة على عاتقي في هذا المنصب أقتنع بأن استمراري هو من باب الجهاد في سبيل الله والقيام بالواجب. كيف هي علاقتكم بسلطات الوصاية؟ علاقة ممتازة وجيدة، ويطبعها التعاون والاحترام، وخصوصا العامل الجديد الذي يدعم جهودنا ويشاركنا همومنا، أما العامل القديم فقد زور الانتخابات ضدنا وحرمنا من مقعد في البرلمان. كيف حال فاسيني بين تسيير البلدية وتسيير الأسرة؟ تسيير البلدية يستهلكني بنسبة 99 بالمائة، والأسرة تركت تسييرها لزوجتي، لأن تسيير البلدية في الحقيقة، لمن أراد أن يخلص فيه عمله لله، لا يكفيه فيه كل الوقت الذي لديه... هل أنت مرتاح لعملك في البلدية؟ لا يمكن للإنسان أن يكون مرتاحا مهما كان عطاؤه، لأن الأصل هو أن يصبو دائما إلى ما هو أفضل، لكن مبعث الارتياح أنني مقتنع بأني لا أستطيع فعل أكثر مما فعلت بالنظر إلى الظروف المحيطة بتسييرنا لهذه البلدية، وطبعا أنا لست راضيا بما تحقق في عهدنا هذا، وقد كان بإمكاننا أن نقدم أكثر لساكنة المدينة لو ساعدتنا الظروف والإمكانات، وأستطيع القول إني راض على عملنا بنسبة 60 بالمائة تقريبا. كيف هي علاقة سي بوعزة بموظفي البلدية؟ علاقة طيبة على العموم، رغم بعض التشويشات التي تحصل أحيانا مع صنف معين من الموظفين، ولكن هذه من الأمور التي لا بد منها في كل إدارة. ماذا كنت ستفعل لو كنت في الموقف التالي: أنت في مكتبك، وموظفو البلدية في إضراب، والمعطلون في وقفة احتجاجية أمام البلدية يطالبون بتشغيلهم، وتحالفك غير منسجم، وعلاقتك بالسلطة سيئة؟ لا أتمنى هذا الموقف، ولا أظنه سيحصل، وحتى لو حصل فسأتعامل معه بالحكمة التي يقتضيها، قضية المعطلين هذه واحتجاجاتهم لنا معها تجربة، وفي الحقيقة عشت موقفا قريبا من هذا في فترة معينة، حيث كان لي سوء تفاهم مع بعض الحلفاء، وكنت بصدد عقد دورة للمجلس، ونقابة الموظفين نظمت وقفة احتجاجية مستعملة فيها مكبر الصوت، ولكن كان ذلك موقفا عرضيا سرعان ما تجاوزناه بحكمة والحمد لله، لأن التسيير والعمل الدؤوب لن تضره لحظات عصيبة مثل هذه. لو كان ممكنا أن تعود ومعك تجربتك الحالية إلى نقطة البداية، أي أكتوبر ,2003 هل كنت ستغير شيئا من خطواتك التي قمت بها لحد الآن؟ طبعا لو كان ذلك ممكنا لتداركنا العديد من الأمور، وهذا شيء طبيعي، لأن كل يوم تمضيه في عمل ما يضيف إليك تجربة واستفادة جديدة تعينك وتوضح لك الطريق. بالإضافة إلى أن الزمن جزء مهم في التغيير، وهناك بعض الأمور التي لا تظهر إلا مع مرور الوقت. ماذا لو طلبنا منك أن تنتقد عمل المجلس الذي تسيره؟ بالطبع هناك انتقادات، والذي لا يقوِّم عمله باستمرار فلن يتطور، من أول نقائص عملنا أنه عمل تتدخل فيه عدة أطراف مما يعرقل العديد من الخطوات، كما أن علاقتنا مع بعض حلفائنا عرفت عدة مشاكل منها ما تجاوزناه، ومنها ما نسعى لتجاوزه، وهذا شيء عام في جميع المجالس البلدية، وهناك بعض الأعمال التي نجد صعوبة في متابعتها، مما يجعلها لا تتم في الوقت المناسب أولا يتم إتمامها.