تعرض «المساء» خلال فصل الصيف جانبا خفيا من حياة محمد الجامعي، أول لاجئ رياضي إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، فالرجل تحول من رئيس لفريق أجاكس القنيطري لكرة القدم داخل القاعة، إلى نزيل في السجن المدني بالقنيطرة بتهم متعددة. في سيرته الذاتية يتحدث الجامعي من الولاياتالمتحدةالأمريكية عن مساره من التألق المطلق واستقباله من طرف كبار القادة في العالم إلى إقباره بين القضبان. في حلقات نتابع تفاصيل قصة يمكن أن تتحول إلى سيناريو لفيلم يأسر المشاعر، على امتداد شهر يوليوز نعيش فصولا أخرى في حياة رجل عاش من أجل الكرة واعتقل من أجلها قبل أن يعيش اغترابا قاسيا في الضفة الأخرى للمحيط الأطلسي. لازم الجامعي خلال مقامه بالولاياتالمتحدةالأمريكية حبه وولعه بالكرة الخماسية، التي حرص على أن تكون منفذا يعبر من خلاله عن ارتباطه ببلده الأصلي المغرب، إذ عمل على تنظيم مجوعة من الدوريات بالولاياتالمتحدةالأمريكية شهدت مشاركة فرق مغربية وأجنبية وكانت هذه الدوريات مناسبة استحضر فيها الجامعي مساره مع الكرة الخماسية بحلوه ومره. خلال هذه الحلقة يصور لنا الجامعي كيف تمكن من تحقيق المعادلة الصعبة التي كانت فيها الغلبة للهوية المغربية والاعتراف بالجميل لبلد احتضنه منذ أن وطأت قدماه أرضه. لا يجب أن أتنكر لهذا البلد الذي احتضنني منذ أن وطأت قدامي ترابه ورغم أنه منحني جزءا من طعم الأمان والأمل وساعدني على بناء ما تدمر بداخلي، إلا أن شعلة حبي لوطني لم تنطفئ وعشقي له ولأناسه الطيبين لم ينضب يوما، فبقدر ما كنت أتمتع بصحة جيدة وجسم سليم، بقدر ما كان قلبي غير معافي لأنه أسير حب الوطن الذي زاد من لوعته الشوق لمن ألفتهم من الأهل والأصدقاء، لا أنام ملء الجفون نتيجة استحضار مخيلتي دائما لصور المغرب وذكرياته بحلوها ومرها. كانت غيرتي على وطني تلازمني باستمرار وكنت أرى أن الزمن طويل والعمر قصير ومن الصعب أن ألازم عقارب الساعة في انتظار اليوم الذي تهب فيه رياح العودة من هذا السفر الطويل المرير، وتسحبني من وحدتي لتنتهي غربتي. كانت نقطة قوتي أنني أمتلك القدرة على الصبر والصمت سلاحي الذي لازمني في العديد من المحن التي لم تفلح في أن تحد من عزيمتي يوما حتى في أصعب الوضعيات كان صبري قرين أملي في كل خطوات حياتي. وحتى لا يدفن هذا الحب بداخلي حاولت أن افتح له نافذة لأشم منها نسيم جبال الأطلس الشامخة بتنظيم دوري دولي في الكرة الخماسية بمناسبة عيد العرش المجيد بولاية فلوريدا شهد مشاركة 16 فريقا 8 فرق مغربية من مختلف الولايات و8 فرق أجنبية، وبتعاون مع سفارة المغرب بواشنطن وقد عرف هذا الدوري نجاحا بكل المقاييس، وقمت بتنظيم دوري آخر بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء بفيلاديلفيا بمشاركة ثمانية فرق أجنبية وثمانية مغربية. وعاد اسم محمد الجامعي يتردد من جديد وخاصة داخل الأوساط الرياضية، إلى أن تم استدعائي رفقة أحد قدماء لاعبي أجاكس القنيطري وهو جلال غامريش الذي يشغل منصب مدير إحدى المدارس بفيلاديلفيا لبرنامج رياضي لمواجهة تونسيين، وتزامنت مواجهتنا لهم مع يوم انهزام فريق الوداد ضد الترجي التونسي، كانت فرصة ثمينة بالنسبة إلي أزالت الأغلال وحررتني مما عشته خلال سنوات الغربة بداخلي حين أجاب التونسي عن سؤال بأن تونس والمغرب متساويان من حيث المستوى الرياضي، تدخلت وقلت له عن أي تكافؤ تتحدث فالمغرب أول بلد إفريقي شارك في نهائيات كأس العالم سنة 1970. ويحتل الرتبة 50 حسب تصنيف الفيفا، بينما تونس تحتل الرتبة 58، إلى جانب أن المغرب في جعبته 6 ميداليات ذهبية و6 أرقام قياسية وفاز ببطولة إفريقيا قبل تونس بأربعة عقود. كان ردي نابعا من غيرتي على وطني وحبي له الذي ظللت أستشعره في كل لحظات مقامي بالولاياتالمتحدةالأمريكية في العديد من محطات مشواري هنا، وخلال نفس البرنامج قامت القناة بعرض لقطات لريان وهو يقوم بمراوغات نالت إعجاب المشاهدين ولقبه معد البرنامج بالنجم العربي الصاعد، فأحسست حينها بأن قناعاتي بأن ريان امتداد لمشواري الرياضي كانت صائبة وأن حلمي في مولد نجم مستقبلي سيتحول إلى حقيقة .