هل يمكن إعطاء صفة تقويم للنظام المعتمد حاليا في كثير من المجتمعات الإسلامية لتحديد بداية الشهور القمرية ومعرفة بداية شهر رمضان ومتى يكون الوقوف بعرفات؟ فإذا اعتبرنا أن التقويم هو الوسيلة لمعرفة تاريخ يوم في الحاضر والماضي والمستقبل، فلا يمكن لنظام مرتبط بثبوت رؤية الهلال ثبوتا شرعيا أن تكون صفة تقويم، فمع التقويم لا ننتظر رؤية الهلال مساء يوم الخميس لنعلم أن يوم الجمعة هو الفاتح من الشهرن أضف إلى ذلك أن وسائل الإثبات الشرعي لرؤية الهلال تختلف من بلد إلى بلد مما يؤدي إلى اختلافات في تحديد بداية الشهور قد تصل إلى يومين. فهل يمكن أن نتصور في الوقت الراهن تمادي المسلمين في هذه الفوضى التي تشوب تواريخ الأيام التي يقيم فيها المسلمون شعائرهم الدينية؟ أما آن الأوان لكي تتحد كلمة المسلمين حول نظام موحد تتوحد به أعيادهم ومناسباتهم، نظام يستطيع به الناس أن يعلموا مسبقا متى يبدأ شهر رمضان ومتى يكون العيد؟ تلك هي الإشكالية التي يحاول اللمهندس جمال الدين عبد الرزاق إيجاد حل لها في كتابه الجديد: التقويم الإسلامي الموحد. فقد جاء الكتاب يحلل الأنظمة الموجودة لضبط الشهور القمرية عند المسلمين ويبين مدى صلاحياتها حسب مقاييس محددة، كما أنه لا يخفل الجوانب الفقهية المتصلة بالموضوع وخاصة ما له علاقة بوجوب اعتماد رؤية الهلال ويوجه في هذا الشأن أسئلة دقيقة للفقهاء المختصين. فبدون اعتماد الحساب والحساب وحده لضبط الشهور القمرية، يقول المؤلف، وبدون اعتماد مبدأنقل الرؤية في الظروف الموصوفة، وبدون قرار العمل بالنظام العالمي للتوقيت، لا يمكن أن يوجد شيء اسمه التقويم القمري الإسلامي الموحد وبالتالي لا أمل في أن تتوحد أعياد المسلمين ومناسباتهم. ويحدد الكتاب ثلاث أسئلة فقهية وشروط سبعة هادفة في معانيها، فالنظام الذي يستجيب لهذه القواعد لا يشكلتقويما قمريا موحدا فحسب، بل إسلاميا كذلك. ويخلص الكاتب إلى صيغة لهذا النظام المنشود، موضحا أن هذه الصيغة هي السبيل لبناء تقويم قمري إسلامي موحد. والكتاب الموجود في الأسواق من منشورات مرسم بالرباط بالعربية مع ترجمة فرنسية لأهم فقراته وقدم له رئيس الجمعية المغربية لعلم الفلك الدكتور إدريس بن صاري، إذ أكد هذا الأخير أن الجديد في هذا الكتاب ليس استعراض كل ما اقترح من تقاويم وحسابات حتى الآن بل تحليله تحليلا دقيقا بالمقارنة مع شروط الصلاحية، والقاعدة التي يخلص إليها إذا طبقت والتزم بها الجميع ستضع حدا للاختلافات الحالية وستوحد المسلمين في عباداتهم ومواسمهم وأعيادهم.