يظهر أنه بالنسبة للبعض لم يعد حبل الكذب بقصير. الإدارة الأمريكية الحالية بقيادة المحافظين الجدد يمكن أن تحصل على جائزة اللاًوسكار في فن التضليل والكذب. خلال الأسابيع الثلاثة الأخيرة لم يمل ساسة البيت الأبيض من تكرار مغالطات بلغت في معدلها اليومي حوالي أربعة. هذه الأكاذيب تركزت على الحرب في العراق وسجون المخابرات الأمريكية السرية وعمليات التعذيب وتضليل أو شراء ذمم الصحفيين والصحف. يوم الأحد 18 ديسمبر 2005 قال ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي إنه يؤيد قانون حظر المعاملة غير الانسانية للسجناء الذين تحتجزهم الولاياتالمتحدة ولكنه انتقد ما اعتبره تراجع التزام البعض بفعل مايلزم للدفاع عن البلاد. وفي مقابلة مع برنامج (نايت لاين) في شبكة (ايه بي سي نيوز) التلفزيونية قال تشيني من المهم أن نتذكر اننا في حرب ضد مجموعة من الافراد والتنظيمات الارهابية التي قامت بالفعل بقتل ثلاثة الاف امريكي في 11 سبتمبر ومن المهم بالنسبة لنا ان نتمكن من القيام بعملية استجواب فعال لهؤلاء الاشخاص عندما نعتقلهم. ودافع تشيني عن محاولته غير الناجحة لإعفاء وكالة المخابرات المركزية الأمريكية من الحظر المزمع على التعذيب والذي اقترحه السناتور الجمهوري جون مكين وأيده الرئيس جورج بوش الأسبوع الماضي . وفي جواب عما إذا كان انزعج بسبب التقارير التي قالت إن معتقلين توفوا بسبب إساءة المعاملة أثناء احتجازهم لدى الولاياتالمتحدة رد تشيني ما يقلقني هو أنه كلما ابتعدنا بشكل أكبر عن 11 شتنبر ولم تقع هجمات أخرى ضد الولاياتالمتحدة كلما قل الاهتمام بفعل ما هو ضروري للدفاع عن البلاد. يذكر أن منظمات حقوقية كانت قد أشارت في بداية شهر دجنبر أن ديك تشيني يمكن أن يقدم الى المحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب. في نفس الوقت الذي كان فيه تشيني يغالط العالم أكدت منظمة (هيومن رايتس ووتش) للدفاع عن حقوق الإنسان نقلا عن شهادات محامين وسجناء سابقين، قيام أمريكيين بالإشراف على إدارة سجن سري بالقرب من كابول أخضع فيه للتعذيب سجناء بين 2002 و.2004 وأوضحت (هيومن رايتس وواتش) في تقرير نشرته يوم الاثنين، أن ثمانية أشخاص معتقلين حاليا في قاعدة غوانتاناموالأمريكية في كوبا، وصفوا لمحاميهم ظروف اعتقالهم في هذا السجن القريب من كابول الذي سموه سجن الظلام. وأفاد السجناء الذين اعتقلوا فيه فترات استمرت كل منها ستة أسابيع بين 2002 و2004 ، أنهم ربطوا بحلقات في الجدار وهم في أوضاع لا تمكنهم من التمدد أو النوم، وحرموا من الأكل والشرب طيلة أيام، وأبقوا في ظلمة دامسة ترافقها موسيقى تصم الآذان، كما أشربوا مياها قذرة، بالإضافة إلى تعرضهم للضرب والصفع خلال الاستجواب وتلقيهم لتهديدات بالاغتصاب. وأوضحت المنظمة المدافعة عن حقوق الانسان أن الحراس كانوا أمريكيين وافغان والأمريكيين هم الذين كانوا يقومون بالاستجوابات، ولم يكونوا يرتدون بزات عسكرية، ما يحمل على الاعتقاد أن موظفي وكالة الاستخبارات المركزية الامريكية (سي.اي.ايه) كانوا يشرفون على هذا السجن. وقال جون سيفتون الخبير في الارهاب للمنظمة المدافعة عن حقوق الانسان على الحكومة الاميركية كشف حقيقة سجن الظلام هذا في كابول. واضاف يجب الا يزج بأي شخص، وايا تكن الجريمة المتهم بها، في سجون سرية ويتعرض للتعذيب. واوضحت المنظمة انها استقت معلوماتها ليس من المسجونين مباشرة انما من محاميهم، لأن المنظمات المدافعة عن حقوق الانسان لم يسمح لها بزيارة سجن غوانتانامو أو أي سجون أخرى في الخارج. ولإكمال الصورة البشعة عن سلوكات أمريكا، اعترف الرئيس البولندي المنتهية ولايته ألكسندر كفاشنيفسكي ضمنا بأن طائرات لوكالة الاستخبارات المركزية الامريكية (سي.اي.ايه) توقفت في بولندا، لكنه نفى نفيا قاطعا وجود سجون سرية في بلاده. وسيقدم رئيس الوزراء البولندي كازيميرز مرتشيكيافسكي هذا الاسبوع نتائج تحقيق أمر باجرائه حول وجود سجون سرية لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في بولندا، لكبار مسؤولي تنظيم القاعدة. وكان مرتشيكيافسكي أعلن عن إجراء هذا التحقيق على إثر اتهام منظمة (هيومن رايتس ووتش) الإنسانية الأمريكية وما كشفته وسائل إعلام من وجود سجون أمريكية في بولندا لمعتقلين من القاعدة. وكانت صحيفة بولندية أكدت الأسبوع الماضي أن خمس طائرات لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية على الأقل توقفت في 2002 و2003 في مطار سيماني الصغير في منطقة مازوري في شمال شرق بولندا. وسط كل هذه الغابة الكثيفة من المعلومات تتحدث أوساط حقوق الإنسان عن فظائع جديدة ترتكب في السجون الأمريكية عبر العالم، وسيأتي يوم تفضح تفاصيل هذه الجرائم وبعدها ستتكرر نفس الإسطوانة المشروخة عن وقف التعذيب وفتح تحقيقات. ويستمر مسلسل الكذب.