بعد الانتفاضة العنيفة التي هزت فرنسا خلال ثلاثة أسابيع؛ اختارت حكومة دومينيك دوفيليبان أن تزيد من التضييق في القوانين الخاصة بالهجرة. وهكذا و على مر الشهور فإن وجهات نظر رئيس الحكومة ووزيره في الداخلية آخذة في التقارب؛ على الأقل فيما يخص هذه القضية: الهجرة المنتقاة، مكافحة مظاهر الاحتيال والغش، فرملة التجمعات العائلية؛ كلها نقط يحتويها المخطط حول الهجرة الذي سوف يطرح للنقاش في البرلمان الفرنسي خلال الدورة الأولى لسنة 6002. الحكومة الفرنسية قد أغلظت اللهجة إذن، ولم تعد تتحرج أو تتردد في تحمل مسؤولية اقتراحات كان من شأنها إلى ما قبل شهور قليلة أن تجعل العديد من نواب الأغلبية ينتفضون ضدها باعتبارها تمثل انتصارا لأفكار جون-ماري لوبين. المحيطون بنيكولا ساركوزي لم يعودوا حتى يُخفون أنفسهم: >بعد ثلاثة أسابيع من العنف داخل المدن، أصبحت الطبقة السياسية والرأي العام مهيئين<. الأمر واضح ولا لبس فيه، والذين قد يحاولون طرح وجهة نظر مغايرة سوف يتعرضون لحملات التشهير بتهمة أنهم متساهلون وغير مسؤولين. ولقد عبر رئيس الجبهة الوطنية جون-ماري لوبين عن سعادته برؤية اليمين يستمد من برنامجه الإيديولوجي. كما أن نائبا من حزب ساركوزي اتحاد الحركات الشعبية هو السيد جاك ميناردقد طالب بتشكيل فيالق تأديبية لتأديب هؤلاء:>الشبان الفرنسيين رغما، المنحدرين من الهجرة العربية-الإفريقية<. بل إن رئيس فريق هذا الحزب بالبرلمان لم يتردد في الربط المباشر بين تعدد الزوجات والعنف في الضواحي. أما الجائزة الكبرى في هذا المجال فيجب تعود إلى جون-بول غارو النائب البرلماني والقاضي السابق الذي لم يتوان في ترديد حرفيا اقتراح حزب اليمين المتطرف عندما اقترح منح: >المحاكم إمكانية نزع الجنسية الفرنسية من الأجانب الذين مُنحت لهم هذه الجنسية إذا ثبتت إدانتهم<. وديوان المقترحات والنعوت لا زال طويلا ويضم أولئك الذين يقترحون مثلا حذف التعويضات العائلية لآباء هؤلاء الشباب... إن أساس المفهوم الأمني الذي عبرت عنه الحكومة الفرنسية وأغلبيتها منذ انطلاق المظاهرات يدل في نفس الوقت على خلط في فهم عمق المشكل وعلى ارتباك في المعالجة. إن الإشارات الموجهة إلى الفرنسيين الذين يعيشون في الضواحي والذين شارك البعض منهم في أعمال العنف، ليست من طبيعة الإشارات التي من شأنها إرجاعهم إلى حضن الوحدة الوطنية، بما هي إشارات تعاملهم كأجانب. هذا التعامل من طرف السلطات العمومية يبين عن تصور لهذه الفئة من المواطنين الذين لا يُعترف لهم بهذه الصفة من طرف أولئك الذين يمثلون الدولة. لقد كان أول أثر خلفته تلك الأحداث هو نقل المسارالسياسي لفرنسا بأكمله نحو اليمين. فقد كان التقارب بين اليمين واليمين المتطرف قد توقف وانقطع في أواسط ثمانينات القرن العشرين، والآن تمت إعادة الجسر من جديد بينهما وتم إعطاء نَفَس جديد لإحياء نفس الموضوعين الذين كانا في زمن ما سببا في تنامي حزب لوبين: الهجرة والأمن. إن كل خلط من شأنه أن يحمل خطر مزج كل شيء: الهجرة،الجنوح والإجرام، التمرد؛ إنه مزيج من كل شيء لن يكون من السهل تدبيره، حتى باعتماد تشريعات صارمة. إن الأمر يحتاج إلى أكثر من الخطب حتى يمكن إعادة ما يشبه العلاقات الاجتماعية إلى الضواحي المنكوبة، وحتى تتمكن الدولة الفرنسية من استعادة سلطتها واحتلال مكانتها كاملة.