تأتي قضية الهجرة في مقدمة أولويات الدخول السياسي ببلجيكا بعد فترة العطلة التي عرفت اتساع المظاهرات واختبارات القوة من جانب المهاجرين غير المتوفرين على وثائق الإقامة، وذلك بهدف تسوية وضعيتهم القانونية التي طال انتظارها. وكان الوزير الأول «إيف لوتيرم» قد وعد خلال مجلس مصغر للوزراء أول أمس الأربعاء ما قبل الماضي بالتركيز على هذه الإشكالية بهدف التوصل إلى إطار سياسي شامل تتم فيما بعد ترجمته إلى نصوص تقنية بخصوص هذا الموضوع. ومن المقرر أن ينعقد الثلاثاء الماضي اجتماع يروم تحديد بعض الأرضيات حول معايير تسوية وضعية المهاجرين غير القانونيين والهجرة الاقتصادية ومنح الجنسية وكذا الزواج الأبيض. وحتى وإن كان الدخول السياسي سيكون فعليا الأسبوع المقبل، فإن عددا من الوزراء والمسؤولين، ولاسيما المكلفين بملف الهجرة، باشروا بالفعل دخولهم السياسي من خلال إعلانهم للصحافة عن مواقفهم قبل اجتماع الثلاثاء الماضي. وكان الوزير الأول قد رفض في تصريحات له شهر يوليوز المنصرم، أية فكرة للتسوية تحت الضغط، في إشارة إلى الأعمال الاحتجاجية التي قام بها المهاجرون غير المتوفرون على وثائق إقامة. وقال «إن الإضراب عن الطعام ليس وسيلة جيدة للحصول على وثائق إقامة في دولة قانون». وكان لوتيرم قد أقر مرات عديدة بالطابع المعقد لهذا الملف، مضيفا أنه ستتم دراسة ملف الهجرة بمختلف أوجهه، ما سيحتاج وقتا أطول مما كان مقررا. ومن جهتها، أعربت وزيرة الإدماج واللجوء «أنيمي تيرتيلبوم» للصحافيين عن وجهة نظرها وأعلنت أنها تعتزم عرض عدد من المقترحات على الحكومة في مجال الهجرة. ويعد نظام رخصة الإقامة حسب النقط أحد التدابير التي يبدو أنها تثير اهتمام الوزيرة بالنظر إلى «المزايا» التي يتيحها هذا النظام في مجال الهجرة المنتقاة. غير أن مقترحات الوزيرة لا يبدو أنها تلقى الإجماع لدى عدد من التشكيلات السياسية والمنظمات غير الحكومية المدافعة عن حقوق الإنسان، حيث يعتبرون أن هذا المشروع يقلص من حقوق المهاجرين الذين يعانون أصلا من «سياسة المراكز المغلقة» المطبقة حتى على الأطفال. ويتوقف مسؤولون سياسيون آخرون عند التأخير الذي سجلته الحكومة في حل هذه القضية وكذا الانعكاسات الإنسانية والمأساوية في بعض الأحيان المترتبة عنها. وأمام هذه الأفكار المتضاربة، يبدو أن المهاجرين غير المتوفرين على وثائق إقامة لن يوقفوا معركتهم، حيث سيباشرون دخولهم ميدانيا الأحد المقبل من خلال تنظيم مظاهرة بالمدينة التي تقيم بها الوزيرة المكلفة بالهجرة أنيمي تيرتيلبوم. ومن المقرر تنظيم أعمال أخرى الاثنين الماضي ببروكسيل، في حين تتواصل الإضرابات عن الطعام في أرجاء مختلفة من البلاد.