تكشف الجهود المبذولة من الجانبين المغربي والإسباني في مجال محاربة الهجرة غير الشرعية عن سلسلة اعتقالات تطال شبكات من الضفتين تنشط في تهريب البشر مقابل مبالغ مالية مهمة؛ مع وعد بتحقيق الأحلام المستعصية في جنة أوربا، وفي هذا الصدد قامت الشرطة الإسبانية أول أمس باعتقال العمدة السابق لمدينة سانتا في دل بينيديس في إقليم كتالونيا مارثيل سوريا، ضمن أفراد آخرين تم توقيفهم عقب تفكيك شبكة متخصصة في تهريب المهاجرين المغاربة غير الشرعيين. وبالإضافة إلى سوريا، الذي تنحى عن منصبه منذ عدة أشهر بعد علمه بفتح تحقيق حول نشاطاته غير القانونية، التي زعم أنه قام بها لدواع إنسانية، تم أيضا إلقاء القبض على مساعدة بإدارة مجلس البلدية، حسبما أفادت مصادر إعلامية إسبانية نقلا عن مصادر مطلعة، إضافة إلى تورط ثلاثة مغاربة آخرين وإسباني في هذه الأنشطة غير القانونية. وكانت العصابة المذكورة تقوم بتهريب المغاربة مقابل مبلغ مالي يتراوح ما بين ألف و1500 يورو، وتحتجزهم بمجرد وصولهم إلى إسبانيا في أماكن مختلفة إلى أن تقوم عائلاتهم بسداد 8 آلاف يورو، وتمنحهم بعد ذلك وثائق محددة يتم استخراجها من مجلس البلدية تمكنهم من تقديم طلب للحصول على تصريح إقامة مؤقتة. وقد كشف تفكيك هذه العصابة عن توجه جديد في ملف الهجرة غير القانونية بتورط مسؤوليين محليين إسبان، كما تأتي هذه الاعتقالات في إطار الحملات التي تقوم بها قوات الأمن الإسبانية بعدد من المناطق، والتي تندرج في مجال محاربة الهجرة غير القانونية، وذلك في إطار السياسة الجديدة الرامية إلى تشديد الإجراءات لمحاربة الهجرة السرية. وكانت الشرطة الإسبانية قد بدأت تتتبع خيوط هذه الشبكة منذ سنة 2008, فقد فتحت تحقيقا في الموضوع، وهي السنة ذاتها التي شهدت تفكيك شبكة أخرى للهجرة السرية من قبل الشرطة الإسبانية في مدينة مليلية المحتلة، وربطت تحقيقات الشرطة آنذاك بين الشبكة التي تتكون من إسبان وجزائريين ومغاربة من جهة، ومنظمة إجرامية مسؤولة عن الاتجار في المهاجرين السريين بكل من مالقة وألميرية، حيث كان أفراد الشبكة يعملون وسطاء يعدون الراغبين في الهجرة بالعمل في حقول منطقة كابيتا التي توجد بنواحي مالقة المشهورة بإنتاجها للنبيذ، مقابل مبالغ مالية تصل إلى عشرة آلاف درهم نظير تسوية وضعيتهم القانونية وتزويدهم بالوثائق اللازمة. ويأتي تفكيك شبكة العمدة الإسباني سوريا متزامنا مع الندوة الصحفية التي عقدها وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري مع نظيره الإسباني ميغل أنخل موراتينس في ختام الاجتماع السابع لوزراء الشؤون الخارجية ببلدان غرب المتوسط، الذي انعقد يومي الإثنين والثلاثاء بقرطبة، والتي دعا فيها الفاسي الفهري إلى تبني مقاربة شمولية لمواجهة ظاهرة الهجرة، ترتكز على عمل ثلاثي الاتجاه: محاربة الهجرة السرية، وتشجيع وتدبير تدفقات الهجرة الشرعية، والمساعدة على التنمية لفائدة البلدان المصدرة وبلدان العبور. في حين أعرب موراتينوس عن ارتياحه إزاء التعاون الاستثنائي القائم بين المغرب وإسبانيا في مجال محاربة الهجرة غير الشرعية وتدبير تدفقات المهاجرين الشرعيين، وأكد أن العمل الذي أنجز في إطار التعاون (في مجال الهجرة) بين المغرب وإسبانيا، يعد عملا استثنائيا. هذا وفي الوقت الذي تعرف فيه العلاقات بين المغرب وإسبانيا تعاونا وتطورا ملحوظا، على مستوى تدبير ملف الهجرة السرية وغير القانونية، يبدو أن المعالجة الإعلامية للعديد من وسائل الإعلام الإسبانية تسير في الاتجاه المعاكس، وهي المعالجة التي وصفها المغرب بالسلبية وغياب الموضوعية خلال بيان نشرته وزارة الداخلية خلال الأشهر الأخيرة. وعلى الجانب المغربي تمكن المغرب من تفكيك أزيد من140 شبكة إجرامية تنشط في مجال الهجرة السرية سنة 2008, فضلا عن إحباط أزيد من تسعة آلاف محاولة لتهريب البشر، في حين أعلنت وزارة الداخلية الإسبانية أنه تم خلال نفس الفترة اعتقال 11 ألفا و63 شخصا للاشتباه في علاقتهم مع شبكات الهجرة السرية.