يعيش منذ ست سنوات قرابة 6 آلاف مغربي في عشر قرى توجد في جماعتي تغرامت والعليين بإقليم الفحص انجرة بطنجة كارثة صحية وبيئية واقتصادية جراء الأضرار التي تخلفها شركة كريميد، التي منحت رخصة استغلال مقلع حجري منذ سنة 1997 وبدأت الأشغال سنتين فيما بعد، وتتخلص الشكوى فيما ينتج عن الانفجارات التي تحدثها الشركة في جبلي ماء العيون ومرج الريحان لاستخراج الحجارة من غبار محمل بمواد كيماوية يتسبب في إصابة الأطفال والنساء والعجزة بالعديد من الأمراض، إذ أصيب الكثير من الأطفال والنساء بأمراض الربو وأمراض أخرى في الجهاز التنفسي، فيما يعاني كبار السن من أمراض جلدية كالكزيما بالإضافة إلى سقوط رموش العيون. جانب آخر من معاناة السكان، الذين التقت "التجديد" بأحدهم هو تدمير وتجفيف وتلويث العديد من منابع الماء الشروب في الجبلين، إذ من أصل 16 عيناً كانت تنبع منهما بقي منها الآن ست فقط، وهو ما يشكل اعتداء على مصدر أساسي لعيش الإنسان والحيوان والطبيعة، كما يتهم السكان الشركة المذكورة التي تمتلك رخصة استغلال لمدة ثلاث سنوات من 12 فبراير 2004 إلى 12 فبراير 2007 بإتلاف عشرات الآلاف من الأشجار كشجر الفلين، وكذا بالمضي في تدمير قمتي الجبلين التي يبلغ ارتفاع أحدهما (ماء العيون) 4000 متر عن سطح البحر، وهو فعل ممنوع دوليا وإقليميا إذ يحظر تدمير قمم الجبال الشامخة. ولم تسلم مساكن الأهالي وقطعان الماشية هي الأخرى من الأضرار التي يخلفها المقلع، فقد ألحقت الصخور المختلفة الأحجام والمتطايرة من الجبلين ثقوبا كبيرة في سقوف المنازل التي تساقط عليها (انظر الصورة المرفقة)، كما أن جلود الماشية تصاب بحروق جراء سقوط اأحجار الصغيرة الساخنة فوقها وهي ترعى قرب أوراش المقلع، وأفاد أحد الضحايا أن العديد من الكساب تكبدوا خسائر في ماشيتهم التي مات بعضها، وأصيب البعض الآخر بكسور بسبب الحجارة التي لا يتوقف تطايرها بالليل أو بالنهار في كل الاتجاهات. ومن الأضرار الاقتصادية أيضا التي لحقت بسكان القرى العشر، ما تعلق بتساقط الصخور على الأراضي الفلاحية وتحويل مجرى المياه المستغلة لسقيها ومجرى مياه الأمطار داخل هذه الأراضي، فقد أثبتت خبرة أنجزها خبير محلف لدى محكمة الاستئناف بطنجة مؤرخة بفاتح يوليوز 2005 أن الضرر الذي لحق بأرض زراعية مساحتها 10 هكتارات بحوزة ورثة العشيري تفوق 400 ألف درهم. هذه الواقع الخطير، دفع العشرات من شباب المنطقة إلى هجرتها بشكل كبير منذ سنة 2003 بفعل عدم استطاعتهم تحمل الغبار فانتقل بعضهم إلى مدن الفنيدق وطنجة وتطوان للعمل بها، والبعض الآخر اختار الهجرة السرية على متن قوارب الموت، ولم يبق السكان المتضررون مكتوفي الأيدي بل احتجوا غير ما مرة، فقد خاضوا اعتصامات ووقفات كان أولها في شهر مارس 2004 أمام مدخل مقر شركة كريميد بالمنطقة وفي أماكن التفجيرات وكذا في أعلى قمة جبل ماء العيون، وفي كل مرة كان يحتج فيها السكان تأتي السلطة المحلية والدرك الملكي لتفريقهم بالقوة ومطالبتهم بعدم الاحتجاج. بالإضافة إلى الاعتصامات، وجه المتضررون قبل وبعد فتح أوراش المقلع، الزاحف على مساحة 200 هكتار عوض 21 هكتار المحدد في رخصة الاستغلال، ما يفوق 80 شكاية إلى السلطات المحلية بغرامت وبولاية طنجة تطوان وإلى المنتخبين ومصالح الدولة المختصة (الفلاحة، المياه والغابات، التجهيز، الداخلية، إعداد التراب...)، زيادة على الديوان الملكي وديوان المظالم والوزارة الأولى وكذا بعض المؤسسات البيئية والحقوقية كمؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، إلا أنها شكايات لم تلق صدى ولم يتنج عنها تحرك للسلطات لإيقاف ما يسببه المقلع من أذى عريض.