بعد أزيد من أربعين سنة على مقتل عشرات الجزائريين في باريس في السابع عشر من أكتوبر ,1961 يروي فيلم روائي وقائع عملية القمع الدامية في مؤشر يدل على أن السينما الفرنسية أخذت تتجرأ على التطرق لمواضيع كانت من المحرمات. وعلاوة على ذلك يجري الإعداد لفيلم آخر يتناول عملية اختفاء المهدي بن بركة في نونبر 1965 في باريس وثلاثة أفلام تتناول حرب الجزائر (1954/1962) في دلالة على عودة الاهتمام بالمواضيع السياسية بعد أن أقصيت من الشاشة خلال السبعينات. كذلك يجري الإعداد لمشروع فيلم حول عملية الإبادة في رواندا 1994 والتي اتهمت فرنسا بالتورط فيها. ويعرض فيلم ليل حالك للمخرج ألآن تسما وكاتب السيناريو المؤرخ والكاتب بتريك روتمن في التاسع عشر من أكتوبر في قاعات السينما الفرنسية. وقد اشترته البرازيل وكندا، حيث عرض في مهرجان تورونتو. وقال بتريك روتمن لأول مرة تتناول السينما هذه القصة التي تعتبر من المحرمات وفقدت الذاكرة حيالها في حين هناك إرادة في طي صفحة التاريخ وربما تمزيقها. وأضاف كاتب السيناريو الذي اشتهر بقصتي العدو الحميم وحاملو الحقائب أنه منذ نحو ثلاثين سنة لم تهتم السينما بحرب الجزائر. لم نر في فرنسا مثلما جرى في الولاياتالمتحدة بشأن حرب فيتنام. ويروي فيلم ليل حالك الذي أنتجته قناة كنال+ على طريقة الأفلام البوليسية مأساة السابع عشر من أكتوبر 1961 عبر عدد من الشخصيات تتقاذفها الاحداث. ودعت حينها جبهة التحرير الوطني (الجزائرية) نحو ثلاثين الف جزائري مسالم بين رجال ونساء وأطفال إلى مغادرة الأحياء الفقيرة في ضواحي باريس والتوجه لقلب العاصمة الفرنسية للتظاهر احتجاجا على فرض حظر التجول عليهم. وأطلقت الشرطة النار على المتظاهرين واعتقلت أكثر من 11 الفا منهم. وفي اليوم التالي طفت جثث على سطح نهر السين. وعلى الارجح لن يتم التوصل أبدا لمعرفة عدد الضحايا الحقيقي. وصدرت الاوامر حينها عن حاكم باريس موريس بابون الذي أدين في 1998 بالتورط مع النازية في جرائم ضد الانسانية خلال الحرب العالمية الثانية. وكتبت صحيفة ليبيراسيون (يسار): «إنها المرة الاولى التي يطمح فيها فيلم إلى إعادة تشخيص دقيقة لهذه الحقبة التي ما زالت من المحرمات في تاريخ فرنسا. بينما وصفت لوفيغارو (يمين) الفيلم بأنه صفعة تزعج وتقض المضاجع. وذكر بتريك روتمن أن المؤرخين والصحافيين لم يتوقفوا عن سبر هذه الهوة في الذاكرة، لكن السينما لم تفعل ذلك باستثناء المخرج ايف بواسيه في فيلم لا شيء يذكر (ار.آ.اس) وريني فوتييه في العشرين من العمر في الاوراس في .1972 وقال بتريك ان الامريكيين قادرون على النظر بسرعة إلى ماضيهم وتوظيف السينما في دور اريكة محلل نفسي جماعية. وتابع أن هذا ما فعله فرانسيس فورد كوبولا واوليفر ستون ومايكل تشيمينو، مؤكدا أن هناك حاجة إلى الغفران وطرح كبرى الصدمات الجماعية على الطاولة. ذلك جعل الضمير الامريكي قادرا على التساؤل والقيام بنقد ذاتي. ويقارن ألان تسما السابع عشر من أكتوبر بسر عائلي مخزي. ويقول لا يمكن لفرنسا أن تفتخر بما وقع في ذلك اليوم، مذكرا بأن هذه الواقعة وصفت بعبارة جريمة دولة. وقعت مذبحة ارتكبها رجال يرتدون بزات الشرطة ويأتمرون بأوامر حاكم عينه الجنرال ديغول. من جهة أخرى أوضح أنه من أجل الحصول على تراخيص التصوير في باريس عرضنا سيناريو على رئيس الشرطة ولم يجدوا ما ينتقدون. وقال: من الكرامة أن تعترف الدولة الفرنسية بأن جريمة ارتكبت، مؤكدا كما جرى بالنسبة لفيل ديف (عملية اعتقال جماعية طالت اليهود الباريسيين خلال الحرب العالمية الثانية). وفيما يبدو سابقة من نوعها سيعرض فيلم ليل حالك في قاعات السينما بطلب من أصحاب الصالات وموزعي الافلام وكذلك في الاشرطة المدمجة بعد أن بثته قناة كنال+ في يونيو، وستعيد بثه مجددا ست مرات.