وسط آلاف المصلين وفي أجواء إيمانية مفعمة بالخشوع والتضرع لله تعالى، تلمسنا طريقنا نحو مسجد الحسن الثاني بالدارالبيضاء، لنرصد هذا الجو التعبدي الرائع، ونحظى باللقاء مع القارئ الشيخ عمرالقزابري. التجديد التقته بالمسجد وحاورته حول العديد من القضايا، ابتداء من تعيينه إماما راتبا للصلوات الجهرية وخطيبا بمسجد الأندلس في حي النسيم بسيدي معروف بالدار البيضاء، وانتهاء بدعوته للشباب المغربي بضرورة الحفاظ على كتاب الله والعكوف عليه تلاوة وفهما وتدبرا وعلى سنة النبي صلى الله وعليه وسلم تعلما وتأسيا، فكان لنا معه الحوار التالي: الشيخ عمرالقزابري تدخلون سنتكم الثانية بمناسبة حلول شهر رمضان إماما بمسجد الحسن الثاني، فما هو شعوركم؟ أحمد الله الذي لا إلا هو فهو المبتدئ بالنعم (وما بكم من نعمة فمن الله) وأسأل الله تعالى أن يعرفنا نعمه بدوامها لا بزوالها، كما أشكرأمير المؤمنين محمد السادس، الذي شرفني بهذه المهمة الجليلة في هذا المسجد العظيم. أما عن شعوري، فمصدره حب الناس، الذين أكن لهم محبة خالصة، فكل ما رأيت في وجوههم الفرح والسعادة والتأثر بكتاب الله، فإنني أحس أن المقصود حصل، فما أنا إلا خادم إذا أذن لي ربي بهذا الشرف أن أكون خادم كتابه، إذ هو أسمى المراتب وأعلى المناقب، فأنا أحاول مستمدا العون من الله أن أبلغ معاني الكتاب إلى المستمعين، حتى يعيشوا تلك المعاني العالية السامية، وحتى يحصل القصد من اجتماع المسلمين للاستماع لكتاب رب العالمين. عينت إماما راتبا للصلوات الجهرية وخطيبا بمسجد الأندلس بحي النسيم، كيف تلقيتم الأمر؟ كما قلت آنفا، إن الأمرمن الله سبحانه وتعالى فلا يقع شيء إلا بعلمه، وتلقيت الأمر بإحساس وبمزيد من المسؤولية لهذه الثقة الملكية الغالية، وأشكره حفظه الله وأنقل له دعوات آلاف من المصلين، الذين يقصدون هذا المسجد لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الدال على الخير كفاعله، وأنتم تعلمون أن الإمامة تكليف أكثر من كونها تشريف، وأسأل الله أن يجعلنا ممن صفوا ووفوا آمين. من هم الأشخاص الذين أثروا في مسار عمرالقزابري ؟ هناك عدة أشخاص بطبيعة الحال، أو بالأحرى أعلام أثروا في غاية التأثير، وأنا لا أذكرهم خوفا من نسيان أحدهم وكلهم فضلاء، ولكن الشخص الذي ترك الأثر الأعظم في حياتي هو والدي رحمة الله عليه سيدي الحاج أحمد القزابري، الذي كان قمة في التواضع مع علمه وفهمه، وكان رحمه الله متعلقا متأدبا بآداب القرآن.. كان الخوف من الآخرة يقض مضجعه فيقوم ليله مناجيا تاليا باكيا رحمة الله عليه، وكان يعيش على فطرة دون تكلف ولا تصنع رحمه الله، وكان لا يستأنس إلا بأمرين اثنين: كتاب الله وبيت الله الحرام، فمن خلال معاشرته وصحبته، تأثرت به كثيرا وإن كنت أرى أن بيني وبينه رحمه الله مراحل ومفاوز، فإني أطمع من ربي أن يجمعني به وإياكم في جنات النعيم تفضلا منه وكرما. من هو القارئ الذي يؤثر في أداء عمرالقزابري للقرآن الكريم تلاوة وتجويدا؟ هناك مجموعة قراء لكن يبقى القارئ الأبرز، الذي يأخذ بمجامع قلبي الشيخ محمد رفعت رحمه الله، لأنه استطاع أن يجسد معاني القرآن الكريم بصوته كما لم يجسده أحد من أقرانه، فلم يكن تفرده بقوة الصوت وطلاوته، إنما تفرده في خشوع غريب وفي تصوير للمعاني فريد. يقول عنه الشيخ أبو العينين شعيشع إن الشيخ رفعت لم يأت مثله من يرتل ترتيله بإيمانه وخشوعه وإحساسه . ماذا توجهون للشباب المغربي للعناية بالقرآن الكريم ؟ أدعوهم إلى الحفاظ على كتاب الله والعكوف عليه تلاوة وفهما وتدبرا، وأن يعكفوا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلما وتأسيا، وأن ينبذوا الخلاف والفرقة، وأن يتجنبوا الحكم على المقاصد والنيات، ويتجنبوا التجرؤ على الفتوى لأن هذا من شأنه نشرالفوضى والتشويش، وأن يعتزوا بهويتهم وانتمائهم لهذا الوطن الحبيب، وأن يكونوا أدوات مساهمة للسيربه إلى الأمام على كل الأصعدة. أخيرا ما هي أمنيات عمر القزابري في هذا الشهر الكريم ؟ أعظم أمنية عندي أن أرى المسلمين وقد اجتمعت كلمتهم، وتوحدت صفوفهم وزالت خلافاتهم، وأن أرى أمتي وهي في ثياب العزة والكرامة، وأن تسترد المغتصبات من أراضينا ومقدساتنا، وأن يعم السلام والإسلام والأمن والإيمان، وأن يحفظ الله وطننا وبلدنا من كيد الكائدين وحسد الحاسدين، إنه مولى ذلك والقادر عليه آمين .