على امتداد ما يفوق ثلاث ساعات، استحسن المشاركون في ندوة سياسية بعنوان تطورات ملف وحدتنا الترابية ومسؤولية الهيآت الرسمية والشعبية بقاعة الخوضي بالرباط نظمها ليلة الجمعة المنصرم حزب العدالة والتنمية، العروض الملقاة من لدن مختصين في ملف الوحدة الترابية، قاربوا الموضوع مقاربة واقعية صريحة بعيدة عن لغة التطمين، وتناولوا الوضع الحالي للملف، وجذوره التاريخية وأبعاده الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية، وتفاعلاته في المنتظم الدولي، وكذا سيناريوهات المستقبل المفتوحة على احتمالات عديدة. ومن بين المتدخلين الذين شدوا إليهم الانتباه كولونيل متقاعد من القوات المسلحة الملكية سبق له أن عمل في الأقاليم الجنوبية لسنوات طويلة، ودار حديث محمد البغدادي حول الأسس التاريخية للنزاع، وكذا أسسه الاقتصادية، هذه الأخيرة التي رأى المتحدث بأنها أغفلت كثيرا في الدراسات التي تطرقت إلى الملف. وقد انتقد البغدادي ما ارتكبه المسؤولون المغاربة من أخطاء، سواء في تعيينهم للأشخاص الذي سيروا الشأن المحلي للأقاليم الجنوبية، أو الذين فاوضوا الطرف الآخر في النزاع في مفاوضات هيوستن، واعتبر أنه وقع سوء اختيار لهؤلاء لأنهم كانوا يجهلون تاريخ وخصائص الصحراء والصحراويين المغاربة القبلية والإثنية. وانتقل الباحث والصحافي مصطفى الخلفي بالجمهور الحاضر إلى الحديث عن المراحل التاريخية التي وسمت تعامل الأممالمتحدة مع قضية الصحراء المغربية، وقال إنه مر بثلاث مراحل، أولاها مرحلة تتبع بدون انخراط مباشر فيها، وامتدت من 1964 إلى ,1988 وثانيتها مرحلة الإعلان عن خطة الاستفتاء لتقرير المصير، وامتدت من سنة 1991 إلى ,2000 وآخر المراحل (من 2000 إلى الآن) وهي مرحلة البحث عن حل سياسي، وطرحت في هذه المدة ثلاثة مشاريع لحل النزاع آخرها خطة بيكر للسلام. واختار باحث آخر متخصص في شؤون الصحراء هو عبد الله حافيظي السباعي التطرق إلى موضوع آفاق الجهوية بالأقاليم الصحراوية، وعبر خلال عرضه عما وصفه واقع تهميش الإنسان الصحراوي بوصفه هوية وثقافة، وما أحدثه ذلك من ويلات ساهمت في تأزيم القضية، وأعطت لخصوم الوحدة الترابية فرصا للتغرير بالغاضبين من أبناء الصحراء المغربية، وخلص السباعي إلى أن الحل الوحيد الممكن في نظره هو إرساء حكم ذاتي في إطار السيادة المغربية، مشددا على ضرورة وضع الثقة في أبناء الأقاليم الجنوبية. واستمتع الحاضرون كذلك بتمرين ذهني رياضي مع أستاذ العلوم السياسية والوزير السابق عبد الله ساعف، الذي ركز حديثه على موضوع سيناريوهات المستقبل، قائلا إن العنصرين الأساسيين الواجب مراعاتهما هما: المصلحة الوطنية والقدرة الوطنية. وانطلق ساعف بعد ذلك إلى استعراض احتمالات مستقبل ملف الصحراء وأجملها في أربعة احتمالات هي: اتفاق الأطراف، واحتمال حسم طرف للنزاع من جانبه، واحتمال طرف خاسر وآخر رابح، واحتمال فرض حل من الخارج تحت غطاء أممي أو غيره. ونظرا لأهمية المداخلات والتعقيبات التي عرفتها الندوة سيكون ل التجديد عودة إلى الحدث بتفصيل. محمد بنكاسم