لست بصدد الدفاع عن شخص أو نظام أو سياسة معينة، ولكنني أبحث عن الحقيقة عبر معطيات وحقائق ثابتة ومدونة. يبدو أن من اصطلح على تسميتهم بالمحافظين الجدد الذين يحكمون في واشنطن بيد شبه مطلقة منذ سنة 200 قد نجحوا في تعديل المعادلة الاخلاقية التي تقول أن حبل الكذب قصير. قبل أغتيال الحريري بخمسة أشهر كتب الصحفي الاسرائيلي زئيف شيف في صحيفة هآرتس في النصف الثاني من شهر اغسطس 2004 أن منظومة صواريخ حزب الله في لبنان معروفة لاسرائيل منذ زمن. ومع ذلك فان بوسع الحكومة الإسرائيلية أن تفهم من استعراض رئيس شعبة الاستخبارات اللواء اهارون زئيفي (فركش) أنه طرأت بضعة تغييرات في هذه المنظومة. معنى التغييرات - زيادة كمية الصواريخ وتلقي صواريخ ذات مدى أبعد - هو رفع مستوى التهديد لهذه المنظومة. لا ينبغي التعاطي مع منظومة الصواريخ في لبنان كمنظومة لحزب الله وحده. فهذه منظومة حزب الله سوريا ايران. من ناحية دمشق، تعد منظومة الصواريخ لدى هيئة الأركان السورية كجزء من الانتشار العام للجيش السوري قبالة إسرائيل في حالة الحرب. غير أن ما يقرر أكثر من ناحية إسرائيل هو دور إيران في اقامة منظومة الصواريخ، في التوريد - الذي جرى عبر البحر والجو، وكذا في البر من سوريا الى لبنان. وإضافة الى المساعدة اللوجستية، فإن سوريا وإيران تنقلان الى حزب الله خبرات وتدريبات في تشغيل مثل هذه الصواريخ. التهديد ضد إسرائيل، الذي بني على مدى زمن طويل، هو بالتالي تهديد من جانب سوريا وإيران تديره المنظمة اللبنانية. يوجد فيه بعد استراتيجي بسبب مدى الصواريخ وواضح ان تشغيله، إذا ما تم، لا يمكنه أن يعد كحادثة حدود كبيرة بل كجزء من حرب شاملة. هذا الأمر يعرفونه في لبنان وبالأخص في سوريا. في تقارير سابقة للحكومة الإسرائيلية، وردت معلومات تفيد بامتلاك حزب الله في لبنان نحو 11 الف صاروخ من أنواع مختلفة، معظمها بمدى قصير المدى نسبيا، 20 30 كيلو متراً. وهذا يعني أن الحديث يدور عمليا عن كاتيوشا باقطار مختلفة. والان يتبين ان هذا العدد ازداد بنحو 20 في المائة، وبالاجمال يوجد لدى حزب الله في لبنان نحو 31 الف صاروخ من انواع مختلفة. وضمن هذا الرقم يوجد نحو 300 صاروخ من إنتاج إيراني تصل الى مدى أطول. ويدور الحديث عن صواريخ من نوع فجر 3, لمدى نحو 45 كيلو متراً، وفجر 5, لمدى نحو 75 كيلو متراً. وأضاف السوريون الى هذه المنظومة صواريخ ثقيلة من انتاجهم ذات قطر 220 ملم التي يبلغ مداها أكثر من 280 كيلومتر. ومؤخراً وصلت أنباء أنه أضيفت لمنظومة حزب الله صواريخ جديدة من انتاج ايراني. ليست كل التفاصيل عن هذه الصواريخ معروفة. أحد الأنباء يتحدث عن صواريخ مداها يصل الى 115 كيلو متراً. نبأ آخر يتحدث عن مدى 170 كيلو متراً، وربما نحو 210 كيلو مترات. ويدور الحديث عن ورود عشرات الصواريخ الثقيلة الجديدة ويبدو أنها ليست منشورة في منطقة جنوب لبنان لأنه لا حاجة لحزب الله لذلك فالصواريخ من مواقعها الجديدة والبعيدة عن الحدود الاسرائيلية تستطيع ضرب أي هدف في اسرائيل تقريبا. هذا ما سماه حزب الله والعديد من المراقبين بتوازن الرعب بين تل أبيب وحزب الله. وأضاف زئيف شيف في صحيفة هآرتس من غير المعقول أن تكون الحكومة اللبنانية وقادة الجيش لا يعرفون بوصول هذه الصواريخ، وفيما إذا كانت مخزنة في حدود بيروت. فنقلها إلى لبنان ينطوي على حملة لوجستية واسعة سواء بالطائرات أم عبر البحر. بعض الصواريخ نقلت برا من سوريا، بعد أن نقلت جوا من إيران الى مطار دمشق. وعلى مدى السنين الماضية كلها منذ بناء منظومة الصواريخ في لبنان، لم تضرب إسرائيل قافلة واحدة نقلت فيها الصواريخ. مثل هذه المنظومة تحتاج الى مخازن عديدة يمكن ضربها من الجو وبوسائل أخرى. وهذا يعني أن إسرائيل وحليفتها أمريكا لم يستطيعا بكل إمكانيات التجسس المتوفرة لديهما التوصل الى تحديد موعد وصول هذه الصواريخ اذا كانت تصل فعلا من إيران وليست من صنع لبناني وسوري مشترك. حزب الله نجح في إقامة توازن الرعب مع إسرائيل وهذا ما لم يتقبله تقريبا أي سياسي وصل الى الأمساك بمقاليد السلطة في تل ابيب كما لم يتقبله المحافظون الجدد في واشنطن. حذر جورج تينت في عدة مذكرات وجهت الى البيت الأبيض وفي نطاق تبادل المعلومات الاستخباراتية مع إسرائيل منذ منتصف سنة 1999 عندما كانت حرب المقاومة اللبنانية أو بالأصح هجمات حزب الله على أشدها ضد إسرائيل وجيش انطوان لحد العميل، من أنه يجب وضع حد لهذا الوضع لأنه أذا استمر فسيشكل تهديدا خطيرا لأسرائيل ولكل معادلة توازن القوى في الشرق الأوسط وسيشجع العرب عامة والفلسطينيين خاصة على اتباع نفس التكتيك اللبناني. يوم الأربعاء 22 شتنبر 2004 نشرت صحيفة البيان الإماراتية نقلا عن مصادر دبلوماسية أوروبية في بيروت عن وجود تقارير لدى الأوساط الأوروبية تتحدث عن قرار إسرائيلي بتنفيذ عمليات أمنية تستهدف قيادات المقاومة في لبنان وسوريا في الأسبوعين المقبلين. ونقلت صحيفة المستقبل اللبنانية في وقت متقارب عن هذه المصادر قولها إن إحدى السفارات الأوروبية فى بيروت طلبت من رعاياها أخذ الحيطة والحذر خوفا من حصول تطورات أمنية في الفترة المقبلة. من جهة أخرى نفت مصادر فلسطينية قيادية للصحيفة وجود أي ضغوط على قيادات المقاومة الفلسطينية المقيمة في دمشق، وأكدت أن المسؤولين السوريين يعتبرون وجود هذه القيادات مرتبطاً بقضية اللاجئين الفلسطينيين وإن سوريا لا تستطيع طرد أي قيادي منها ما لم تحل قضية اللاجئين ويتم تأمين عودتهم إلى بلادهم. وفي هذه الأثناء قال شارون يوم الثلاثاء 12 سبتمبر 4002 أنه لا يلمس تغييرا في السياسة السورية، رغم الإعلان عن إعادة انتشار حوالى ثلاثة آلاف جندي سوري في لبنان. وقال شارون في حديث الى الإذاعة العبرية يجد السوريون أنفسهم تحت ضغط الأمريكيين لأنهم يسمحون بمرور من سماهم بالإرهابيين الى العراق وقد قدموا مساعدة الى العراقيين خلال الحرب، وتقضي مصلحتهم الآن باتخاذ تدابير تساهم في تخفيف هذه الضغوط. وأضاف سأكون سعيدا جدا بالحوار مع أي دولة عربية، ولكن يجب أن نلمس على الأقل مؤشرا على أن النوايا السورية جدية وأن الأمر لا يتعلق بمناورة من أجل التخلص من الضغوط التي يمارسها الأمريكيون. وتابع لكي تلمس إسرائيل أن هناك منعطفا لدى السوريين، يجب رؤية أعمال فعلية لا كلاما، مثل تفكيك المقار العامة ومعسكرات التدريب للمنظمات الارهابية الفلسطينية الموجودة في سوريا والتي تنطلق منها الاوامر لتنفيذ اعتداءات في اسرائيل. وقال حتى الآن، يمنع السوريون اللبنانيين من نشر جيشهم في جنوب لبنان على طول الحدود معنا ويتركون حزب الله في هذا القطاع، الأمر الذي يتسبب باحتكاكات متكررة. هنا أتساءل هل الأمور تحتاج لمزيد من التفسير على الأقل حول الجهات التي يجب ألا تعتبر من المشتبه بهم في أغتيال الحريري ؟. تعميم الغباء عندما سيكتب التاريخ سيتساءل الكثيرون هل كان العالم غبيا الى هذا الحد في نهاية سنة 5002 عندما كلفت لجنة وصفت بالأممية بالتحقيق في عملية أغتيال رفيق الحريري؟. اللعبة واضحة وتسخر لها كل الأمكانيات، والنهاية ستكون توجيه الأتهام الى دمشق والرئيس لحود وربما الى قوى أخرى بتدبير أغتيال الحريري. يا ليتها من مصادفة أن يتكرر سيناريو أسلحة الدمار الشامل العراقية وهذه المرة مع سوريا وأتوقع لاحقا حزب الله بناء على تحقيق أممي سيوصف بأنه يليق بقصص أغاتا كريستي. يوم الجمعة 24 شتنبر 2005 كشفت صحيفة واشنطن بوست في مقال تحت عنوان ارتياح سوري لتحقيقات ميليس في دمشق عما وصفته بسعي الرئيس السوري بشار الأسد إلى إبرام صفقة مع الأممالمتحدة، على غرار الصفقة التي توصل إليها الزعيم الليبي معمر القذافي، تجنب دمشق عملاً عقابياً، إذا ما ثبت تورطها في حادث اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري. فيما أبدت سوريا ارتياحاً للجولة الأولى للجنة التحقيق الدولية. وقالت صحيفة واشنطن بوست: إن سوريا تحاول التفاوض حول صفقة تجنبها عملاً عقابياً من الأممالمتحدة، إذا ثبت تورط دمشق في عملية اغتيال الحريري في الرابع من فبراير الماضي، وهو ما تشير إليه التوقعات. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين وأوروبيين أن الرئيس بشار الأسد يبحث منذ شهر غشت 2005 عن إمكانية التوصل إلى صفقة مماثلة تقريباً للصفقة التي توصل إليها القذافي. وأنهت العقوبات الصارمة التي كانت مفروضة على بلاده بسبب تفجير طائرة بانام امس فوق بلدة لوكيربي الأسكتلندية عام 1988, وانتهت بتخلي ليبيا عن جميع برامج أسلحة الدمار الشامل. وقالت الصحيفة : إن مسؤولين أمريكيين وفرنسيين ومن الأممالمتحدة، أوضحوا لسوريا انهم لن يساوموا على التحقيقات الكاملة في اغتيال الحريري، أو على الخطوات الثانوية التي ستترتب على التحقيقات إلى أي مدى تصل إليه. ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي أوروبي كبير قوله: إن الأسد يتحرك لمواجهة لحظة الحقيقة، لحظة تحديد رئاسته، وإذا جاء في تقرير ميليس، المقرر أن يقدم في الخامس والعشرين من شهر اكتوبر ان الطريق (نتائج التحقيقات) تصل إلى الكبار في دمشق، فسيكون هناك زلزال سياسي. وقالت:إذا أثبتت التحقيقات تورط مسؤولين سوريين، فإن الأسد سيكون تحت ضغط لاعتقال المتورطين في الجريمة، أو مواجهة إدانة دولية، وإجراءات عقابية واقتصادية أو دبلوماسية. وامتنعت مصادر في الإدارة الأمريكية عن التعليق البيان على ما ذكرته واشنطن بوست. وقالت المصادر: إننا لا نعلق على تقارير صحافية، خصوصاً حول قضية بالغة الحساسية لاتزال التحقيقات فيها جارية، وعلينا الانتظار لنرى ما سيحتويه التقرير النهائي للتحقيق. كما رفضت المصادر الأمريكية التعليق على التقارير التي تحدثت في زيارة السفير السعودي السابق لدى واشنطن بندر بن سلطان إلى دمشق الأربعاء 21 شتنبر 2005 حاملاً مبادرة عربية ساهمت فيها القاهرة لتخفيف الضغط على سوريا. من ناحية أخرى أفاد مكتب الأممالمتحدة في بيروت أن لجنة ميليس ستعود خلال وقت قصير إلى بيروت من أجل إبلاغ رئيسها بنتيجة مهمتها في دمشق. ويواصل فريق صغير من الخبراء مهمته في سوريا، على أن يعود زخلال وقت قصيرس إلى بيروت، حيث اتخذت لجنة التحقيق مقراً لها منذ منتصف يونيو. ورفضت الأممالمتحدة حتى الآن كشف هوية المسؤولين السوريين الذين استجوبتهم اللجنة. وبحسب الصحف اللبنانية، فقد استمعت اللجنة إلى نائب وزير الخارجية السوري وليد المعلم، ووزير الداخلية حالياً، وقائد جهاز الأمن والاستطلاع السوري السابق في لبنان غازي كنعان، وخلفه رستم غزالة، واثنين من معاوني هذا الأخير في بيروت محمد خلوف وجامع جامع.. وذكر مصدر قريب من اللجنة رفض الكشف عن هويته لوكالة فرانس برس أن المهمة في دمشق زجرت أفضل مما كان يخشى ميليس ولكن ليس إلى الدرجة التي كان يأمل بها. من جانب آخر كشفت مصادر صحافية عن وجود لجان سياسية وقانونية وأمنية سورية لمتابعة مهمة ميليس لحظة بلحظة وسط جو من الارتياح في دمشق لسير عمليات الاستماع، خصوصاً أن المؤشرات تؤكد اعتماد لجنة التحقيق على شهادة المجند السوري زهير صديق، التي تفتقد إلى المصداقية بعد انكشاف حقيقته كصاحب سوابق جنائية. في الوقت الذي كانت التحقيقات تجري حول أغتيال الحريري صعدت واشنطن خطوات الإعداد لتشديد الحصار على دمشق، فيوم الاثنين 20 شتنبر 2005 ترأست وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس في نيويورك اجتماعا متعدد الأطرف حول لبنان بهدف تشديد العزلة علي دمشق علي الساحة الدولية حسبما أكدت وكالة فرانس برس. وضم الاجتماع الذي جرى في مقر الأممالمتحدة إضافة الى رايس، رئيس الوزراء اللبناني فؤاد السنيورة ووزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي والأمين العام للامم المتحدة كوفي عنان. وشارك أيضا وزراء خارجية بريطانيا جاك سترو وايطاليا جانفرانكو فيني ومصر: أحمد أبو الغيط والسعودية: الأمير سعود الفيصل وروسيا: سيرغي لافروف، الى جانب الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا. أعتقد أن البعض في هذا العالم المحاصر بآلة التضليل الأعلامية الأمريكية الضخمة لا يزال يذكر الحديث عن أن الأممالمتحدة وبعد أكتشفات لجان التحقيق التابعة لها في العراق على وشك التوصل الى حل مع حكومة بغداد تعترف فيها بخرق المعاهدات الدولية والالتزامات حول أسلحة الدمار الشامل مقابل تخفيف العقوبات الدولية. سيناريو مطابق لما حدث في بغداد يوم 22 شتنبر 2005 كتبت وكالة (يو بي آي) في تقرير لها : أن مزيجا من الترقب والحذر والإحباط يطبع ردود فعل الشعب السوري على مهمة ديتليف ميليس الذي يستمع خلف أسوار من السرية إلي عشرة مسؤولين سوريين قرب العاصمة دمشق. أسماء المسؤولين السوريين الذين يستمع إليهم ميليس منذ يوم الثلاثاء 20 شتنبر 2005 غير معلنه رسميا، وتتردد همسا، وإن يكن من باب التكهنات التي لا تتوقف عند محاولة استقراء ما سيحصل في سورية إذا اتهم ميليس أحد المسؤولين السوريين، أو أكثر، بالتورط في اغتيال الحريري بتفجير استهدف موكبه في بيروت في 14 فبراير الماضي، وقتل معه 20 شخصا، قبل أكثر من شهر علي انسحاب الجيش السوري ومخابراته من لبنان. وتزامنت تحقيقات ميليس مع حملة ضغوطات أمريكية مكثفة علي سورية. ويعزو البعض إلغاء الرئيس بشار الأسد مشاركته في القمة العالمية والجمعية العامة للأمم المتحدة إلي هذه الضغوطات. وتعذر الحصول على تعليقات من المسؤولين السوريين على مهمة ميليس، فيما تمحورت محاولات استقراء المصير حول سيناريو عراقي، وسيناريو ليبي. الأول يشير إلى غزو عسكري أجنبي للبلاد كما حصل لجارها العراق، والثاني، الأكثر تفاؤلا، يدور حول صفقة شبيهة بما أنجزه الزعيم الليبي معمر القذافي لإقفال ملفات ضلوع نظامه بعمليات تفجير طائرة الخطوط الجوية الامريكية فوق ضاحية لوكربي الاسكتلندية وتفجير ملهي لابيل الألماني، وما تلاها من تخلي طرابلس عن أسلحة الدمار الشامل وأي تدخل في شؤون الدول العربية. يستبعد المحلل السياسي مروان قبلان السيناريو العراقي. الولاياتالمتحدة، في رأيه، غارقة في العراق وليس لديها قوات إضافية للقيام بمغامرة عسكرية جديدة. ويشدد قبلان على أن الخوف الأكبر، والمتوقع، هو سيناريو العقوبات الاقتصادية لأن الوضع الاقتصادي في البلد لا يحتمل أي نوع من العقوبات الاقتصادية. وفي النهاية، فإن أي نوع من العقوبات التي ستفرض لن يتأثر بها سوى الفقراء والمحتاجين. العقوبات الاقتصادية التي أرهقت الشعب الليبي كانت، إلى حد كبير، الممر الذي قاد القذافي إلى ما يعتبره السوريون السيناريو الليبي ويتهيأ بعضهم للتعامل معه. ويري قبلان أنه إذا ما خرج التقرير (الذي سيصدره ميليس) بنتائج تعزز المخاوف فستقوم الدول الغربية بفرض عقوبات على البلاد رغم أن ذلك لن يحقق المآرب الغربية في حشر النظام وإضعافه. ويبقي الاقتصاد هاجس المواطن السوري، وتتفاوت التوقعات حيال ما ستستهدفه العقوبات الاقتصادية المفترضة في سورية، ومدى تأثيرها. ويقول طبيب الأسنان عادل هنيدي المقيم في دمشق أن سوريا مرت بتضييق مماثل في الثمانينات واستطاع السوريون أن يصمدوا. ولكن، في الثمانينات، كان الاتحاد السوفييتي قوة عظمي، وكان حليفا لنظام دمشق. المنظومة السوفييتية زالت من الوجود الآن، وتفككت جمهورياتها لتصبح دولا مستقلة، انضم عدد منها إلى الاتحاد الأوروبي، وإلى العدو القديم : حلف شمالي الأطلسي بزعامة الولاياتالمتحدة التي دعت وزيرة خارجيتها كوندوليزا رايس إلي زيادة الضغوط علي سورية. لكن هنيدي، الذي لا يتهيب العقوبات الاقتصادية، يقول: لا أعتقد أن ميليس سيجد أي إثبات بأن سورية متورطة لأن كافة المسؤولين السوريين نفوا أي علاقة لسورية باغتيال الحريري. ومع ذلك، أضاف هنيدي، لا شك أنه إذا ما آلت نتائج التقرير إلى فرض عقوبات اقتصادية علي سورية، فإن ذلك سيؤثر علي بناء الخطط التنموية المستقبلية.. ولكن معركتنا الأساسية هي مع إسرائيل، ونحن مستعدون لتحمل كافة التحديات والصعوبات التي ستواجهها البلاد. أما عماد بصبوص، العامل في قطاع تأجير السيارات، فيري العقوبات الاقتصادية من زاويته، معتبرا أن الخطر الأكبر سيكون علي قطاع السياحة والاستيراد والتصدير. تدمير الحقيقة قبل حوالي عقد من الزمن حذر مسؤولون في المخابرات الأمريكية في تقارير رفعت الى ساسة البيت الأبيض من أن الشبكة العنكبوتية للمعلومات (الانترنيت) ستشكل مستودع معلومات ثمين لكل أجهزة الاستخبارات خاصة تلك المصنفة كخصوم لأمريكا، كما ستصبح وسيلة اتصال للجميع وبدون قيود تقريبا. إجابات قادة البيت الأبيض على اختلافهم كانت واحدة تقريبا ولعل ذلك يعود الى أن الذين كتبوا الردود لم يكونو الرؤساء وإنما مستشاريهم وهم لا يتغيرون تقريبا فيما يخص توجهاتهم السياسية (أن الشبكة ستفيد أمريكا أكثر من خصومها لأنها ستشكل الوسيلة الأمثل لإتصال الوكالة مع عملائها عبر العالم دون أي قيود كما ستشكل منفذا لأمريكا ووكالاتها نحو كل اجهزة الكمبيوتر التي تدخل الشبكة في أي مكان من العالم. خبير في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية كتب في تقرير جرى التعرف عليه اعلاميا في أمريكا في منتصف العقد الأخير من القرن العشرين أن غزارة المعلومات التي ستتدفق على العالم عبر الشبكة العنكبوتية ستتضمن الكثير من الأسرار، ولكنها في نفس الوقت ستغرق غير القادرين على الجمع بين خيوطها في بحر يختلط فيه الكذب بالحقيقة ويحول بين الغالبية والاستفادة من بحر المعطيات المتوفرة في بحث شبه استخباراتي. وأن بإمكانية من يسيطر على الجزء الأكبر من وسائل الأعلام أن يموه على ما يقوله الخصوم وأن كان ساطعا كالشمس.