أصدر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بيانا حول طرد طلاب العلم غير الباكستانيين من باكستان، وعبر البيان الصادر بتاريخ 13 شتنبر 2005, عن قلقه إزاء قرار الحكومة الباكستانية، معتبرا القرار مخالفة لما عرف عن دولة باكستان، التي أقيمت باسم الإسلام لتحمي أهله وتساهم في حمل شعلة حضارته، ونشر فقهه وفكره في شبه القارة الهندية وما حولها من البلاد، وفي ما يلي نص البيان: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه. فإن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين قد تلقى بقلق بالغ الأنباء التي نشرتها جهات عديدة حول اعتزام الحكومة الباكستانية طرد نحو (1400) طالب غير باكستاني من طلاب العلم الشرعي في المدارس الدينية من باكستان، وإعادتهم إلى بلادهم. إن هذا القرار هو الأول من نوعه في تاريخ بلدان العالم الإسلامي كافة، التي جرى العمل فيها دائما على فتح أبوابها أمام الطلاب المسلمين، من جميع الأقطار، للتزود بالعلم الديني الذي تقدمه مدارسها وجامعاتها وعلماؤها، والتي وقف الخيّرون عليها الأوقاف ليستمر عطاؤها. وليس بعيدا عنّا أن الأزهر يضم حتى اليوم أروقة تحمل أسماء البلدان التي يأتيه منها الطلاب؛ فهناك رواق الشوام ورواق المغاربة ورواق الأتراك ورواق الأكراد ورواق دارفور، وغيرها من الأروقة الإسلامية التي أوفدت أبناءها على مرّ التاريخ إلى هذا المعهد العريق، والجامعة الإسلامية في المدينةالمنورة تقوم بدور مقارب لما بدأه الأزهر منذ نشأته، ولا يزال مستمرا فيه حتى الآن. وقل مثل ذلك عن الزيتونة في تونس، والقرويين في فاس، والحوزات الكبرى في العراق وإيران والمدارس الإباضية في سلطنة عمان، وغيرها من الكليات والمعاهد في ليبيا وشرق أفريقيا. ويلفت نظر الاتحاد في هذا الشأن: أن باكستان على وجه الخصوص دولة أقيمت باسم الإسلام لتحمي أهله وتساهم في حمل شعلة حضارته، ونشر فقهه وفكره في شبه القارة الهندية وما حولها من البلاد، وقد أتاحت منذ نشأتها فرص التعليم لمن وفد إليها، من أي بلد كان، وخصوصا من البلاد التي يعيش المسلمون فيها أقلية. كما أنشأت الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام آباد لتتسع لأبناء المسلمين في آسيا وغيرها. ولذلك فإن الاتحاد يهيب بالحكومة الباكستانية أن تعيد النظر في هذا القرار، الذي نحمد الله أنه لم ينفذ حتى الآن، ويأمل الاتحاد مخلصا أن تؤدي إعادة النظر في هذا القرار إلى احتفاظ باكستان بطابعها الإسلامي المعطاء الذي يمكن طلاب العلم من التزود منه في مدارسها وعلى أيدي علمائها. ويذكر الاتحاد الحكومة الباكستانية بوجه خاص، وحكومات العالم الإسلامي بوجه عام: بأن النزول عند الضغوط الأجنبية التي لا تحركها إلا رغبات سياسية لا تهتم بالشأن الإسلامي وأهله ودوله، إلا من وجهة نظر مصالحها الآنية الضيقة: أمر يضر ولا ينفع ويهدم ولا يبني، ويضعف ولا يقوي، وقد أخذ الله تعالى العهد على العلماء أن يبينوا ولا يكتموا. قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ ) البقرة: 951,وقال تعالى: (وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ ) آل عمران187:. وإعمالا لهذه التوجيهات القرآنية: يعلن الاتحاد قلقه العميق وأسفه الشديد للأنباء المتداولة حول طرد طلاب العلوم الدينية من باكستان ويقرر أن هذا القرار لا يتفق مع قيمنا الإسلامية، ومواريثننا الحضارية، ومع طبيعة جمهورية باكستان الإسلامية، ودورها الريادي في العالم الإسلامي، ومع ما أوجب الله على المسلمين من التكافل والتعاون في ميادين الحياة، ولا سيما في ميدان التعليم والثقافة. والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا، وأن القوي يأخذ بيد الضعيف، وواجب العالم أن يعلم الجاهل، وبهذا يكون المسلمون أمة واحدة كما أمر الله. وفي الحديث: ما بال أقوام لا يفقهون جيرانهم ولا يعلمونهم ولا يعظونهم ولا يأمرونهم ولا ينهونهم، وما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم ولا يتفقهون ولا يتعظون؟ والله ليعلمن قوم جيرانهم ويفقهونهم ويعظونهم ويأمرونهم وينهونهم، وليعلمن قوم من جيرانهم ويفقهون ويتعظون أو لأعاجلنهم بالعقوبة في الدنيا. والمأمول أن ينضم إلى نداء الاتحاد بالعدول عن هذا القرار العلماء المسلمون كافة، وأن تقوم الحكومة الباكستانية بما يوجبه عليها الشرع الحنيف من تمكين طلاب العلم من طلبه وتلقيه دون عقبات أو معوقات (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ) الحج: 40